إخوان تونس.. لصوص يحتمون بالنصوص
جاء الاحتفال بالعيد القومى للجمهورية التونسية الـ64 استثنائيًا هذا العام، حيث حمل معه أحلام التونسيون فى الخلاص من ظلام جماعة الإخوان الإرهابية التي عاثت في البلاد فسادًا وإرهابًا وأرهقت تونس بفاتورة اقتصادية قاسية.
بعد 10 سنوات من حكم الإخوان، تبدل حلم الحريات في تونس بكابوس الإرهاب وصراع المؤسسات والعنف السياسي في الرد على المعارضين، بدءًا من اغتيال السياسيين المعارضين شكري بلعيد ومحمد براهمي، وصولاً إلى محاولة اغتيال النائبة عبير موسى والاعتداء عليها لفظيًا وجسديًا تحت قبة البرلمان، الأمر الذي كشف الوجه الحقيقي للجماعة الإرهابية أمام الشعب التونسي.
وفي بلد يحترم حقوق المرأة ويسعى لتأكيد مكتسباتها الإنسانية ويخشى على نموذج الحريات كثيرًا، كان الاعتداء على عبير موسى بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بين الشعب التونسي والجماعة الإرهابية، إضافة إلى سلسلة طويلة من الفساد المالي والإداري والتخبط الاقتصادي، ما دفع الرئيس التونسي قيس سعيد يصف المشهد بأنهم "لصوص يحتمون بالنصوص"!
طفح الكيل في تونس، وخرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع يحلمون باستعادة بلادهم من سطو حزب حركة النهضة الإخواني، فجاءت قرارات الرئيس قيس سعيد لتستجيب لمطالب الشارع على الفور، وأمر بإقالة حكومة هشام المشيشي التي فشلت في التعامل مع جائحة كورونا وفاقمت الأزمات الاقتصادية في تونس، إضافة إلى تجميد مجلس النواب ذي الأغلبية الإخوانية، ورفع الحصانة عن جميع أعضاءه، في محاولة وصفها الشارع السياسي التونسي والعربي بأنها محاولة جادة لتصحيح مسار الثورة التونسية.
خرج الشباب التونسي الغاضب إلى الشارع، وفي مشهد يشبه كثيرًا ما حدث في مصر عام 2013، اتجه المحتجون الغاضبون إلى مقرات حزب حركة النهضة، فانكشفت وثائق جديدة تدين الحزب الإخواني، وكيف تحصل أقارب الدرجة الثالثة لقيادات الجماعة على تعويضات عن فترة "زين العابدين بن علي"، ليكتشف التونسيون أن وجود الإخوان ومحاولاتهم الاستئثار بالسلطة بمبدأ "المغالبة لا المشاركة"، لم يكن إلا فرصة للتربح من مناصبهم والاحتيال على الشعب.
والواضح أن منهج التربية والتأهيل للإخوان واحد في جميع البلدان مما يجعل ردود فعلهم واحدة، غير عابئين بتغير المناخ والظروف والتطورات السياسية والاجتماعية فى تلك المجتمعات التى يعيشون فيها …ومن هذا المنطلق فإن العنف دائما مايكون هو الرد الأمثل الذي يلجأ إليه أبناء الجماعة الإرهابية في الرد على معارضيهم، وهو ما ظهر في دعوة زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي دعا أنصاره إلى النزول إلى الشارع لمواجهة المحتجين ضد الجماعة، غير عابئ بما يمكن أن ينجم عن ذلك من عنف واقتتال بين أبناء الوطن الواحد، ولم ينسحب الغنوشي أو يتراجع للوراء إلا بعدما طالته رشقات الحجارة من أبناء تونس الغاضبين، فأدرك على الفور أن ميزان الأمور لم يعد في صالح جماعته، واضطر للانسحاب من اعتصامه أمام مجلس النواب بعد ساعات قليلة.
