«الدستور» تتابع مستجدات «تبطين الترع»: توفير 5 مليارات متر مكعب من المياه
عصيّة على الحصر تلك المشروعات العملاقة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ توليه الحكم فى العام ٢٠١٤، وكان الهدف منها وضع حجر الأساس لـ«الجمهورية الجديدة»، بما يغير وجه مصر، ويضعها فى مكانة متقدمة بين دول العالم خلال سنوات قليلة تتخللها إنجازات ضخمة.
ومن بين تلك المشروعات يبرز المشروع القومى لتبطين الترع، الذى يجرى تنفيذه ضمن خطة طموحة لتعظيم الاستفادة من المياه، وتقليل الهادر، الذى يقدر بنحو ١٩ مليار متر مكعب.
وتبلغ أطوال الترع ٣٣ ألف كيلومتر تقريبًا، تمتد من الإسكندرية حتى أسوان، وجرى إنشاؤها فى عهد محمد على، أى قبل ٢٠٠ عام تقريبًا، وإضافة لمشكلة هدر المياه تتسبب تلك الترع والمصارف فى مشكلات صحية وبيئية بسبب استخدامها كمكبات للنفايات والصرف الملوث.
ومن هنا تتضح أهمية المشروع ودوره الرئيسى فى تحقيق التنمية الشاملة ضمن رؤية مصر ٢٠٣٠، وهو الأمر الذى تبرزه «الدستور» ويوضحه المسئولون عن المشروع خلال السطور التالية.
«الرى»: الدولة تتحمل التكلفة بالكامل.. ولا أعباء على المواطن
قال المهندس أحمد غانم، المتحدث باسم وزارة الرى، إن المشروع يستهدف توفير نحو ٥ مليارات متر مكعب من المياه المهدرة، مشيرًا إلى أن تنفيذ المشروع يجرى تحت مظلة المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، بالتوازى مع مشروعات أخرى ضمن المشروع القومى لتطوير قرى الريف.
وأضاف أن مصر تمتلك شبكة واسعة من الترع جرى حفرها قبل قرون، لكن طالها الإهمال بسبب سلوكيات بعض المواطنين الذين يلقون القمامة والجيف فى الترع، لافتًا إلى أن المشروع يستهدف تبطين ٣٣.٥ ألف كيلومتر من الترع، و٢٠ ألف كيلومتر للمصارف.
وتشمل المرحلة الأولى العمل على تبطين ٧ آلاف كيلومتر، على أن يجرى الانتهاء من المرحلة المرحلة التالية فى النصف الثانى من ٢٠٢٢.
وشدد «غانم» على أن الدولة تتحمل تكلفة المشروع بالكامل دون أن يتحمل المواطن أى أعباء مالية إضافية.
عبدالعاطى: مواصلة العمل بأعلى معدلات التنفيذ
وجه الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، بمواصلة العمل بالمشروع القومى لتأهيل الترع بأعلى معدلات للتنفيذ، مع مراعاة الاشتراطات والمعايير الفنية، ومواصلة أعمال الرقابة والإشراف، من خلال مهندسى الوزارة ولجان التفتيش والكوادر العلمية بالجامعات المصرية بالمحافظات.
واجتمع وزير الرى، أمس، مع رجب عبدالعظيم، وكيل الوزارة المشرف على مكتب الوزير، والمهندس محمود السعدى، مستشار الوزارة لشئون مجلس النواب وإدارة المياه، لاستعراض الموقف التنفيذى للمشروع القومى لتأهيل الترع.
وأكد، خلال الاجتماع، أن الهدف من المشروعات القومية الجارى تنفيذها حاليًا فى مجال المياه هو تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المائية والحفاظ عليها وتحسين الوضع الاقتصادى والاجتماعى لجميع المزارعين.
وأضاف «عبدالعاطى» أن أعمال تأهيل الترع أحدثت تحسنًا كبيرًا فى عملية إدارة وتوزيع المياه، ووصول المياه إلى نهايات الترع بسهولة، مع حصول المزارعين على حصتهم من المياه فى الوقت المناسب، بالإضافة لما يحققه المشروع من مكاسب كبيرة، سواء على المستوى البيئى أو الاجتماعى أو الاقتصادى.
