سامح محجوب يُقدم رؤية فنية وجمالية للعالم فى «مجاز الماء»
يقدم الشاعر سامح محجوب، في ديوانه "مجاز الماء" التي صدرت طبعته الثانية مؤخرا، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، رؤية فنية وجمالية للعالم انطلاقا من التفاصيل اليومية البسيطة، وانعكاساتها في المخيلة الجماعية، وتماسها مع الأساطير والأفكار الكبرى الراسخة في الوجدان.
بداية من القصيدة الأولى في ديوانه "مجاز الماء"، يبرر “محجوب”، الغرض والهدف من الكتابة: "أكتب كي أهزم موتي"، لتصبح الكتابة في أبهى تجلياتها رديفا للخلود، وتنهال الصور الشعرية في إيقاع محكم منضبط ذات حس مأساوي في أغلب الأحيان، ليتمثل من خلال تلك الصور العذابات البشرية الفكرية والوجدانية والعاطفية والمادية، ورغم تنوع العذابات وكثافتها وامتدادها عبر القصائد وكأنها تعبر عن مأساة الإنسانية عبر العصور، إلا أن الحس العاطفي والإيروتيكي يتسلل بين حين وآخر إلى القصائد عبر صور أخاذة ليخلق مفارقات غرائبية، هي ابنة الحياة اليومية، كأن الشاعر يسعى إلى أسطرة الواقع أو وقعنة الأسطورة بطريقة فنية يمتزج فيها الخيال مع الإيقاع مع النوستالجيا.
ويعد ديوان "مجاز الماء" للشاعر سامح محجوب، قفزة شعرية في مسيرته الإبداعية الشعرية، ويعبر عن إحدى تجليات الشعر الحر وعلاقته باليومي والمعاش، ولا يخلو الديوان من بعض النصوص التي تنتمي لقصيدة النثر أيضا.
يشار إلى أن الشاعر سامج محجوب سبق وصدر له ثلاثة دواوين شعرية أخرى، أولها ديوان تحت عنوان "لا شىء يساوي حزن النهر" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2006، والثاني "الحفر بيد واحدة" عن دار إيزيس 2010، وصدرت الطبعة الأولى من ديوان "مجاز الماء" عن دار تويتة 2016، وأخيرا ديوان "يفسر للريح أسفارها" الصادر عن دار فضاءات في الأردن 2019.
ومن إحدى قصائد ديوانه "مجاز الماء" والمعنونة بـ"شبق انفراد"، نقرأ:
لا تَشغلُني هندسةُ الأعضاءْ
الطولُ، اللَّوْنُ، الحجمْ
رسمٌ تخطيطيٌّ لا أكثرْ
ما دُمتُ سأمنحُها شَبَقي الصحراويّ
ما دمتُ سأمنحُها رُوحي الملتاثةَ بكْ
فاجلسْ تحتَ قِبابي واستغفرْ
قُبَّتيَ كَنيسةْ
ولسانُكَ أجراسْ
فاقضِمْ يا آدمُ تفَّاحي
واصعدْ أشجاري الآنْ
تتعامدُ شمسُ الرغبةِ فوقَ سَريري في النصفِ الثاني من كُلِّ صباحْ
بعضي يَغزِلُ بعضي أشباحًا من فوضى
امرأةٌ في المرآةِ ..
وأُخرى تحتي
مَن منَّا الأُنثى؟!
مَن منا الشُّرْفَةُ والعالَمْ؟!
مَن منا الحُبلى بالأُخرى؟!
مَن منا الإصبعُ والخاتَمْ؟!
مَن منا الظِّلُّ اليابِس؟!
مَن منا المرآة؟!
الزفرةُ واحدةٌ ..
والآهةُ واحدةٌ ..
والماءُ يُفَرِّقُهُ الغيمُ على الصَّحراءْ
رائحتُك تَصعدُني الآنَ ..
فهَيِّئْ مُتكأً للوردِ الطَّاعِنِ في العشقِ
لِمُواءِ القِطَّةِ تحتَ ثِيابي
أنا باب اللعنة فادخلني
جَسَدِي أفواهٌ عَطْشى ..
ومناديلُ وَداع
ضاجعتُ أثاثَ الغرفةِ
حتى الإعياءْ
ضاجعتُ أناملي المرتعشة..
حتى انفرطتْ حَبَّاتُ التُوتِ
وانهمرَ الماءْ
لا تَشغلُني هندسةُ الأعضاءْ
تشغلُني رُوحُ الأشياءْ
ضِحكتُها اللا معقولةُ فرحًا ووجوما
رقصتُها فوقَ زُجاجِ العُمرِ المكسورْ
شهقتُها اللاعنةُ المُلتاعةُ ..
آهتُها الرعناءْ
الوثبُ صُعودًا ونزولاً تحتَ خَيالٍ ساخِنْ
جاءَ ليسرقَ كالعادةِ ..
إحدى الليلاتِ الباردةِ الجوفاءْ