المفتي: بناء الوعي الصحيح يبدأ بنبذ مفاهيم الفرق الضالة ومحاربتها
شارك الدكتور شوقي علام- مفتي الجمهورية- في فعاليات مشروع استعادة الوعي بكلية دار العلوم الذي تقيمه الكلية بمحاضرة عن بناء الوعي ومكافحة التطرف.
وأشار مفتي الجمهورية خلال مشاركته في فعاليات مشروع استعادة الوعي بدار العلوم، أن قضية بناء الوعي الصحيح قضية أصيلة في المفهوم الإسلامي؛ فالمسلم الحق هو الذي يبني وعيه ليس على معرفة الخير من الشر فقط، بل على إدراك أي الخيرين أفضل ليفعله؛ ومن ثم تأتي أهمية المنظومة الإفتائية والمقاصدية كجزء من أدوات الوعي السديد مثلًا لذلك. فالفتوى لها رباعية، كلها تُعنى بالتوثيق والتبصر، تبدأ أولًا من التثبت؛ وهو إجابة سؤال: هل؟ ثم الفهم؛ وهو إجابة سؤال: ماذا؟ وقد أنشئت له منظومة علوم على رأسها علم أصول الفقه، ثم: لماذا كان ذلك الحكم؟ وعليه خرجت نظرية التعليل، ثم: كيف؟ أي كيف ينزَّل النص على الواقع؟ فنحن أمام منظومة متكاملة للوعي والسعي.
وأردف أن هناك ما يُعرف بالتخلية في هذا المقام، وهي نبذ مفاهيم الفِرق والجماعات الضالة ومحاربتها، وهي قضية أساسية عند كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ممثلًا لذلك بحديث حذيفة رضي الله عنه وأرضاه: "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر؛ مخافة أن يدركني". وحتى يمكن بناء العقل الواعي لا بد من إزالة المفاهيم والتصورات المخالفة للتصور الصحيح.
وحذر من أن الجماعات المتطرفة درجت على بناء وعي مزيف، باستغلال العاطفة الدينية والحماسة الإيمانية مع قلة العلم فأسسوا مجموعة من المفاهيم كانت عاملًا مهمًّا في تغييب العقل وتزييف الوعي.
وأضاف أن من أخطر المفاهيم المزيفة التي روجتها تلك الجماعات المتطرفة مفهوم جاهلية المجتمعات الإسلامية مع إقامتها للشعائر الدينية وحبها لله ورسوله والإسلام، وهو بمثابة التكفير الصريح للأمة الإسلامية التي هي خير أمة أُخرجت للناس.
وأردف أن ما حدث مع الخوارج الذين ناظرهم عبدالله بن عباس نموذج يحتذى للرصد والتحليل في التعامل مع الخوارج.
ولفت الانتباه إلى رصد ابن عباس ما عندهم من أفكار وشبهات، محللًا كلمة ابن عباس: جئتكم من عند أمير المؤمنين، التي تدعو إلى التمسك بالدولة، ومن عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي تدعو إلى المنهج السديد في مقابل منهجهم المزيف.
ثم استعرض جهود دار الإفتاء المصرية لرصد الفكر المتطرف وتحليله في كتاب "التأسلم السياسي" الذي رصد الثمرات الخبيثة والفشل لهذه الجماعات على مدى التاريخ.
وانتقد جهود الوعي المزيف مستنكرًا غزو العقول التي لم تنضج بالتلقين المحض، من غير رجوع للمنهج العلمي والعلماء المعتبرين، والمؤسسات التي ورثت المنهج كابرًا عن كابر.