«كيف هُزمنا؟».. إسرائيل تكشف كواليس جديدة عن حرب أكتوبر (فيديو وصور)
كشف أرشيف الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، كواليس محضر اجتماع قياداته بعد حرب أكتوبر عام 1973 – والمعروفة إسرائيليًا بـ«حرب يوم الغفران» - والذي عقده شموئيل جونين جوروديش قائد المنطقة الجنوبية داخل سيناء حينها، مع عدد من الجنود والضباط، الذي عادوا من الأسر في مصر.
وسمح أرشيفت الجيش الإسرائيلي، بنشر محضر اجتماع الجنرال جونين جوروديش مع الأسرى المُفرج عنهم من مصر، وذلك بمناسبة الذكرى الـ48 لاندلاع حرب أكتوبر – وفق التقوم اليهودي الذي يحل فيه يوم الغفران – ويبدأ من مساء غدًا الأربعاء.
معلومات جديدة عن حرب 6 أكتوبر 1973
وأكد أرشيف الجيش الإسرائيلي أن الضباط الإسرائيليين العائدين من الأسر في مصر كانوا غاضبين من فشل قيادتهم العسكرية، إذ كان الاجتماع مشحونًا، بحسب ما وصفه موقع «واللا» الإسرائيلي.
وأجرى جوروديش، الذي كان يلقب بـ«الملك» في الجيش الإسرائيلي، زيارة إلى المصحة النفسية في مدينة «زخرون يعقوب» بحيفا المحتلة، لمقابلة الجنود الذين عادوا من الأسر في مصر.
وخلال ذلك الاجتماع، سأل أحد الضباط: متى سنحصل على إجابات؟، ليرد عليه قائد المنطقة الجنوبية في سيناء حينها بأنه يُجرى تحقيق فيما حدث، وأنه ربما كان لديه مفاهيم خاطئة في إدارة الأوضاع.
الملك عاريًا.. فشل المخابرات العسكرية الإسرائيلية
وكذلك، وجه عساف ياجوري أكبر ضابط في القوات البرية الإسرائيلية، والذي اعتقله الجيش المصري في حرب أكتوبر، سؤالا استنكاريا إلى جوروديش، قائلا: "كيف أصبح الملك عاريًا في يوم واحد؟"، مشيرًا إلى فشل شعبة الاستخبارات العسكرية في الحرب، وعدم تعاملها بالشكل الذي يليق، خاصةً أنهم كانوا يعتبروها أفضل جهاز مخابرات عسكري حول العالم.
وكشف الأرشيف الإسرائيلي أنه بعد أربعة أيام من اندلاع الحرب، ذهب رئيسي الأركان ديفيد إلعازر وحاييم بارليف، إلى جوروديش، وبعد التحقيق، كُشف أن الأخير لم يقم بدوره كما ينبغي خلال الحرب.
ونشر أرشيف الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو لحديث رئيس الأركان حينها، تحديدا يوم 8 أكتوبر 73، وهو يتساءل عن تهور قائد المنطقة الجنوبية، وكيف تعامل بشكل سيء للغاية مع الأوضاع؟.
لمشاهدة الفيديو..
وبعد خمسة أيام من إقالته فعليًا من منصب قائد القيادة الجنوبية، التقى جونين جوروديش بالضباط والجنود الذين عادوا بعد شهر من الأسر في مصر، وكان لقاء مشحونًا بمشاعر الغضب والألم والاتهامات القاسية.
كواليس اليوم الأخير قبل حرب أكتوبر
وبدأ الاجتماع بمراجعة جوروديش لما سبق الحرب، تحديدًا يوم 5 أكتوبر 1973، وقت تم الإعلان عن حالة التأهب «ج»، بينما استمرت تدريبات الجيش المصري، وموضحًا أنه كانت هناك مناقشات في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية حول ما إذا كان هذا تدريبًا فقط أم لا، واستقروا في نهاية المناقشات على معاملة الأمر بانه مجرد تدريب، وأن احتمال الحرب ضئيل للغاية.
وقال جوروديش: "في يوم 6 أكتوبر، الساعة السابعة صباحًا، أبلغتني هيئة الأركان العامة أن الحرب المتوقعة يمكن أن تندلع الساعة السابعة مساءً"، وفي وقت لاحق خلال الاجتماع، اعترف جونين بأنهم كانوا في حالة خمول: "لقد ذهبنا إلى النوم في ذلك اليوم اعتقادا أنه لن تكون هناك حرب".
وأشار قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي إلى أنه كان هناك فخًا صعبًا واجهه المستوى السياسي في إسرائيل، عشية إندلاع حرب أكتوبر، إذ قالوا إنه لا يمكن شن ضربة استباقية ضد الجيش المصري لأن أمريكا لن تسمح لهم بذلك.
