التحرش بين الجريمة والعقاب
هل اصبح التحرش يمثل ظاهرة مجتمعية يجب على الدولة ومؤسساتها مواجهتها بعدما تعددت اساليب تلك الجريمة من قول الى فعل الى استخدام صور مفبركة للابتزاز؟
كيف نحمى انفسنا وابناؤنا من تلك الجريمة التى اصبحت تؤرق كل اسرة؟
لقد شهدت عدة مناطق فى بعض المحافظات العديد من وقائع التحرش بمختلف اشكاله لبعض الفتيات صغيرات السن واللائى لم يستطعن الدفاع عن انفسهن بشكل يدرأ عنهن تلك المحاولات....وهو الأمر الذى بات يشكل ظاهرة مجتمعية جعلت مجلس النواب يتصدى لها ويوافق على تعديل القانون المتعلق بتلك الظاهرة وتحويلها من جنحة الى جناية تصل عقوبتها الى الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز اربع سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة الف جنيه ولا تزيد عن مائتى الف جنيه او باحدى هاتين العقوبتين وذلك لكل من تعرض للغير فى مكان عام او خاص او بإتيان امور او ايحاءات او تلميحات جنسية سواء بالاشارة او بالقول او الفعل او بأى وسيلة اخرى بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية او اللاسلكية او الاليكترونية او اى وسيلة تقنية....كما نص التعديل على ان تكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتى الف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة الف جنيه او باحدى هاتين العقوبتين اذا تكرر الفعل من نفس الجانى خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه....وفى حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فى حديها الأدنى والاقصى...اما اذا جاء التحرش الجنسى بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية "إبتزاز" يعاقب الجانى بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتى الف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائه الف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين....اما اذا كان الجانى له سلطة وظيفية او اسرية او دراسية على المجنى عليه او مارس عليه اى ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه او تم ارتكاب الجريمة من شخصين او اكثر او كان احدهم على الاقل يحمل سلاحاً تكون عقوبته السجن مدة لاتقل عن سبع سنوات وغرامة لا تقل عن ثلاثمائة الف جنيه ولا تزيد عن خمسمائه الف جنيه .
بطبيعة الحال فإن مجلس النواب لم يكن ليتحرك الا عندما استشعر بخطورة تلك الظاهرة وانتشارها بالشكل الذى اصبح يؤرق المجتمع وتتطلب جهوداً لمواجهتها من عدة مسارات من بينها المسارات التشريعية العقابية.
ومن خلال تتبعنا لتلك الظاهرة نجد انها بالفعل قد استفحلت فى الأونة الأخيرة لاسباب اقتصادية او اجتماعية وايضاً نفسية نتيجة تأخر سن الزواج والبطالة والجهل والفراغ القاتل ولا نستطيع القول ان الفقر من بين هذه الاسباب حيث رأينا اساتذة جامعيين وفى المدارس المختلفة وايضاً العديد من المثقفين والطلبة يمارسون التحرش بأشكال مختلفة سواء بالالفاظ او عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى والمعاكسات اللفظية وقد تتطور الى ما هو ابعد من ذلك... وبطبيعة الحال فإننا لن نقوم بعرض الوقائع التى تؤكد ان هذه الظاهرة آخذه فى الانتشار حيث تتولى وسائل الاعلام المختلفة عرضها ونشرها فور وقوعها والابلاغ عنها اذا كانت المجنى عليها لديها الثقة والشجاعة على ذلك حيث ان هناك العديد من الحالات قد تخجل المجنى عليها من الابلاغ عنها...
وقد شاركت فى العديد من اللقاءات والابحاث التى ناقشت تلك الظاهرة وما تمثله من سلوكيات دخيلة على المجتمع المصرى حيث ساهمت وسائل التواصل الاجتماعى وانتشار الافلام والصور الاباحية وضعف الوازع الدينى وايضاً اختفاء الساحات الشعبية التى كانت تعتبر متنفساً للشباب من الطبقات المتوسطة والاقل منها وكذلك قصور قصور الثقافة وتقلص دورها وتأثيرها عليهم...بالاضافة الى فتح قنوات إتصال مباشرة بين الطالبات وبعض الاساتذة بغرض مساعدتهن فى شرح بعض المواد المستعصية عليهن واستغلال هؤلاء الاساتذة لذلك بشكل يمثل تحرشاً سواء كان ذلك قولاً او فعلاً....
وكان من ابرز التوصيات التى توصلنا اليها...ضرورة تشجيع المجنى عليهن فى الابلاغ عن اى واقعة تحرش يتعرضن لها....وقيام اجهزة الاعلام بتناول خطورة تلك الظاهرة وابعادها الاجتماعية والنفسية والامنية.... كذلك قيام الاسرة بتقديم الدعم اللازم للمجنى عليهن ومساندتهن نفسياً ومعنوياً...يأتى ذلك ايضاً فى الوقت الذى يجب ان تقوم فيه اجهزة الشرطة والدوريات المتحركة بسرعة التحرك لموقع البلاغات والانتشار فى الشوارع والميادين التى تشهد تجمعات شبابية خاصة ونحن نقترب من الاجازة الصيفية للمدارس والجامعات.
نريد وطناً أمناً مستقراً داخلياً حتى يمكن ان نتعامل مع القضايا والمؤامرات التى يتعرض لها الوطن من الخارج بالتركيز المطلوب مستنداً على جبهة داخلية قوية.
وتحيا مصر.