«الجارديان»: مسئوليات الولايات المتحدة تجاه أفغانستان لا تنتهي بانسحابها
رأت صحيفة الجارديان البريطانية أن مسؤوليات أمريكا تجاه أفغانستان لا تنتهي برحيلها، فثمة واجبات يتعين على واشنطن أن تضطلع بها تجاه هذه الدولة، كما أنه يتعين عليها ألا تدير ظهرها للأفغان الذين يواصلون التعايش مع عواقب ذلك.
وقالت الصحيفة -في مقال افتتاحي أوردته عبر موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء- إن الواجب الأول لواشنطن تجاه كابول يتمثل في أن تفعل كل ما في وسعها، وفي حدود إمكانياتها المحدودة للغاية، لدعم أولئك الذين ما زالوا موجودين في أفغانستان، وكذلك كل ما يمكن فعله لحمل طالبان على الالتزام بالتعهدات التي قطعتها على نفسها.
أما عن واجبها الثاني فهو يكمن في تحمل المسؤولية عن أفعالها، بدءا من الضربة الأخيرة التي نفذتها بطائرة بدون طيار. فثمة حاجة للتحلي بالمسئولية والصدق ورد الحقوق لأصحابها، مشيرة إلى أن هذا هو الأمر الأكثر أهمية لأنه يشمل بذل جهد "فوق الأفق" لمكافحة الإرهاب، ويهدف إلى معالجة التهديدات المتجددة في أفغانستان من بعيد- مما يؤدي إلى زيادة المخاطر.
وأضافت الصحيفة أن ثمة لحظتين -في الوقت الحالي- هما اللتان تلخصان المشاهد الأخيرة من أطول حرب خاضتها أمريكا. إحداها كانت رؤية الصورة الليلية المخيفة لآخر جندي أمريكي على متن الرحلة الأخيرة للجيش من أفغانستان. بينما كانت اللحظة الثانية تلك التي شهدها اليوم السابق لصورة الجندي الأمريكي، عندما ترد أنباء أن ضربة انتقامية استهدفت تنظيم داعش أودت بحياة 10 مدنيين، بينهم ستة أطفال على الأقل.
فاللحظتان معا، تولدان الإحساس باليأس والضياع، بعد إنفاق ما يقرب من 20 عاما و2 تريليون دولار فضلا عن حالة اللامبالاة التي غالبا ما خيمت على الوجود الأمريكي وانسحابه والتكاليف التي يتكبدها الأفغان جراء ذلك.
وأشارت الجارديان إلى أن اختيار التاريخ الانسحاب وتنفيذه بطريقة فوضوية ومتسرعة قد سلط الضوء على الخسائر التي سببها -وكانت حياة الأفغان هي الأكثر خطورة من بين تلك الخسائر- وأيضا لمكانة أمريكا. فمكانة الدولة -التي بدت مشوهة بالفعل عقب صعود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ثم هجوم مؤيديه على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021 والتعامل الكارثي مع أزمة كوفيد- تتضاءل أكثر وتحولت إلى مشاحنات مع أحد أقرب حلفائها حول من يتحمل المزيد من المسؤولية عن عشرات الأفغان و 13 جنديا أمريكيا قتلوا في قصف مطار كابول.
ومضت الصحيفة تقول إنه على الرغم من كل إخفاقات التدخل الأمريكي، بدأ الكثيرون في أفغانستان بصياغة أسلوب حياة أفضل ويحدوهم الأمل في الحرية والسلام هناك. كما أن الكثير ممن كرسوا أنفسهم لإعادة بناء بلادهم فروا الآن إلى الخارج. في حين لا يستطيع الآخرون عمل نفس الشيء.
واختتمت الصحيفة البريطانية افتتاحيتها قائلة إنه على مدى العقدين الماضيين، فقد عشرات الآلاف من المدنيين الأفغان حياتهم. لقد عانوا ليس فقط من قبضة طالبان، ولكن أيضا كانت معاناتهم على أيدي القوات الحكومية الأفغانية والجيش الأمريكي. وقالت واشنطن إنها ليست في وضع يسمح لها بمعارضة التقارير التي تفيد بأن غارة الطائرات بدون طيار ليلة الأحد أودت بحياة مدنيين؛ ولكن الأمر المؤكد هو أنه منذ عام 2001 ، تسببت العمليات الأمريكية الفردية والمشتركة في مقتل عدد كبير جدا من الأبرياء دون حتى الاعتراف المناسب بذلك أو التعويض عنه، وهو ما يجعل مسئولية أمريكا تجاه أفغانستان لا تنتهي عند انسحابها من أراضيها، ويجب ألا تدير ظهرها للأفغان الذين يواصلون التعايش مع عواقب ذلك.