أكاديمي جزائري لـ«الدستور»: الحرائق المفتعلة فشلت في نشر الفتنة بالبلاد
علق لخضر بولطيف أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة المسيلة في الجزائر، على موجة الحرائق المنتشرة في الجزائر خلال الفترة الحالية.
وقال بولطيف في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إنه لا يمكن إغفال الظرفية المناخية التي تتسم بارتفاع قياسي في درجات الحرارة، على مستوى دول حوض البحر الأبيض المتوسط، مما تسبب في اندلاع حرائق متعددة في أكثر من دولة كما لا يمكن إغفال طبيعة الغطاء النباتي المتضرر أساسا من شدة الجفاف، ما يجعل من قابليته للاشتعال عالية.
وتابع بولطيف "لكن ذلك لا يعني بحال استبعاد العامل البشري، سواء من قبيل الإهمال واللامبالاة أو من قبيل الأفعال العمدية المقصودة".
وأضاف بولطيف أنه في الجزائر حيث مست الحرائق قطاعا غابيا على نطاق واسع في عدد من الولايات الشرقية ذات التضاريس الجبلية الصعبة، وفي وقت متزامن، أثار ذلك توجسات الجهات الأمنية، من أن يكون وراء اندلاع الحرائق جهات معادية، تسعى لإثارة القلاقل وخاصة في الولاية الأكثر تضررا، وهي ولاية "تيزي وزو"، التي ما فتئت تمثل بؤرة للقلاقل السياسية، بحكم كونها الحاضنة البشرية لأكثر الأحزاب السياسية مناكفة للنظام الحاكم في تاريخ الجزائر.
وأشار بولطيف إلى أنه على الرغم من اعتقال عدد من المشتبه فيهم، والذين يُعتقد أن يكونوا متورطين في إشعال الحرائق في هذه الولاية وغيرها من الولايات، وعلى أن التحقيقات الأمنية لا تزال جارية معهم، فلا يتوقع أن يُتوصل إلى حقيقة ما جرى، أو قد تقتضي المصلحة العليا للبلد عدم التصريح بالحقائق المتوصل إليها كافة للجمهور، كما هو الحاصل في عدد من القضايا المماثلة.
وتابع بولطيف "لكن، وكيفما يكون، فإن الحرائق، إن ثبت فعليا أن وراءها أياد آثمة، وأن الغرض منها هو الدفع نحو تفجير الوضع في المنطقة، وبالتالي جعل النظام الحاكم في مأزق سياسي، وهو الذي تبوأ مقاليد السلطة في أعقاب حراك شعبي لا يرى أنه قد حقق جل أهدافه، فإنها أي الحرائق المفتعلة تكون قد فشلت فشلا ذريعا في بلوغ مراد أصحابها، إذ أن الهبة الشعبية التضامنية التي جعلت شرائح شبابية واسعة من أقصى الجزائر إلى أدناها تهرع إلى المناطق المتضررة -وبخاصة تيزي وزو- تكون قد دفعت في الاتجاه المعاكس في اتجاه مزيد من التلاحم والتعاضد والتسامي فوق الاعتبارات الجهوية والإثنية، وهو ما لم تعكّر عليه الجريمة الشنعاء التي راح ضحيتها أحد الشباب الجزائري، فقد تغلب في النهاية صوت العقل والرويّة، ولم ينجر الشارع الجزائري وراء أبواق الفتنة التي حاولت إشاعة القلق والفوضى، وتغذية خطاب الكراهية والعنف.