في ذكرى وفاته.. الوجه الفني الآخر لـ«سلطان الكوميديا» سعيد صالح
مسيرة فنية طويلة قطعها سلطان الكوميديا، واستطاع بموهبته الاستثنائية أن يدخل كل بيت مصري، حتى أصبح علامة بارزة في تاريخ الفن المصري، إنه الفنان سعيد صالح، الذي يحل اليوم الأحد الذكرى السابعة على وفاته في 1 أغسطس 2014.
أدوار كثيرة لا تنسى أداها سعيد صالح المولود في المنوفية في 31 يوليو من عام 1940، حيث شارك في أكثر من 500 فيلم سينمائي، وأكثر من 300 مسرحية.
رغم شهرته بأدوار الكوميديا التي قدمها عبر مسيرته الفنية ولقب بـ«سلطانها»٬ إلا أن سعيد صالح قدم أيضا العديد من الأدوار الجادة، كان أبرزها كالتالي:
الصديق الشهم النبيل
في العام 1986 قدم الفنان سعيد صالح مع المخرج حسن سيف الدين٬ فيلمه "نأسف لهذا الخطأ"٬ وشاركه البطولة كل من بوسي٬ فاروق الفيشاوي٬ وإلهام شاهين.
في هذا الفيلم قدم سعيد صالح دور "صادق" الذي يعمل بأحد مكاتب المحاماة٬ يعيش في حي شعبي يتمتع بين سكانه بالسمعة الحسنة٬ ومروءته وشهامته ووقوفه بجانب الجميع سواء في أحزانهم أو أفراحهم.
يعيش صادق في قصة حب من طرف واحد مع جارته "سناء"٬ لكنها لا تبادله المشاعر وتعتبره كشقيقها.
وعندما تتخرج سناء من الجامعة يتوسط لها صادق للعمل معه في نفس مكتب المحاماة٬ وهنا يقع المحامي "عصام" صاحب المكتب في غرامها٬ ويعلنا خطبتهما٬ في نفس الوقت نرى خطيبة عصام السابقة ذات السمعة السيئة٬ عندما تقبض عليها شرطة الآداب وفي القسم يسألونها عن اسمها وعنوانها فتكذب وتقول أنها "سناء"٬ وهنا يلقي القبض علي سناء الحقيقية ويبدأ التحقيق معها لكنها لا تعرف شيئ عن جريمة لم ترتكبها٬ وتودع في السجن٬ مما جعل خطيبها عصام يتخلى عنها ويعود مرة أخري إلي خطيبته الأولي "علا"٬ والتي نراها عبر الأحداث فتاة ساقطة تنحدر من أسرة منحلة تدير منزلها للأعمال المنافية للأخلاق سواء الدعارة أو القمار.
تتابع الأحداث وتنجلي الحقيقة عندما تقع حادثة لرشيد عشيق علا الذي تواطئ معها لاتهام سناء٬ ويعترف بالحقيقة ويبرئ ساحة سناء وإن من كانت معه هي علا وليس سناء التي يفرج عنها٬ فيعود عصام ليعتذر لها إلا أنها ترفض تماما لا لشيء سوي أنه لم يثق في برائتها وتخلي عنها بعكس صادق الذي لم يشك لحظة واحدة في برائتها وساندها حتى النهاية فوقع عليه الاختيار الذي طال انتظاره.
السقوط في بئر الخيانة
وفي العام 1994 يقدم سعيد صالح مع المخرج نور الدمرداش٬ واحدا من أدوار عمره وهو مسلسل السقوط في بئر سبع٬ والذي شاركته البطولة إسعاد يونس٬ وفيه قدم دور "شفيق" موظف الشهر العقاري٬ الذي يسقط في شراك الخيانة٬ والتجسس علي بلده مع زوجته إنشراح لصالح المخابرات الإسرائيلية خلال حربها ضد مصر.
وفي هذا العمل قدم سعيد صالح الدور بحرفية عالية٬ ومما يبدو من أداءه للدور أننا أمام "شفيق فكري" الخائن الحقيقي٬ تقمص "صالح" الشخصية ودرس أبعادها النفسية جيدا٬ فبرع في الدور وتألق.
«بيومي» المجرم الذي لا يمنحنا أسبابا للتعاطف معه في «المشبوه»
قدم سعيد صالح في فيلم "المشبوه" من إنتاج عام 1981 مع فاروق الفيشاوي وسعاد حسني وعادل إمام٬ دور آخر خارج شخصية الكوميدي خفيف الظل الذي يترك لضحكاتنا العنان.
