أنور إبراهيم عن الترجمة وإشكالياتها: تضليل للقارئ بشكل منهجي
قال المترجم والأكاديمي أنور إبراهيم، إن المتابع لحركة الترجمة فى عالمنا العربى اليوم سيلحظ تدفقا للأعمال الأدبية المترجمة عن كافة اللغات، لكنه تصحبه في الواقع عملية قرصنة كبرى فى كثير من الأحوال، ناهيك عن الاستسهال، ولايكفى أن تجد على غلاف الكتاب إسما عالميا لتتأكد أن ما بين دفتى الكتاب هو إبداع خالص لمؤلفه، والآن يتم تضليل القارئ الذى لا يعرف سوى لغته الأم، بشكل منهجى من قبل بعض الناشرين ودعونا نتحدث بصراحة الكتاب الأجنبي المترجم يتم تداوله في أغلب الأحيان من دون حقوق ملكية.
وأضاف أن الترهل وعدم الاهتمام والارتباك فى البنية الاجتماعية تقف جميعها وراء توظيف المترجمين (العاطلين عن العمل والموهبة الذين يعرفون لغات أجنبية) ومن بين أيدى هؤلاء نتلقى ثمار الأدب العالمى على نحو مبتذل ومختزل ومبتسر في الغالب، بينما نجد كثيرا من الناشرين غير مبالين بجودة المنتج، وإن كانوا في نفس الوقت مهتمون بشدة بتوزيعه، ومن المربح للغاية لبعض منهم أن يتعاملوا مع كتاب مؤلفه غائب (حيا والأفضل ميتا)، أولا موافقته على النشر نفسه غير مطلوبة، ثانيا لاداعى لإجراءات مساومة مرهقة وجادة معه، ثالثا لن يحتج بأي شكل من الأشكال على نشر الكتاب.
ويلفت إلى أنه بالإضافة إلى هذه القاعدة الاقتصادية المحزنة، هناك ظرف آخر يتعلق بالكتاب الأجنبي في بلادنا فهو يعاني من مرض مزمن وخطير، وهو سبب ثقافي عام.
ويؤكد أن جودة الترجمة في بلد ما هي مؤشر مباشر على المستوى الثقافي في هذا البلد تماما مثل استهلاك الصابون أو معدل معرفة القراءة والكتابة وأن جودة ترجماتنا كثيرا ماتبدو بائسة حرفيا.
ويرجع هذا إلى أنه لا يعمل الإداريون ورجال الأعمال وحراس الثقافة فى بعض المؤسسات الحكومية على إعادة النظر في العقود، وبعضها في حقيقة الأمر عقود إذعان، من أجل رفع معدلات الدفع المتسولة لجهد المترجمين، بل يسعون أحيانا لخفضها، وهل يعرف الجمهور كم يدفع بعض الناشرين للمترجمين؟ هل يعرف المجتمع على أى أساس يتم اختيار المترجمين؟ هل يعرف أحد كيف يتم تعيين حفنة من الحرفيين والمتخصصين فى هذه أو تلك من المؤسسات؟
وأكد أن الترجمة أصعب أنواع العمل الذهني، وأنها في الأساس إنشاء نظام مستقل يعتمد على مادة شخص آخر، يتطلب تحويل هذه المادة إلى نظامك العربى جهدا هائلا واهتماما وإرادة، وإبداعا ثريا، ونضارة ذهنية، وحدسا لغويا، ولوحة مفاتيح كبيرة للمفردات، والقدرة على الاستماع إلى الإيقاع وفهم نمط العبارة ونقلها.. كل هذا باستخدام أقصى درجات ضبط النفس.