الكنيسة الكاثوليكية تحيي ذكري رحيل القديس يوحنا
تُحيي الكنيسة الكاثوليكية اليوم، ذكري رحيل القديس يوحنا ذهبي الفم الأسقف ومعلم الكنيسة، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد - الفرنسيسكاني، سيرته قائلاً: “ولد القديس يوحنا ذهبى الفم في مدينة أنطاكية سنة 354م، في عصر استشرى فيه الفساد وانتشرت فيه الآثام والمعاصى، حيث كانت تشيع فيه روح البذخ والتنعم والافتخار بالثروة، وامتلاك القصور والعبيد والإماء، والانهماك في الشهوات والملذات”.
وتابع: “كان القديس يوحنا ذهبى الفم يراقب كل هذا عن كثب، ورغم أن المناخ كان يتسم بالفساد، إلاّ أنه سلك بالتقوى التي نشأ عليها، وكرّس حياته لنشر كلمة الإيمان، وتحقيق حياة الفضيلة، والسعى في خلاص النفوس بلا فتور”.
وأضاف: “في كل هذا لم يكن يخشى أحدًا مهما كانت مكانته، بل إنه هاجم أباطرة بسبب سلوكهم غير المستقيم، وأيضًا لم يكن يتردد لحظة في مقاومة الظلم مهما كلفه هذا من متاعب ولم يثنيه الاضطهاد عن التمسك بمبادئه والتشبث بالحق”.
وأكمل: "كان والده قائدًا للجيش، أما أمه وتدعى أنثوسا، فقد ترملت في سن مبكر جدًا، وقد رفضت هذه الأرملة الشابة التقية الزواج مرة أخرى وكرّست كل حياتها لتربية يوحنا تربية روحية مستقيمة. ولقد كان لهذه النشأة الروحية أكبر الأثر في حياته فيما بعد فقد مارس حياة النسك فعليًا حتى أثناء تواجده مع أمه".
وواصل: “لكن بعد انتقالها، ترك منزله وتوجه إلى البرية ليقضى 4 سنوات في النسك إلى جوار ناسك سورى، ثم قضى سنتين بمفرده في احدى المغائر في جبال أنطاكية. لكن تدهور حالته الصحية أجبره على العودة إلى المدينة (أنطاكية). وقد تعمق في العلوم اللاهوتية أثناء فترة تنسكه تعمقًا كبيراً ، ظهرت نتائجه في تعاليمه اللاهوتية حتى أنه لقب بذهبي الفم . في عام 381م رسم شماساً وفي عام 386م رسم كاهناً”.
من هذه اللحظة بدا خدمته الحقيقية ونشاطه المكثف، وصارت له شهرة واسعة، حيث ذاع صيته من خلال عظاته المتميزة وقدرته على الخطابة ولم تقتصر خدمته فقط على عمله الوعظى والتبشيرى، لكنه انشغل أيضًا وبشكل أساسى بأعمال الرحمة في خدمة الفقراء والمعوزين، ولهذا فقد كرّس جزءً كبيرًا من حياته في خدمة المحتاجين، الأمر الذي جعله محبوبًا جدًا في كل أنطاكية. وقد عاش حياة متقشفة، وكان ملبسه خشنًا ومأكله بسيطًا وكان يدوام على افتقاد الفقراء في بيوتهم ويزور المرضى والمسجونين ليخفف من آلامهم، وبهذا السلوك قد أكد على أن الحياة التعبدية لا يمكن ولا ينبغى أيضًا أن تكون فى عزلة عن الحياة العملية .
وفي عام 397م وبأمر من الإمبراطور اركاديوس ذهب الى القسطنطينية ن لتقلد الكرسي البطريركي ، فقد أجمع الكهنة وكل الشعب على تزكيته لهذا المركز الرفيع على غير رغبته، وقام برسامته البابا ثافيلوس الأسكندرى سنة 398 ومنذ ذلك الحين عاد النظام إلى بطريركية القسطنطينية، فإعتنى بالحياة الروحية للمؤمنين وكثف من عمله التبشيرى ونجح في ضم كثيرين من الهراطقة والوثنيين إلى الطريق المسيحي القويم. وبسبب استقامة رأيه وجرأته في الحق، تصادم مع كثيرين منهم الإمبراطورة أفذوكسيا والوزير الأول في الإمبراطورية أفتروبيوس.
ووُجهت له اتهامات عدديدة وأُجبر على النفى ولكن بسبب زلزال أصاب المدينة (القسطنطينية) قال البعض إنه حدث بسبب نفيه أمرت الإمبراطورة بعودته من المنفى لكن بعد شهرين من عودته اختلف مرة أخرى مع أفذوكسيا، وأُقتيد إلى المنفى، وكانت أول محطة له هى مدينة كوكوسوس الأرمنية، وبعد وقت قليل صدر أمر آخر بإرساله إلى مدينة بيتوندا في الضفة الشرقية للبحر الأسو لكنه لم يصل إلى هناك لأن الطريق كان طويلاً وشاقًا. وبسبب المتاعب الكثيرة والمعاملة السيئة التي لاقاها، ورحل في الطريق سنة 407.