ففي هذا الفيلم قام سعيد صالح بدور "بيومي" زعيم عصابة السطو المسلح على المنازل٬ ويتخذ من شقيقه "ماهر" فردا من أفراد العصابة.
ورغم أن شقيقه يعود إلي صوابه يقلع عن السرقة ويستقيم حاله بعد خروجه من السجن٬ إلا أن شقيقه بيومي يأبي إلي أن يعيده المرة تلو الأخري لطريق الإجرام.
بيومي لم يتخلى عن شقيقه فقط خلال محنة السجن بلي تخلي أيضا عن زوجته وابنها٬ حتى أنه بدأ يسمم آذان ماهر حول زوجتها وسمعتها ويشككه فيها٬ لا لشيء إلا أنها كانت تمثل حائط الصد ضد وسوساته لشقيقه٬ وكانت سببا في التزامه وابتعاده عن الإجرام٬ فما كان من بيومي إلا أن حرق سيارة ماهر ليجبره على العودة لطريق السرقة مرة أخرى.
«محروس» وأقصي درجات للوضاعة يصل إليها الإنسان
يقدم سعيد صالح في فيلم "توت ..توت" من إنتاج عام 1993 شخصية "محروس"٬ الفتي الذي نشأ في إحدى الأحياء الشعبية٬ فقيرا بلا أحد٬ وفجأة وبدون مقدمات نراها يعود لحارته مسقط رأسه٬ وعلامات الجاه والثراء تحيط به٬ فمن سيارة فارهة وتابعين وحراس٬ لهدايا باذخة يوزعها على أهالي الحي بدون حساب٬ إلا أن هناك من يشك فيه٬ وهو "سامبو" ويطرح السؤال الأهم :"من أين له هذا"؟٬ وكيف تحول من فتى فقير بلا أهل ولا مال إلي هذا الثري فاحش الثراء؟
تلفت "كريمة" الفتاة المعاقة ذهنيا نظر محروس٬ لما تتمتع به من جمال وجاذبية وأنوثة٬ فيظل المرة بعد الأخرى يحاول أن يستدرجها لكنها كانت تنجح في الفرار منه٬ إلا أنه أخيرا ينجح في محاولته ويحتجزها في منزله ليعتدي عليها أكثر من مرة٬ مستغلا إعاقتها الذهنية حتي تبدأ علامات الحمل تظهر عليها٬ فيلقي بها إلي الشارع لتواجه مصيرها المظلم.
«السادة المرتشون» عن زيف الشعارات
مرة أخرى يتألق سعيد صالح في دور "إبراهيم الفخراني" والذي قدمه من خلال فيلم "السادة المرتشون" في عام 1983 مع النجوم محمود عبد العزيز٬ نجوى إبراهيم ومحمود ياسين وإبراهيم الفخراني٬ واحدا آخر من الطبقة الطفيلية التي أطلقتها مرحلة الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات٬ يملك شركة استيراد وتصدير٬ لكنه يستورد كل نفايات العالم من الأطعمة الفاسدة٬ التي يلقيها العالم الأول في نفاياته إلا أن "الفخراني" كان له رأي آخر٬ فلماذا لا يستوردها ليأكل المصريين خاصة وأن "معدتهم تهضم الزلط"!. إلا أن سقوط ضحايا لأطعمته الفاسدة يلقي به إلي مكتب النائب العام.
وهناك يعترف الفخراني بكل شيء٬ وبأنه بالفعل كان في الماضي قد استورد أغذية فاسدة وحقق منها ثراء كبير٬ لكنه توقف عن هذا الأمر٬ وإن كان ولا بد من محاسبته بأثر رجعي٬ فيجب أيضا محاسبة من سهل له عمله٬ وهنا تظهر علي السطح صورة موظف الجمرك "محمود"٬ الذي قدمه لنا الفيلم على أنه موظف شريف لا يقبل الرشوة ولا الفساد٬ حتي يلقي أفراد أسرته مصرعهم جميعا٬ وهنا تتكشف الحقائق٬ فبعد عودة محمود إلي حبيبته السابقة آمال عقب طلاقها واتفاقهما على الزواج٬ يجد نفسه أمام الواقع فهي ثرية لا بد لها من مستوي معيشي لا يقل عما عاشت فيه دوما٬ فيتفق مع إبراهيم الفخراني علي السماح بإدخال شحنة المواد الغذائية الفاسدة مقابل عشرين ألف جنية٬ لكنه يحتفظ بعينة من هذه الشحنة ليساوم الفخراني عليها في مبالغ أكثر٬ وتقع هذه العينة في أيدي أسرته فيأكلون منها ليلقوا جميعا مصرعهم.