صاحبة «نهاية العالم ليست غدا» أول مسلسل يتناول أجواء غرائبية
في ذكرى وفاتها.. علوية زكي أول مخرجة للدراما في التليفزيون المصري
لا يعتبر مسلسل «ما وراء الطبيعة» الذي عرضته منصة «نتفليكس» العام الماضي٬ العمل الدرامي التلفزيوني الأول الذي يتناول أجواء غرائبية فانتازيا٬ فقبل 38 عاما في سنة 1983 عرض التلفزيون المصري «نهاية العالم ليست غدا» للمخرجة علوية زكي٬ والتي تحل اليوم الذكري الثانية لرحيلها عن عالمنا، والتي تعد أول مخرجة للدراما في التلفزيون المصري.
فازت علوية زكي بجائزة الدولة التقديرية، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولي عن مجمل أعمالها.
قام ببطولة مسلسل «نهاية العالم ليست غدا» كل من: حسن عابدين والعظيم الجبار توفيق الدقن في دور الدرديري أبو الفرج٬ وعبد الرحمن أبو زهرة. المسلسل قصة وسيناريو وحوار يسري الجندي.
وتعد فكرة المسلسل رائدة في تناول الشكل الخيالي أو الفنتازي في الدراما التلفزيونية٬ قدمته مخرجته علوية زكي بلا ضجيج ولم تسبقه ببيان أو كتالوج شامل مانع يضم تعليمات مشاهدته كذلك الذي أصدره المخرج عمرو سلامة قبل عرض مسلسله ما وراء الطبيعة.
المدهش في فكرة مسلسل «نهاية العالم ليست غدا»٬ تناولها لوجود كائنات غير الإنسان في الكون٬ ووجود حياة أصلا بعيدا عن الأرض٬ أو ما اصطلح على تسميتهم بــ«الكائنات الفضائية»٬ هذه التيمة في أفلام الخيال العلمي والتي تعتبر حكرا على هوليوود٬ أي أن موضوع وجود كائنات من عوالم أخري٬ وعندما تتواصل مع البشر يكون مع الأمريكان فقط وهوليوود حصريا٬ لكن يسري الجندي كسر هذا الاحتكار٬ وتقريبا كان من أوائل الناس التي تكلمت عن تصنيع أو إحداث كوارث صناعية٬ سواء زلازل أو براكين أو اختلالات في المناخ عموما وهو ما سوف يشهده العالم حقيقة في أقل من عقد من الزمن٬ ظاهرة الاحتباس الحراري نموذجا.
نأتي لشخصية العالم في المسلسل الدكتور الدرديري أبو الفرج، كان يتحدث طوال الوقت عن عالم الشمال الذي ليس لديه أي مانع أو تردد في إبادة عالم الجنوب بأكمله٬ أو حتى نصفه على أقل تقدير ليستمر عالم الرفاة الذي يعيشه.
وتناول المسلسل أيضا فكرة الاحتلال الناعم بشتي أقنعته بعد أن رحل الإستعمار العسكري الكلاسيكي٬ وإن الإنجليز وغيرهم رجعوا ثانية للبلدان الذين أجلوا عنها عسكريا٬ في صورة احتلال اقتصادي في من خلال الشركات العابرة للجنسيات والقوميات٬ وهذا الذي سنسخر منه لاحقا ونحن نردد طرفة «المجلس الأعلى للعالم».
لكن من قرأ رواية «شرف» لصنع الله إبراهيم والتوثيق المعرفي فيها٬ سيعرف أنها ليست مزحة بل هي كواليس من يملكون إدارة العالم.
وحتي من يقرأ ما كتبه باحثين وكتاب غربيين٬ كما في كتاب «صناعة الجوع» علي سبيل المثال سيجد ما طرحه المسلسل عن السيطرة على مقدرات البشر من خلال عدة أفراد وشركات اقتصادية عابرة للحكومات والدول.
ومن أهم النقاط التي أثارها المسلسل فكرة التخلص من الزيادة السكانية للعالم مع ثبات الموارد الطبيعية٬ وتقلصها بمرور الوقت٬ وهو طرحته مراكز بحثية ومنظرين اجتماع واقتصاد وسياسة٬ تسرب في أفلام سينمائية٬ منها: «World War Z -Outbreak -Contagion»، وما يجمع الأفلام الثلاث أنها تتناول تعمد تخليق جراثيم وفيروسات فتاكة جاهزة للإطلاق في أية لحظة تبعا لمصالح عالم الشمال٬ وهو ما قاله وطرحه بشكل مباشرة وبدون مواربة٬ فيلم توم هانكس «Inferno» وتردد بقوة على خلفية وباء كورونا.
وفي حوار لها عن المسلسل نشر بمجلة الكواكب، قالت المخرجة علوية زكي: «الكائنات الفضائية التي ظهرت في العمل الدرامي هي جزء من العمل وليست العمل كله، بدليل أنها ظهرت في الحلقات الأخيرة. أما من ناحية إعجابي بهذا المسلسل فهذا يرجع لعظمة فكرته، وما تحمله هذه الفكرة من معان عظيمة أري كمخرجة أنها لا بد أن تترك أثرا في نفوس المشاهدين. وجدت فيه أيضا عملا عظيما بمعني الكلمة، رأيت فيه الجديد في طريقة التناول والعرض التي خرجت عن المألوف الدرامي المعتاد من مسلسلات التليفزيون. بجانب هذا، فالعمل يتفق بكل المقاييس مع وجهة نظري فيما يجب أن يقدمه المخرج الواعي للجمهور إنطلاقا من حساسية الدور الذي يجب أن يقوم به التلفزيون تجاه مجتمعه».
وحول عنوان المسلسل «نهاية العالم ليست غدا»،وأنه لا يبدوا مألوفا للمشاهد وأشبه بالمقال السياسي٬ أوضحت زكي: «أولا هذا العنوان من اختيار المؤلف، وأنا بالطبع وافقته عليه. معني العنوان واضح جدا : وهو أن العالم لن ينتهي بسرعة. فأمامنا الكثير كشعب وكأفراد وكعالم ثالث لكل نبني أنفسنا أو نعيد بناء أنفسنا، لكن حينما نفعل ذلك لا بد أن يكون التصميم والإرادة نابعة من أنفسنا نحن بإيمان وصدق كاملين، لا ننتظر كائنات تأتي إلينا من كواكب أخري لكي تساعدنا».