يذكر أنه تم الانتهاء من تأهيل ترع بأطوال تصل إلى ٢٢٩٧ كيلومترًا بمختلف محافظات الجمهورية، ويجرى العمل على تنفيذ ٦١٩٤ كيلومترًا أخرى، مع تدبير اعتمادات مالية لتأهيل ترع بأطوال تصل إلى ٤٢٤ كيلومترًا تمهيدًا لطرحها على المقاولين، ليصل بذلك إجمالى أطوال الترع التى شملها المشروع ٨٩١٥ كيلومترًا حتى الآن.
«مصلحة الرى»: يخدم الفلاح.. ويحقق العدالة بمختلف المناطق
ذكر المهندس محمود السعدى، رئيس مصلحة الرى، أن الهدف الرئيسى من المشروع هو الاستجابة لشكاوى المنتفعين وتوصيل المياه لهم، مشيرًا إلى أن حصة مصر من مياه نهر النيل ثابتة منذ عام ١٩٥٩ وتقدر بنحو ٥٥.٥ مليار متر مربع.
وقال «السعدى» إن وزارة «الرى» تعمل بنظام الورديات فى إطلاق المياه داخل الترع، حيث يتم إطلاقها لمدة ٥ أيام متواصلة، ثم يتم التوقف لمدة ١٠ أيام، لافتًا إلى أن «الترع الطينية القديمة لم تكن عميقة بالقدر الكافى أما الحالية فتصل الأعماق إلى ٣ أمتار».
وأضاف أن الزيادة السكانية- التى تقدر بـ٢.٥ مليون مواطن سنويًا- قادرة على التهام كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب، مشيرًا إلى أن المواطن يعانى من قلة المياه بسبب إهدار نسبة كبيرة منها، وبالتالى هجر الفلاح مهنته وتصحرت الأراضى، لذا فإن الدولة تعمل على إعادة المنظومة لمسارها الصحيح؛ للحفاظ على رصيد مصر الزراعى.
ولفت إلى أن الترع فى مصر عانت لسنوات طويلة من وجود كميات كبيرة من الحشائش والمخلفات التى تعوق وصول المياه إلى الأراضى الزراعية، ومن ثم «بدأ المشروع من محافظة بنى سويف التى عانى معظم قراها من ندرة المياه، رغم أنها من المحافظات المهمة للغاية فى الزراعة المصرية».
وكشف عن أنه تم الانتهاء من تأهيل وتبطين نحو ٢٧٠٠ ترعة حتى منتصف أغسطس الماضى، مؤكدًا أن الرئيس يتابع بنفسه الأعمال المنفذة فى المشروع؛ لضمان إنجازها فى أسرع وقت، خاصة أن المشروع يسهم فى إعادة الزراعة المصرية إلى سابق عهدها.
وقال إن هناك فوائد عديدة لتبطين الترع، منها وصول المياه إلى النهايات، وبالتالى تحقيق عدالة التوزيع، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا من المزارعين كانوا يشتكون من عدم وصول المياه إليهم وتكبدهم خسائر كبيرة وفادحة.
وأضاف: «رغم أن تكلفة المشروع كبيرة جدًا، إلا أنه أسهم فى توفير ملايين الجنيهات التى تنفق سنويًا لتنظيف الترع من الأشجار والحشائش، وكذلك النفايات المتراكمة التى تعوق المياه».
وواصل: «على المواطن معرفة أهمية المشروع والإلمام بكل مراحله، وبالتالى لا يهمل فى الترع مستقبلًا، وفى حالة تجاوز أحد المواطنين فإن من حق وزارتى الرى والتنمية المحلية إعمال قانون الرى، الذى يقضى بتوقيع عقوبة إلقاء القمامة فى الترع المبطنة التى تصل فيها الغرامة إلى ١٠ آلاف جنيه والإحالة للنيابة العامة».
وتابع: «كان الفلاح ينتظر من ٤ إلى ٥ أيام حتى تصل المياه إليه، أما بعد تبطين الترع فأصبحت تصل إليه بسهولة، وبالتالى تقليل الوقت، فالمياه تصل إلى الترعة بالكامل فى ساعة واحدة فقط».
واختتم: «هناك ٢٠ قرية ستستفيد من المشروع بعد الانتهاء منه تمامًا، وبجانب ذلك فإنه أسهم فى توظيف آلاف العمال، وبالتالى إنعاش الاقتصاد خلال فترة جائحة فيروس كورونا المستجد».