ماذا رصدت إسرائيل قبل أسابيع من حرب أكتوبر ؟
وخلال الاجتماع الذي كشف أرشيف الجيش الإسرائيلي عن كواليسه، روى جندي من لواء «ناحل» يدعى «إيهود»، مدى التقصير والإهمال الذي ارتكبه القيادات، راويًا ما رآه كجندي بسيط على خط قناة السويس، بينما رفض القادة الاقتناع به، قائلا: "قبل 3 أسابيع من الحرب رأينا نشاطًا غير تقليدي، وقبلها بأسبوعين رأينا العديد من الجنود، منهم جنود (الكوماندوز) ونحن رأينا وقيمنا الأمور وسجلنها، إلخ. ومن ثم عملنا يوما كاملا عبر الجرارات لبناء محطات للدبابات والبطاريات".
وتابع: "قبل أسبوع ونصف من الحرب أتيت لزيارة، وسألت: ماذا تعرف عن كل هذه المعدات؟، وأبلغت الضابط القائد بأنه ستكون هناك حرب، لكنهم لم يصدقونا".
وأكمل إيهود بإحباط: "أعتقد أن التقارير توقفت ولم تصل إلى حيث ينبغي أن تكون.. كانوا دائما يقولون إننا لا نرى جيدًا، ولكن الجيش المصري في تلك الأيام التي سبقت اندلاع الحرب، قد تم تنظيمه وحشد قواته عبر القناة".
خدعة التدريب للجيش المصري.. وخيبة أمل إسرائيلية
من جانبه، قال جونين جوروديش إن الأمر أسوأ هو أن التقارير لم تتوقف، وأن الجيش الإسرائيلي اعتقد أن ما يحدث من قبل الجيش المصري كان تدريبًا وليس ترتيبًا للهجوم، لكنه سيرفع درجة الاحتياط لكن ربما لم تندلع الحرب.
وهنا تحدث ضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي، بخيبة أمل،: "حتى قائد حصن (أوراكال) الإسرائيلي، والذي كان متمركزًا في سيناء، رأى العديد من الاستعدادات والتقدم للجيش المصري ذلك العام، وشاهد في بورسعيد مدمرات ودبابات وذخائر مصرية يتم تفريغها، بينما لم تيسطر المخابرات العسكرية على الميناء".
جنود الجيش الإسرائيلي لا يعرفون استخدام الأسلحة
وكشف ضابط الاحتياط الإسرائيلي عن مستوى منخفض جدًا من الجاهزية، مضيفًا: "تم إغلاق المواقع المخصصة للدبابات وكان هناك جنود لا يستطيعون التعامل مع الأسلحة الشخصية، كنت في موقعي بخمسة جنود، وهو العدد الأقل المسموح للجنود، أخذتهم من المدرسة الدينية (يشيفا) كي يكسروا التفرغ المفروض دينيا يوم السبت.. في الواقع يجب أن يتم تقييمهم على أنهم (وقود للمدافع) – أي أنهم في الصفوف الاولى - لكني فوجئت بأن الجنود لم يعرفوا حتى علامة (قفص الحمام) التي كان المقصود منها الإعلان عن وجود هجوم للجيش المصري".
وبعدها عاود جوروديش الحديث، للإجابة على استفتسارات بعض الجنود، قائلًا: "أدركنا بعد يومين من الحرب أننا نتعامل مع جيش مصري آخر، واتضح أن هناك هجوم لفرقة كاملة، وأنهم (الجيش المصري) لم ينهار".
معاناة الأسرى الإسرائيليين نفسيًا جراء الهزيمة
وحول إدعاءات جندي بأن لواء الاحتياط ذهب إلى الحرب بدون ذخيرة مدفع رشاش، رد جونين بأن هذا الأمر هو «فضيحة».
وفي نهاية اللقاء، بحسب محضر الاجتماع في أرشيف الجيش الإسرائيلي، قال جونين جوروديش للجنود: "هناك أمر غامض في إسرائيل، يجب ألا يكون لها شركاء، والحرب لم تنته، وخطط العرب بالنسبة لنا لم تتغير".
وقالت وثائق الأرشيف الإسرائيلي إن الجنود حملوا ندوبًا نفسيا من الحرب والأسر، بينما تعرض جونين لانتقادات شديدة من قبل لجنة «أجرانات»، التي حققت في أسباب اندلاع الحرب، وفشل في إعادة تحسين موقفه، وتوفي في عام 1991، عن عمر ناهز الـ61 عامًا، إثر نوبة قلبية.