بعد نقلها للعالم.. كيف كانت الموسيقى علاج للأمراض عند المصريين القدماء؟
يعد المصريون القدماء من أوائل الأمم التي بلغت الثقافة والرقي لديهم مبلغاً كبيرا، وكانوا مثالا يحتذى به، وتبعهم الكثير من الأمم كـ«البابليون واليونان والرومان»، وغيرهم.
وبحسب ما جاء في كتاب «الموسيقى والغناء عند قدماء المصريين» لـ «فكري بطرس» الصادر عن دار المعارف في عام 1983، فإن المصريين القدماء أول من استخدم الموسيقى والغناء في سائر احتفالاتهم الدينية داخل الهياكل حيث تقدم القرابين للآلهة وخارجها، كما كانوا يستعملونها في أفراحهم ومآتهم وساحات القتال تحمسيًا للجنود، بدليل ما يرى آلاتها الصوتية والوترية من صور على جدران هياكلهم وعلى تماثيلهم الضخمة، فضلا على أن كهنتهم اتخذوا فن الغناء علاجًا للأمراض العقلية.
الموسيقى والغناء علاج متاعب الحياة
وكان الأقدمون يرون في الموسيقى والغناء ما يفرج عن نفوسهم متاعب الحياة، بل كانوا يرون فيهما ما يعاونهم على مواساتهم في آلامهم ومصابهم، وقد أخذت دول كثيرة عن المصريين الموسيقى الغناء وجعلتهما جزءًا من عباداتها، كما أخذها اليونانيون عن المصريين أيضًا حينما اتصلوا بهم تجاريًا في عهد «أسبيس»، وهي الدولة السادسة والعشرون، ويقال إن أفلاطون أقام في مصر 24 عامًا ظل يبحث خلالها عن أصول الموسيقى، معتبرًا الموسيقى غذاء النفس ومبعث الاتزان والفطن، وهي عطية آلهة الفنون الحرة التي تحول ما فينا من شاذ متنقل إلى محكم ثابت، وترد كل تنافر إلى جناس متناسب، وتبصرنا طريق الهدى.
الموسيقى والغناء في المنازل
وكانت الموسيقى والغناء عن القدماء المصريين لازمين في كل حفل، ولا يخلو منهما اجتماع، لذلك كانت تعني بأمرهما (ساكنات السيدات) في كل منزل عريق، وإذا كان عدد هؤلاء الموسيقيين والموسيقيات كبيرًا كما كان في القصر الملكي، فإنه في تلك الحالة يرأسهم موسيقى عظيم محترف.
وقد عرفنا أسماء عدد من رؤساء فرق العزف هؤلاء، فنجد في الدولة القديمة رئيسة الغناء «حم رع»، التي كانت في الوقت نفسه مشرفة على السيدات، ثم ثلاثة رؤساء للأغاني الملكية كانوا أيضًا مشرفين على جميع ملاهي الملك.
وكانت العادة العامة عند قدماء المصريين تقضي بأن يتولى من يغني ضبط النغم بتصفيق الأيدي، وكان يفعل ذلك بتحريك الذراعين بشدة، على حين كانت المغنية تكتفي بتحريك الأيدي فحسب، وقد كان للمصريين صلة وثيقة لا انفصام لها تربط بين الغناء الفني الصحيح والتصفيق.