ما بين التنظير والواقع
فى كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء الاحتفال بافتتاح العديد من المشروعات السكنية بمدينة بدر جاءت عبارة، يبدو أن البعض لم يتوقف عندها كثيرًا، وهى «هناك فرق كبير بين التنظير وحل المسألة».
وقد استوقفتنى تلك العبارة وذلك لما شعرت به من أن السيد الرئيس، الذى يبذل جهودًا جبارة ويسابق الزمن لتحقيق مستقبل أفضل للبلاد ليس بالكلام ولكن بالجهد والعرق والتضحية من أجل الأجيال القادمة، يرى أن هناك من لا يشعر بما تبذله الدولة وتلك التحديات التى تواجهها ويقوم بانتقاد تلك الجهود، بل ويرسم خطوات نظرية بعيدة تمامًا عن الواقع الذى نعيشه، بل إن البعض منهم يستقى معلوماته من خلال شبكات التواصل الاجتماعى التى تسيطر على العديد منها عناصر مدربة على أعلى مستوى من شباب الإخوان الذين يبثون سمومهم وأفكارهم المغلوطة عبر تلك الحسابات الوهمية، ويشككون فى تلك الإنجازات التى نراها جميعًا على أرض الواقع تتحقق يوميًا على رءوس الأشهاد.. وهنا نرى مدى تأثير تلك الكوادر من شباب الإخوان وانعكاساتها على مريدى شبكات التواصل، حيث نرى المعلومة الخاطئة تنتشر مثل النيران فى الهشيم فى أسرع وقت، بل إنها تتسع بشكل أكبر وأكبر كلما زاد تداولها ليشعر المتلقى بأنها معلومات حقيقية، فى حين أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من الحقيقة، مع البعد الكامل عما يدور على أرض الواقع وانعزال تام عن ميادين العمل، واقتصار العرض والتفكير على تصورات وتحليلات واقتراحات على الورق فقط، غالبًا ما تكون مبنية على مثاليات غير موجودة فى الحقيقة، ووضع نتائج أفضل من تلك التى تتحقق بالفعل، وذلك على طريقة «لو كان تم تطبيق كذا وكذا.. كانت قد تحققت نتائج أفضل بكثير من تلك التى تحققت»، وبطبيعة الحال فإن الشخص العادى عندما يقرأ مثل هذه الاقتراحات والتصورات لا بد أن يصاب إما بالإحباط أو بوجود تقصير فى أداء الجهات المختصة، فيبدأ بانتقاد أمور من المؤكد عدم إلمامه الكامل بها ولا بالمناخ المحيط بتنفيذ الأهداف التى تسعى الدولة إلى تحقيقها.
بلادنا، يا سادة، مرت بظروف قاسية، زادت قسوتها منذ يناير ٢٠١١ عندما تداعت أركان الدولة وكادت أن تصل إلى مرحلة الانهيار، وجميعنا عاصر تلك الظروف والتحديات والتهديدات التى جاءت نتيجة محاولات إسقاط الدولة المصرية بدعم من دول أجنبية وإقليمية وأجهزة استخباراتية على أعلى مستوى.. وزاد من سواد تلك المرحلة هذه السنة الكبيسة التى استولت فيها جماعة الإخوان الإرهابية على حكم البلاد، إلى أن أسقطها الشعب مدعومًا بقواته المسلحة فى ثورة تاريخية غير مسبوقة.. وعندما تولى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى قيادة البلاد، كانت الصورة تكاد تكون قاتمة، حيث وصلت البطالة والمديونيات والتحديات والجرائم والإرهاب إلى أعلى معدلاتها.. حيث بدأ فى التصدى منذ اليوم الأول، بل وقبل ذلك، لجميع هذه التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وكذلك محاولات زعزعة استقرار البلاد من الداخل والخارج، حيث سقط الشهداء، وتنصل بعض الدول التى كانت صديقة من دعمها الدولة المصرية.. ويومًا بعد يوم بدأت الأمور تستقر، والنجاحات تتوالى، والشعب يلتف حول قائده، وتحولنا بعد فترة زمنية وجيزة من دولة تضمد جراحها إلى دولة فتيّة تبحث عن مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة.. وبدأت عمليات الإعمار والتشييد والصناعات والزراعات تنمو وتزدهر يومًا بعد يوم.
وبالرغم من كل ما نراه من تقدم وازدهار فما زال المنظرون يلهثون بحثًا عن أى سلبية يتعلقون بها ويحاولون تضخيمها وتصدير صور غير حقيقية وسلبية عن الواقع الذى نعيش فيه.. وهنا يأتى دور الإعلام الوطنى فى التصدى لهؤلاء الانهزاميين الذين يتصورون أنهم من العالمين ببواطن الأمور، وهم أساسًا مغيبون عن الحد الأدنى من المعلومات التى تتعلق بأى مشروع من تلك المشروعات العملاقة التى تقوم بها الدولة على مدار اليوم.
إن من لا يملك المعلومة لا يجوز له إطلاقًا أن يصدر قرارات أو يضع تصورات، لأنه سوف يبنى هذا التصور على لا شىء.
فلنبتعد عن الاجتهادات والخيالات، ونترك أصحاب الشأن يواصلون رسالتهم القومية والتنموية طالما وضعنا ثقتنا فيهم، ونتابع تنفيذ تلك الأهداف التى عقدوا العزم على إتمامها بما يحقق رفعة شأن الوطن..
وتحيا مصر.