دراسة حول انهيار سد النهضة: على إثيوبيا وقف الملء الثانى بشكل منفرد
حذرت دراسة حقوقية صادرة عن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية، بعنوان "آثار الملء الأحادي لسد النهضة على دول حوض النيل"، وذلك على هامش مشاركة مؤسسة ماعت في المنتدى السياسي رفيع المستوى 2021- من مخاوف انهيار سد النهضة، موضحة فيها أن دراسات فنية عديدة حذرت من وجود مخاطر فعلية تهدد بانهيار سد النهضة، خاصة أنه موجود في منطقة طبيعتها الطبوغرافية عير مناسبة لإقامة السدود لأنها تحتوي على فوالق أرضية ضخمة ومناطق جبلية وانحدارات وشقوق صخرية قابلة للتفتت، إضافة إلى نظام أمان منخفض لا يتناسب مع سدود بمثل هذا الحجم، الأمر الذي يُعرضه للانهيار.
وقد أثارت عوامل أمان السد قلق اللجنة الدولية لمعاينة سد النهضة والبنك الدولي، كما أن العمر الافتراضي المتوقع للسد منخفض للغاية مقارنة بالسدود، وهو 31 عاما، وحذر خبراء من أن انهيار سد النهضة قد يؤدي إلى حدوث موجة بطول 26 مترا وبعرض 150 كم من المياه، قد تؤدي إلى غرق جزء كبير من السودان ومناطق واسعة في مصر.
سيناريوهات مستقبلية
وأوضحت الدراسة أن السيناريو المتفائل يتمثل في وصول كل من مصر والسودان وإثيوبيا إلى اتفاق قانوني بشأن سد النهضة، ما يعود بالنفع على الجميع، بما يسمح لإثيوبيا بتنمية مواردها، ودون الإضرار بمصالح دولتي المصب.
وفي حالة استمرار التعنت الإثيوبي وعدم الوصول لاتفاق قانوني قبل الملء الثاني، فإن للأمر تداعيات كبرى قد تؤثر على الأمن والسلم الدوليين، فقد أعلنت كل من مصر والسودان أن الأمن المائي لبلادهما لا يمكن المساس به، وفي حالة وقوع الضرر قد ينتج عن ذلك نشوب أول حرب من نوعها على المياه، مما يؤثر على استقرار المنطقة بالكامل.
وفي حالة اكتمال بناء السد ووقوع ضرر على دولتي المصب، ستفتح إثيوبيا الباب أمام مشروعات مماثلة في العديد من الدول، بما يهدد أمنها المائي، وستكون بداية الدخول في صراعات مفتوحة تهدد الكثير من الدول المعرضة لتضرر مواردها المائية، وقد أعلنت إثيوبيا نفسها أن سد النهضة لن يكون الأخير، وأنها بصدد البدء في مشروعات أخرى مماثلة.
وقد تقوم العديد من دول المنبع بالتحكم في مياه الأنهار، عن طريق استخدام المياه كأداة في الحرب، مثلما تقوم حاليًا كل من تركيا ضد سوريا والعراق، ومثلما تقوم إيران في العراق، وكذلك ستفتح إثيوبيا الباب أمام العديد من الدول تحت شعار تنمية مواردها في بناء سدود تتحكم فيها في المياه.
وأشادت بأن هناك تأني وحضور رغبة سياسية حقيقية لدى مصر والسودان في إجراء المفاوضات التي استغرقت نحو 10 سنوات مع إثيوبيا دون التوصل لاتفاق، ورغم ذلك لا يوجد ضمانات بأن تتبع دول أخرى نفس المنهجية، ويكون لديها صبر مماثل، وبالتالي ستفتح إثيوبيا الباب أمام نزاع مفتوح على المياه لا يقتصر على نهر النيل فحسب، بل يمتد إلى أنهار أخرى.
السيناريو الأسوأ بنشوب صراع عسكري قد يضرب استقرار الشرق الأوسط ومنطقة القرن الإفريقي، وسيرفع مؤشرات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا كنتيجة طبيعية لتضرر اقتصاد دولتى المصب، فضلًا عن تهديد السلم والأمن الدوليين في المنطقة.
وأصدرت الدراسة توصيات وإجراءات لا بد منها لاحتواء الأزمة، موصية بأنه:
- على الحكومة الأثيوبية التوقف عن الملء الثاني للسد بشكل منفرد، دون توقيع اتفاق قانوني ملزم وعادل يضمن الحفاظ على حقوق الدول الثلاث، وبما لا يعرقل جهودها في التنمية.
-على المجتمع الدولي الانتباه إلى خطورة الأزمة الحالية، والضغط بكافة السُبل السلمية للوصول إلى اتفاق مُلزم يرعى مصالح الدول الثلاث، لأن مصير أكثر من 150 مليون مواطن ليس أمرًا هينًا يمكن التساهل معه بأي شكل، وسينتج عنه صراع غير محدود العواقب.
-على المجتمع الدولي دعم جهود التنمية في القارة الإفريقية لتشمل بحث مصادر بديلة للطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية والرياح، بدلًا من استخدام مياه الأنهار التي تؤكد الدراسات أن مخاطرها وآثارها السلبية أكبر من فوائدها.
-على مصر والسودان بذل قصارى جهدهما في مشروعات الربط الكهربائي مع أثيوبيا، ومساندة أثيوبيا في الحصول على الطاقة النظيفة بشكل يقلل من احتياج أثيوبيا للطاقة المولدة من السد.
-على الدول والشركات المسئولة عن بناء السد الأثيوبي الاضطلاع بمسؤوليتها تجاه الأضرار المحتملة على دولتي مصر والسودان، وأنها بذلك شريكة في النتائج المترتبة على تفاقم الأزمة.
-على منظمات المجتمع المدني في مختلف دول العالم، لعب دورًا أكبر والضغط بكافة الوسائل الممكنة لإعادة الدول الثلاث إلى مائدة التفاوض والوصول لاتفاق قانوني يعود بالنفع على الدول الثلاث ويجنبها ويلات الحروب.
-على مجلس الأمن الدولي الاضطلاع بمهامه نحو حماية الأمن والسلم الدوليين، ومنع التصرفات الأحادية من الجانب الإثيوبي، وإعادة إثيوبيا لمائدة التفاوض وفقًا لأسس قانونية تضمن التنمية لإثيوبيا وتحمي دولتي مصر والسودان.