مشرف ببنى سويف: العمل يستمر على مدار الـ24 ساعة لعدم تعطيل مصالح الأهالى
أكد المهندس أحمد نصر، رئيس هندسة الرى بمحافظة بنى سويف المشرف على عمليات التبطين هناك، أن الصعوبة الأولى التى واجهتهم فى التنفيذ كانت فى ضيق المجارى المائية، لأن الترع كلما كانت صغيرة كانت مشكلاتها أكبر، لأن قطاعها يكون صغيرًا ويسهل جدًا حدوث اختناقات بها، ومن هنا ازدادت صعوبة القطاع التصميمى للترع وتيسير تدفق المياه بها.
وقال إن من أهم الصعوبات التى واجهت القائمين على العمل ضيق مدة تسليمه، فى حين أن عملية التجريف والردم بالحصى وحتى تسطيح القاعدة الأسمنتية تستغرق وقتًا طويلًا، لكن لا يتحمل أهل الريف تفريغ المجرى المائى مدة طويلة، لذا كان المهندسون يعملون تحت ضغط رهيب لتنفيذ التزامهم فى أضيق وقت، وكانت دوريات العمل تستمر لـ٢٤ ساعة.
وبيّن أن المشروع يوفر كميات هائلة من المياه، مع توفير مشروعات تطهير المياه التى كانت تنفذها وزارة الرى بشكل سنوى بتكلفة مالية ضخمة، فى حين أن التبطين يعمل على تطهير الترع من الحشائش العالقة التى كانت تعوق حركة المياه وتزيد من تلوثها، مع إضافة المظهر الجمالى النظيف الذى ستبدو عليه الترع بعد عمليات التبطين تلك.
وعن أوضاع العاملين، قال «نصر» إن العمل كان يمثل تحديًا حقيقيًا أمامهم؛ لأنهم يعملون خلال عشرة أيام فقط ثم يتوقفون من أجل فتح الترعة للمزارعين لمدة ٥ أيام، ثم يعودون مرة أخرى لاستكمال المشروع، وهكذا، ليستطيع الفلاح القيام بأعماله الزراعية دون أى تعطل، وهو ما يمثل بالطبع ضغطًا عليهم. وتابع: «مهندسو الرى كانوا يجاهدون، على مدار السنوات الماضية، من أجل إصلاحات مؤقتة لتيسير أمور الفلاحين، وكانت مشكلات الترع لا تتوقف وتعوق عمل أصحاب الأراضى، لذلك كان الأمر أشبه بمرض يحتاج لعملية جراحية، وكنا نعطى المريض مسكنًا، أما الآن فالدولة تقيم غرفة عمليات فى كل المحافظات لمعالجة أذرع النيل الممتدة فى كل المحافظات».
مقاول: الكيلومتر يتكلف 3 ملايين جنيه
كشف المهندس محمد الصاوى، من المقاولين المشاركين فى تنفيذ المشروع بمحافظة المنوفية، عن أن تكلفة تبطين كيلومتر واحد من الترع تبلغ ٣ ملايين جنيه.
وقال «الصاوى» إن مبادرة «حياة كريمة» والشركات المعاونة لها تبذل مجهودات كبيرة لتنفيذ المشروع فى أسرع وقت ممكن وبأعلى جودة، لافتًا إلى أنه جرى الانتهاء من تبطين نحو ٨٠٠٠ كيلومتر بالترع الرئيسية و٣٥٠ مترًا بالترعة الجانبية الرابعة بالمنوفية من أصل ١٥٠٠ متر، خلال شهرى مايو ويونيو الماضيين، ومن المقرر الانتهاء من تبطين الترعة بالكامل أكتوبر المقبل.
وذكر أنه جرت الاستعانة بـ٧٥ عاملًا ومشرفًا فى كل موقع، بإشراف ٥ مهندسين، للانتهاء من العمل فى التوقيت المحدد، مشيرًا إلى أن فريق العمل يضم مساحين ونجارين وسائقى لوادر وفنيين، ما يوضح أن المشروع وفر فرص عمل كثيرة جدًا للشباب.
ونوه بأنه كصاحب شركة مقاولات، يتولى مسئولية جلب المواد الخام من شركات مصرية، لأنها تمنحه أفضل الأسعار والمواصفات، مؤكدًا أن وزارة الرى تتابع العمل بشكل دائم، إذ ينفذ مسئولو الوزارة جولات ميدانية يومية للوقوف على مستجدات العمل وتذليل العقبات.