تعزيز التعاون الدولى فى مجال اللقاحات
منذ اجتياح فيروس كورونا العالم فى أوائل عام 2020 وإصابته حتى الآن أكثر من 200 مليون من البشر فى جميع أنحاء المعمورة، مع تسببه فى وفاة أكثر من 4 ملايين من البشر، تتكاتف وتتعاون الدول من أجل مواجهة هذا الفيروس اللعين وتداعياته الاقتصادية، من ازدياد البطالة والتضخم ووقوع ملايين فى جميع البلدان تحت خط الفقر، كل ذلك بجانب الصراعات والحروب الداخلية التى تغذيها الرأسمالية الكبرى المتوحشة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضًا الكوارث الطبيعية من أعاصير وفيضانات وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير لم نره من قبل، نتيجة التغيرات المناخية بفعل الاحتباس الحرارى الذى تسببت فيه الدول الصناعية الكبرى باعتداءاتها المستمرة على البيئة، وصناعاتها الملوثة للبيئة، وقد أدت هذه الصراعات والكوارث إلى نزوح ولجوء وتشرد الملايين من البشر هربًا من الموت والجوع والفقر.
ومع بداية تفشى الفيروس تم التعامل معه باعتباره كارثة إنسانية تقتضى التعاون والتكاتف بين جميع الدول، كما تقتضى مساعدة الدول الكبرى للدول الفقيرة والنامية ذات الدخل المنخفض، وكانت الصين من أوائل الدول التى تعاملت بهذه الطريقة الإنسانية هى وكوبا وروسيا، حيث أسرعت الصين بمد الدول بالمستلزمات الطبية الوقائية والعلاجية، بل وأرسلت طواقم طبية للعديد من الدول لنقل وتبادل الخبرات، كما بدأت الأبحاث بخصوص اللقاحات لمواجهة الفيروس، وطالبت الدول والشركات الكبرى بالتعاون من أجل توزيع عادل لللقاحات، وساعدت عددا من الدول لإنتاج اللقاح، منها مصر والبرازيل والإمارات وإندونيسيا.
ومن الجدير بالذكر أن رئيس الصين تعهد فى الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية بأن الصين ستجعل اللقاحات منفعة عامة عالمية، وستسهم فى إتاحة اللقاح والقدرة على تحمل تكاليفه فى البلدان الفقيرة.
وفى نفس الوقت تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها عدد من الدول الرأسمالية الكبرى، من منطق مافيا تجار الدواء والأمصال واللقاحات، بمعنى كيفية الاستفادة من الكارثة لتحقيق وجنى الأرباح من تصنيع اللقاحات والتحكم فى الاستيلاء عليها من الشركات «فايزر الأمريكية وأسترازينيكا الإنجليزية السويدية» رغم الدعاية والأحاديث التى ثبت كذبها عن معاونة الدول الفقيرة وإعطاء مرفق الوصول العالمى للقاح «كوفاكس» حصة لتوزيعها على الدول النامية لتكفى تلقيح ما يقرب من 20% من سكانها.
وما زالت شحنات اللقاح التى وصلت إلى الدول النامية قليلة جدًا ولم يتم إعطاء اللقاح إلا لحوالى 5% فقط من سكانها.
وأمام هذا التوزيع غير العادل للقاح «كوفيد- 19» عُقدِ فى الصين المنتدى الدولى حول التعاون بشأن لقاح كورونا عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» فى أوائل شهر أغسطس الحالى 2021، تحت عنوان "تعزيز التعاون الدولى فى مجال اللقاحات"، وقدم من خلاله الرئيس الصينى، شى جين بينج، كلمة جاء فيها: "ستظل الصين ملتزمة بفكرة مجتمع عالمى للصحة للجميع، وتعزيز التعاون الدولى بنشاط بشأن اللقاحات"، كما أشار الرئيس الصينى إلى أن بلاده ستسعى جاهدة لتوفير مليارى جرعة لقاح على مدار العام، وتقديم 100 مليون دولار أمريكى لمرفق «كوفاكس».
وفى نفس المؤتمر عبر «الفيديو كونفرانس»، قال وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية وانج يى: "إن التوزيع غير العادل للقاحات يؤدى إلى (فجوة تمنيع) هائلة بين البلدان"، كما أشار فى جانب آخر إلى أنه لا بد من تقديم المزيد من المساعدة للدول الفقيرة، والعمل على نقل التكنولوجيا والإنتاج التعاونى، مع ضمان سلاسل التوريد العالمية للمواد الخام، ومعالجة عجز التوزيع عن طريق الإتاحة الشاملة، وتفعيل دور الحكومات والمؤسسات والمنظمات الدولية بشكل كامل، والتنازل عن حقوق الملكية الفكرية على اللقاحات الخاصة بفيروس «كوفيد- 19».
ومن أهم ما قاله وانج يى: "إننا نضع الأرواح فوق أى شىء، ولا بد من استخدام اللقاح لإنقاذ الأرواح وليس كوسيلة للبحث عن المصالح الخاصة لدولة ما".
إننى أتفق مع ما قاله وزير خارجية الصين فى نهاية كلمته على أنه لا بد من تحقيق الإتاحة الشاملة للقاحات، والقدرة على تحمل تكاليفها فى البلدان النامية، وأن يوفر البنك الدولى تمويلاً مناسبًا وشاملاً لبحوث اللقاحات وتطويرها وإنتاجها وشرائها.