على قطب: نهاية الأبطال أتصورها واضحة قبل أن أكتب
نهاية العمل الأدبي أو ما يمكن أن نسميه إذا جاز التعبير "القفلة"، سواء في القصة القصيرة أو الرواية، أمر شديد الأهمية للكاتب والمبدع، وهو ما يطرح السؤال، هل نهاية العمل الأدبي تكون مسبقة في ذهن الكاتب، أم أنها تتغير من حين لأخر، أم أن سير السرد وحبكته، ومصائر شخصيات العمل الأدبي وموضوعه هي التي تفرض هذه النهاية؟ وغيرها مما يخص هذه الجزئية شديدة الأهمية في العمل الإبداعي الكتابي.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب الشاب علي قطب لــ"الدستور": كيمياء النهايات لها تأثير خاص بالنسبة لي، نحن نرى العالم في لحظة لا نعرف ما خلفها لكن في لغة الأحوال، الوجوه، التجاعيد، الصمت المؤلم، الانغلاق، أو هيستريا البوح للغرباء، كل هذه الأشياء تشدنا لنعرف ما خلفها، نهاية الأبطال أتصورها واضحة قبل أن أكتب، الشروع في الكتابة هو نداء النهاية، فكل نهاية تنادي أصحابها، ترسم ملامحهم، تضع خطوط العلاقات بينهم، تستصرخ أعماقهم، تقصد قارئهم، تكاد تحدد أماكنهم في ذهن المتلقي.
واستطرد كاتب "كل ما أعرفه": فالأسئلة المطروحة على الأديب أيضًا: ما الذي يبقى من شخصياتك؟ ما الذي يبقى من عالمك؟ ما الذي يبقى من كلمتك؟ والقارئ يستعيدك مثلما تستعيد أنت أيها الكاتب حياة شخصياتك المتخيلة؛ لأنك في الغالب التقطتهم من البشر المطروحة في الطريق.
وأوضح "قطب": أنا أرى شخصياتي في العالم وأتخيلها وأحلم بها وأكمل السيرة الخفية المستترة التي أتصورها في هيئاتهم، وبالتالي البداية من النهاية هي المدخل الذي يبعث الواقع حيويًا في الكتابة، وأقصد هنا الواقع الاجتماعي والواقع النفسي للكاتب، هذا هو ما ألاحظه عند نجيب محفوظ في حديث الصباح والمساء، فلقد رتب الشخصيات زمنيًا، فكانت البداية من الحفيد وكانت النهاية إلى الجد، أي أنه كتب تاريخ فني لنحو مئتي عام في مصر من الحملة الفرنسية إلى ثمانينيات القرن العشرين بشكل عكسي، وهذا يلح علي في الكتابة بالذات في الرواية الأخيرة "كل ما أعرف"، فقد كنت أرى مصائر الشخصيات قبل البدء في الكتابة، رأيتهم في غربتهم وانتظارهم لأمل ينجز صبرهم، وقد عبرت عن ذلك بوعي كل شخصية وحاولت أن أمنح مشاعري لهؤلاء الذين يسكنون الورق.
أما في الرواية السابقة "أنثى موازية" بدأت من قرب النهاية، كانت لحظة جدلية تتحرر فيها الشخصية من سجن طويل وربما كان السياق التاريخي محفزًا لذلك وكانت عبير بطلة الرواية هي الروح المعبرة التي تتنفس سعيًا إلى حضورها وحريتها، أما في رواية ميكانو والتي صدرت عام 2011 كانت الحكاية تفكيك لشخصية البطل فكنت أبحث داخله عن المكونات التي أثرت في بنيته المغلقة ظاهريا في حين أنها تتفاعل في أعماقه وتؤثر في نهايته.