«من مسخ الكائنات إلى شاشات السينما».. أثر أسطورة «بيجماليون» على الفن
تعد الأساطير الإغريقية مصدر إلهام للعديد من المبدعين في الشرق والغرب٬ حيث استلهمت العديد من الأساطير في نسج الكثير من الأعمال الأدبية والفنية، ومن بين هذه الأساطير٬ أسطورة "بيجماليون"٬ الذي نحت تمثال لامرأة جميلة الحسن٬ وظل طويلا يتأمل فيه ولا يبرح بيته ولا يمارس أي فعل حياتي سوى النظر لإبداعه الفني.
واستلهم الروائي الأيرلندي جورج برنارد شو روايته "سيدتي الجميلة"٬ والتي نشرت لأول مرة في العام 1913، وقد تحولت الرواية إلي المسرح قبل أن تغادر إلى شاشات السينما والتليفزيون حول العالم. وعلى غرارها كتب توفيق الحكيم مسرحيته "بيجماليون".
كما خلد الشاعر "أوفيد" بيجماليون في رائعته "التحولات" والتي ترجمها إلى العربية لأول مرة الدكتور ثروت عكاشة.
تمصير «سيدتي الجميلة» في السينما والمسرح
عن الأسطورة الإغريقية والرواية الإيرلندية٬ قام الثنائي بهجت قمر وسمير خفاجي بتقديم مسرحية "سيدتي الجميلة" للفنان فؤاد المهندس وشويكار. في العام 1969 وحققت نجاحا منقطع النظير٬ حتى أنها لم تفقد جمهورها حتى اليوم عندما يعاد عرضها عبر الفضائيات عشرات المرات. ويدور العرض حول معلم "أتيكيت" يسوقه حظه إلى إحدى الحارات المصرية ويتعرض للسرقة من قبل "صدفة بعضشي"٬ وهنا تطرأ له فكرة أن يتحدى بها المجتمع المخملي ويحولها إلي سيدة مجتمع لا تقل شيئا عن مثيلاتها وبالفعل ينجح في هذا.
في العام 1939 يقتبس المخرج والمنتج حسين فوزي أسطورة بيجماليون ليقدمها في شريطه السينمائي والذي تبلغ مدته 115 دقيقة٬ في فيلم يحمل عنوان "بائعة التفاح"٬ والذي قامت بكتابة السيناريو والحوار وقامت ببطولته النجمة "عزيزة أمير"٬ بمشاركة كل من: سراج منير٬ فردوس محمد٬ محمود ذو الفقار٬ أنور وجدي٬ حسن فايق٬ عبد السلام النابلسي٬ وآمال زايد.
وتدور أحداث الفيلم حول "فرحانة" بائعة التفاح التي تقودها المصادفة للقاء "مراد" الذي يقرر أن يستخدمها في تدبير مقلب ساخر في صديقه "كمال" صاحب الغزوات النسائية٬ فيعرفه على فرحانة على أنها من أرقي العائلات الأرستقراطية٬ بعد أن نجح في تعليمها كيفية الأكل والرقص وارتداء الملابس كالأميرات٬ حتي أن لا أحد يصدق أنها من بيئة فقيرة وتعمل في بيع التفاح لكسب لقمة عيشها. وبعد العديد من المواقف والمفارقات ينتهي الفيلم بالنهاية السعيدة كعادة أفلام الأبيض والأسود.
وهي نفس القصة التي سيقدمها المخرج فطين عبد الوهاب٬ في العام 1969، تحت عنوان "7 أيام في الجنة"٬ من بطولة المطربة الكبيرة نجاة٬ أمين الهنيدي٬ عادل إمام٬ حسن يوسف٬ ويوسف فخر الدين. ويتناول الفيلم قصة "كروان" الفتاة البسيطة بائعة الياسمين والفل٬ والتي تعيش مع خالها أمين ويكسبان قوتهما من التجوال في الشوارع لبيع الفل والياسمين. تقابل كروان وخالها الصحفي شكري الذي يبحث عن قصة ليقدمها إلى صحيفته٬ فتبرق الفكرة في ذهنه بأن يتفق مع كروان وخالها أن يقضيا سبعة أيام على حساب الجريدة في فيلا على أن تقدم كروان وخالها علي أنهما عائلة عريقة ثرية٬ وبعد أن يوفر شكري لكروان وخالها من يعلمها مفردات حياة الطبقة الأرستقراطية ينجح في خداع العالم الذي لا ينظر إلي الإنسان إلا من خلال مظهره الخارجي.
في العام 1975 تستقبل دور العرض السينمائية٬ فيلم "النشالة"٬ من بطولة نيللي٬ محمود ياسين٬ حسن مصطفى٬ عماد حمدي٬ عمر خورشيد٬ والفنان اللبناني شوشو.
ومن إخراج حلمي رفلة والذي صور مشاهد الفيلم في لبنان حيث تدور أحداثه حول "بلبل" الفتاة التي تشارك زوج أمها "عباس" عمليات التهريب في ميناء بيروت٬ تقودها المصادفة أيضا إلي أن يخلق منها أستاذ الجامعة "وليد" سيدة مثقفة تجيد كل ما تجيده سيدات المجتمع الأرستقراطيات الثريات٬ خاصة بعدما ما وقعت في حب معلمها وليد.
أحمد مظهر في دور "بيجماليون" مع نادية لطفي وشادية
في عام 1968م يقدم المخرج حلمي حليم وينتج فيلمه "أيام الحب"٬ من بطولة أحمد مظهر ونادية لطفي٬ وسهير البابلي.
ويتناول الفيلم قصة المخرج السينمائي شريف لطفي الذي يبحث عن وجه سينمائي جديد٬ بعدما تمردت عليه بطلة أفلامه إلهام. وفي بحثه يعثر شريف علي بائعة الكازوزة "قشطة"٬ ويقرر أن يحولها إلي نجمة سينمائية ويقدمها إلى المجتمعي الطبقي كواحدة من الأرستقراطيات التي تهوي التمثيل والسينما فيلقنها اللغات والإتيكيت وقواعد التعامل مع محيطها الجديد وبالفعل ينجح في مهمته.
هذا الدور يؤديه أحمد مظهر مرة أخري ولكن هذه المرة مع الفنانة الكبيرة شادية من خلال فيلم "أضواء المدينة" من إنتاج عام 1972، ومن إخراج فطين عبد الوهاب وبطولة جورج سيدهم٬ حسن مصطفى٬ عادل إمام٬ عبد المنعم إبراهيم سعفان٬ وفاطمة عمارة. وتدور أحداث الفيلم حول إحدى الفرق المسرحية التي تأتي من طنطا إلي القاهرة للإشتراك في مسابقة لاختيار وجوه جديدة للمشاركة في فيلم مع المخرج الشهير "عادل صبري"٬ لكنهم يصابوا بالإحباط خاصة بطلة الفرقة "سعاد شلبي" بعدما يسخر منها عادل صبري ومن مظهرها ومظهر جميع أفراد الفرقة٬ فما كان منهم إلا أن لقنوه درسا قاسيا حول معاملة الناس من خلال فنهم وليس مظهرهم٬ وذلك بمساعدة "حوكشة" المغرم بالفن٬ ابن حارس أحد قصور الأثرياء٬ فيقيمون في القصر ليخدعوا عادل صبري بأنهم أسرة أرستقراطية وأن سعاد ما هي إلا الأميرة شاه فاضل.