طالب بطرد القوات الأجنبية.. نص كلمة كوبيش أمام مجلس الأمن بشأن ليبيا
أكد المبعوث الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، الخميس، لمجلس الأمن، أن الوضع في ليبيا أكثر صعوبة وأكثر صدامية وتوتراً بعد فشل التوصل إلى قاعدة دستورية من أجل اجراء الانتخابات نهاية العامة الجاري.
وقال كوبيش في كلمة له مساء اليوم أمام مجلس الامن الدولي بشأن الوضع في ليبيا، إنه يخشى من عدم استعداد العديد من الأطراف الليبية للمضي قدماً في ترجمة أقوالهم إلى أفعال بشأن الانتخابات التي تعد أمرا ضروريا لاستكمال التحول الديمقراطي في ليبيا وتجنب العودة إلى النزاع والعنف والفوضى.
وأضاف: «كان من المفترض أن تكون القاعدة الدستورية للانتخابات قد أقرت الآن.. غير أن مجلس النواب، وللأسف، وهو الجهة المفوضة بذلك بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، لم يتخذ أي إجراء بعد، وفي الأسبوع الماضي، تم تشكيل لجنة جديدة من مجلس النواب لإعداد قوانين الانتخابات اللازمة لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر وطلبت دعم الأمم المتحدة».
وأردف: «بسبب إخفاق المؤسستين الدستوريتين وملتقى الحوار السياسي الليبي، أصبح الوضع في ليبيا اكثر صعوبة وأكثر صدامية وتوتراً، حيث تقف المصالح المؤسسية والسياسية والفردية حائلاً دون الاتفاق على الإطار القانوني كشرط مسبق لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021 وذلك وفقاً لما اتفق عليه ملتقى الحوار السياسي الليبي في خارطة الطريق التي أقرها مجلس الأمن الدولي».
وأكد المبعوث الأممي أن قوى الوضع الراهن القديمة والجديدة تستخدم أساليب متنوعة وحججاً مشروعة في الغالب تفضي إلى نتيجة واحدة فقط - وهي عرقلة إجراء الانتخابات، مشيرا إلى أن البعثة تواصل تيسير الجهود الرامية إلى إيجاد أرضية مشتركة، بما في ذلك من خلال عمل لجنة التوافقات التي شكلها الملتقى والتي سوف تجتمع يوم غد، وأيضاً عبر تواصلي شخصياً مع القادة السياسيين وغيرهم في ليبيا.
وأوضح أنه طُلب من البعثة والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات تقديم المشورة للجنة التي شكلها مجلس النواب وهم على استعداد للقيام بذلك بهدف تسهيل إجراء الانتخابات مع اتخاذ خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي ومقترح اللجنة القانونية كمرجع لنا. وتعتزم هذه اللجنة الاجتماع الأسبوع المقبل في إيطاليا.
وأضاف مخاطبا مجلس الأمن: «يعتريني قلق عميق من التبعات الأكبر التي ستترتب عن هذا المختنق في المسار السياسي/ الانتخابي والتصدعات ذات الصلة التي نجمت عن الخلاف بين مؤسسات الدولة الليبية الرئيسية، وبالأخص بين حكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب، وكذلك بين حكومة الوحدة الوطنية والجيش الوطني الليبي، وأيضاً بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وبين الراغبين في احترام تاريخ 24 ديسمبر ومن يرتأي إرجاء الانتخابات».
وقال كوبيش إنه في حال لم يصل المختنق حول القاعدة الدستورية والجفوة الحالية بين مؤسسات الدولة إلى حل سريع وفي حال لم تبدر على أبرز قادة البلاد ما ينم عن وجود الإرادة السياسية للتوصل إلى حل وتقديم التنازلات والتنفيذ، فإن ذلك سوف يؤدي إلى انتكاسة في الزخم الإيجابي الذي لمسناه قبل أشهر قلائل فقط.
وأضاف: «أما التداعيات المترتبة على المختنق السياسي والخطورة التي يشكلها على الأولويات الوطنية الأساسية الأخرى، لا سيما على المسارين الأمني والاقتصادي، فقد بدأت بالظهور، فمجلس النواب لم يقر الميزانية المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية رغم الجولات المتعددة من المشاورات بين مجلس النواب والحكومة لوضع اللمسات الأخيرة على مقترح الميزانية. وباءت آخر الجهود بهذا الخصوص بالفشل في هذا الأسبوع تحديداً وهذا يعني أن ليبيا تتجه نحو إجازة العيد بدون ميزانية وبدون الدعم اللازم الذي يمكن تقديمه للناس».
وأردف: «لحد الآن، لم يتفق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على كيفية المضي في عملية التعيين في المناصب السيادية رغم العديد من الاجتماعات التي عُقدت بتيسير من المغرب. وكذلك لم يتمكن المجلس الرئاسي والحكومة من التوصل إلى اتفاق بشأن تعيين وزير الدفاع، وهو منصب حيوي وبالغ الأهمية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإحراز تقدم في نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريحها وإعادة ادماجها وإصلاح القطاع الأمني وإعادة توحيد المؤسسة العسكرية».
وقال يان كوبيش إنه رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار ما يزال قائماً عدا عن بعض المناوشات البسيطة بين المجموعات المسلحة والعصابات الإجرامية، إلا أن وحدة اللجنة العسكرية المشتركة وتنفيذ الاتفاق معرّضان للانهيار في حال استمرار تعثر التقدم السياسي، حيث تضطلع اللجنة العسكرية المشتركة بدور حيوي في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإنجازات هذه اللجنة في السابق هي التي مهدت الطريق لإحراز تقدم على الصعيد السياسي. لذا، لا بد من بذل أقصى الجهود للحفاظ على وحدتها وعزل عملها عن الآثار الضارة لهذا المختنق السياسي والخلاف الدائر بين أبرز الأطراف السياسية الليبية.
وكشف المبعوث الأممي عن انه في الوقت الراهن، تعد الأمانة العامة العدة للمرحلة الأولى من عملية إرسال مراقبي وقف إطلاق النار، بما في ذلك عبر توظيف العاملين وشراء ما يمكّن من القيام بهذه العملية. ومن ثم ستتواصل الأمانة العامة مع الدول الأعضاء بشأن الدعم اللازم لاستكمال إرسال وحدة مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للبعثة فور تأمين الموارد المالية اللازمة.
مجابهة الارهاب وخروج القوات الأجنبية
وأضاف: «استمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب يهدد وقف إطلاق النار. لذا لا بد للأطراف الليبية والدولية الفاعلة أن تتفق على خطة للبدء في سحب المرتزقة والقوات الأجنبية بالكامل. إن المؤشرات الأولية لتحقيق هذه الغاية مشجعة، بيد أن هناك حاجة إلى اتخاذ خطوات ملموسة والتوصل إلى اتفاق».
وحذر كوبيش أن الوضع الأمني ازداد تعقيداً بسبب الهجمات الأخيرة والتهديد الإرهابي المتجدد من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم (داعش)، لاسيما في الجنوب، حيث إن التأخر في إعادة توحيد الجهاز الأمني والعسكري الليبي إلى جانب عدم وجود نهج مركزي ومنسق يفسح المجال أمام المنظمات المتطرفة من دعاة العنف للتجنيد والعمل وزيادة أنشطتها الشاذة.