وعلى المستوى الأمني والسياسي لا يمكن أن نغفل في ظل هذه الأحداث المتسارعة عن الملف الليبي وأثر الضربة التى تلقاها إخوان تونس على نظرائهم في ليبيا، خصوصا مع الحالة السياسية الغائمة في بلد أصابته الميليشيات الإرهابية والحرب الداخلية بالوهن.
وسرعان ما ترددت أصداء الأحداث في تونس على التحركات الإخوانية داخل ليبيا، فتواترت التقارير حول إعلان الميليشيات الإخوانية لحالة الطوارئ داخل معسكراتها في ليبيا، وكذلك بدء اجتماعات لقادة التنظيم في أعقاب قرارات الرئيس التونسي، والتواصل الذي لم ينقطع بينهم وبين قادة حركة النهضة في تونس.
ولم يكن غريبًا أن تعلن ميليشيات الإخوان حالة الاستنفار داخل معسكراتها، خصوصا المعسكرات الثلاثة التي تبعد عن الحدود التونسية 218 كيلومترًا فقط، وبدء تحركات الميليشيات هناك باتجاه الحدود التونسية، انتظارًا لتعليمات تفتح الباب أمام العنف! وهنا نذكر بتصريحات القيادي الإخواني التونسي العفاس، الذي هدد باستخدام الرصاص في الرد على المتظاهرين.
إنها حالة من الفوضى والارتباك أصابت ميليشيات الإخوان وبقايا تنظيم القاعدة الفرع الليبي، ومجاهرة قيادات الجماعة برفض قرارات الرئيس التونسي، فانتهاء أمر الإخوان وخروجهم من السلطة في تونس معناه قطع خطوط الإمداد عن تلك الميليشيات الإرهابية في ليبيا لا محالة.
ولا يخفى أن دعم التنظيم في ليبيا كان يأتيهم غالبًا تحت ستار تحويل أموال الدعم العلاجي لمصحات بعينها، أو عبر استيراد السلع التونسية من خلال الشركات الإخوانية المستفيدة، ما يعني أن دعم الإخوان الليبيين سيتوقف بسقوط إخوان تونس.
الحقيقة أن سقوط الإخوان المدوي في تونس سينعكس إيجابًا على الحال ليبيا، فمن ناحية أولى سقط نموذج البروباجندا الذي اعتمد عليه إخوان ليبيا في الترويج لأنفسهم، وأصبح نموذج النهضة الإخواني التونسي وكذبة التحول الديمقراطي عارية تمامًا، بكل ما جلبه إخوان تونس من خراب وفساد وهدم للقيم والحريات داخل تونس، ليكون ذلك عبرة لليبيين، وهو ما يقطع الطريق على مماطلات إخوان ليبيا في إجراء الانتخابات المنتظرة في ديسمبر المقبل وعدم تأجيلها لحساب الإخوان.
وإذا نجح التونسيون في استئصال الإخوان وتحجيمهم سياسيًا، بل ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم اغتيال وفساد وسرقة، فبالتأكيد سيكون ذلك قدوة حسنة أمام الحالة السياسية في ليبيا، وسيخطو الليبيون على نفس الطريق حتى قبل الوصول إلى انتخابات ديسمبر المرتقبة.
وفي خطوة أوسع، يترقب الشارع التونسي والليبي أيضًا ما ستكشف عنه تلك الملفات المخبأة في أدراج المحاكم، والتي سعت حركة النهضة عبر نفوذ عناصرها للتكتيم عليها، إلا أن إعلان الرئيس قيس سعيد توليه النيابة العمومية للتحقيق في جرائم الفساد والإرهاب يؤكد أن الأيام المقبلة ستحمل الكثير من المفاجأت المتوقعة لمن يعرفون حقيقة الإخوان.
من عمليات الاغتيال التي يتورط فيها الغنوشي نفسه، مرورًا بالعمليات الإرهابية والفساد وتبييض الأموال لبعض قيادات الإخوان وحلفائهم في ليبيا، ينتظر الشارع السياسي الكشف عن فضائح وفساد الشبكة المظلمة للإخوان.