منير القادري يُبرز دور «التربية الروحية» في تحقيق التوازن
تناول الدكتور منير القادري، دور التربية الروحية في تحقيق التكامل والتوازن بين متطلبات الروح وحاجات الجسد، مبينًا أن المجتمعات المعاصرة في حاجة الى القيم الأخلاقية التي تعيد إليها توازنها الروحي، وتحقق لها استقرارها النفسي، كما تطرق في ذات السياق الى أهمية الاستثمار في العامل البشري و الرأسمال اللامادي الوطني .
جاء ذلك خلال مداخلته في الليلة الرقمية الثامنة والستين، ضمن فعاليات “ليالي الوصال” الرقمية التي تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال بالمملكة المغربية.
وأشار في بدايتها الى أن “التوازن سنة مِن سُنن الحياة، وَسِرٌ من أسرار البقاء، وأنه سيبقى سببًا لاستمرارية الحياة وبقائها على وجه المعمورة إلى أن يشاء الله تعالى”، مستشهدًا بعدد من الآيات القرآنية.
وتابع "الإنسان مطالب بتحقيق التوازن والاعتدال في حياته اليومية بين العبادات والمباحات، وقول نعم ولا، وبين العمل الدنيوي والحرص على الآخرة"، موضحًا أن التوازن في الإسلام أصل أصيل في منهج التربية الإسلامية الراشدة، وأن النظرة الشرعية للإفراط تماثل النظرة للتفريط، وأن نزوح الإنسان بنفسه نحو أحدهما يُفقِده القدرة على تحقيق رسالته المنشودة في الحياة بأداء مهمّة الاستخلاف وعمارة الأرض.
وأضاف "القادري" أن “من أروع الأمثلة العملية والتوجيهية في التوازن الروحي والمادي، ما ورد عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا، كأنهم تَقَالُّوها (أي: عَدُّوها قليلة )! فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟! قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تأخَّرَ قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِر، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا؟! أَمَا واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي » رواه البخاري ومسلم”.
وواصل "ثمة أوجه أخرى لفقدان جوهر وروح هذا الدين، إما بالإفراط في العبادات على حساب السعي و الكد في تحصيل أسباب العيش وإما بالاكتفاء بأداء الشروط الظاهرية للعبادة والتفريط في معانيها الروحية حتى صارت أشباح بلا جوهر لا تنهى عن فحشاء ولا منكر".
ولفت إلى أن “التوازن في علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بالناس، وعلاقته بالمخلوقات حوله هو سبب سعادته في الدارين الدنيا والآخرة”.