بعد واقعة التزوير بمعرض الكتاب.. «الدستور» تخترق عالم الإصدارات الوهمية
قبل أيام قليلة، أغلقت إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب، الجناح رقم «ب 66» بعد اكتشاف قضية تزوير على أحد المشاركين في المعرض هذا العام، وكان من المفترض عدم مشاركته من البداية، إلا أنه شارك باسم آخر مستعار، حتى فُضح أمره أمام الجميع.
لم تكن تلك الواقعة هي الأولى من نوعها في عالم تزوير الكتب، فدائمًا ما نجدها ملقاة على الأرصفة بلونها الأصفر الباهت، مدون عليها أسماء كتاب عظام، ودور نشر غير معروفة، نتبين منذ الوهلة الأولى أنها نسخ مقلدة؛ كان مصيرها السرقة بعدما اجتهد أصحابها في تدوينها، لتُباع بأسعار بخسة، دون النظر لحقوق الملكية التي تخص الكاتب أو دار النشر المسؤولة عن توزيعها.
كانت الكاتبة هند عبد الله، إحدى ضحايا تزوير الكتب، فقد وجدت كتابها المعروف وسط الشباب باسم "بلا نيلة" يُباع على الأرصفة مقابل سعر أقل من سعره الحقيقي؛ مما أثر ماديًا على دار النشر الموزعة له من عد تحقيق الأرباح الكافية.
الكاتبة ولكونها تهدف بكتابتها إلى معاني أسمى من السرقة، لم تعبأ بما حدث أو تأخذ رد فعل تجاهه، لكن كانت راضية بوصول كلماتها إلى القراء بأي شكل دون اشغال بالعائد المادي.
"البائعون طلبوا مني أوقع على كل الكتب بتاعتي، واتصورت مع كتبي المضروبة"، تقولها الكاتبة خلال حديثها مع "الدستور"، مشيرة إلى أن عمليات سرقة كتابتها تكررت كثيرًا وسط غياب من الجهات الرقابية التي تتحكم في هذا الشأن، مضيفة: "دور النشر والناشرين يعملون على الطبع والنشر للكتاب الشباب على نفقتهم الخاصة في انتظار العائد من المبيعات حتى يستمروا في عملهم، لكن ما يحدث الآن يؤثر كثيرا عليهم ماديًا، ويضعف مساهمتهم في هذا المجال".
وأجرت "الدستور" جولة داخل منطقة افترش بها عدد من بائعي الكتب في أماكن مختلفة لكن مصدرهم واحد، وهي مطبعة "بير سلم" تعمل على تقليد الكتب والروايات التي تعود ملكيتها لدور النشر في مصر، وتروجها عبر هؤلاء البائعين بمبالغ أقل سعرًا من ثمن النسخ الأصلية.
في منطقة فيصل، امتلأت نواصي الشوارع الرئيسية بعدد من بائعي الكتب المقلدة، واتضح من خلال الحديث معهم، ومواجهتهم بمقارنة الكتب المباعة لديهم بالنسخ الأصلية منها، أنهم يعملون بالاتفاق مع مطبعة في أحد الشوارع الصغيرة على بيع الكتب المطبوعة على الأرصفة مقابل أجر يومي، مع العلم أنهم يدركون ماهية هذه الكتب، والطريقة المتبعة في تزويرها.
وبالانتقال إلى مصدر الكتب المضروبة، وجدنا المطبعة داخل شقة سكنية في منطقة الطوابق، واتفقنا مع صاحبها على شراء 100 نسخة من كتاب معين مقابل سعر رمزي للغاية، لنكتشف من خلال هذه الجولة الطريقة المُستخدمة، في تقليد الكتب وتزويرها.
وتكمن الطريقة في تصميم الغلاف بذات الشكل والجودة لكن التلاعب يكون في استخدام أوراق رديئة من الداخل، بجانب حذف المصادر والهوامش والصفحات الزائدة وتغيير الإهداء أو حذفه؛ حتى توفر لهم بعض المال، كما يعملون على تزوير كل الكتب المعروفة بين القراء لبيعها بشكل أسرع.
وبالحديث مع سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، أوضح أنه يجرى الآن تعديل قانون خاص بالناشرين المقرر تقديمه لمجلس النواب، وهو تغليظ العقوبة إلى 400 ألف جنيه، بدلًا من 10 آلاف جنيه، والحبس، وتذهب الغرامة للمتضرر، كما يعمل الاتحاد على حصر المواقع التي تقوم بقرصنة الكتب وتوفيرها إلكترونيًا، وقدر عددها بـ63 موقعًا، مع إلزامها بدفع مبلغ مالي يقدر بمليون دولار من كل منها.
ويقول سعيد، إن الاتحاد يطلق حملات توعوية باستمرار تضمن ورش ودورات تدريبة لمواجهة النشر تحت شعار ضد التزوير والقرصنة، بالإضافة إلى تغيير أعمال نقل الكتب التي تتم فى صناديق السجائر كونه تصرف لا يليق، وتصنيع كرتونة جديدة برعاية إحدى المؤسسات، وسيتم ذلك فى الدورة الجديدة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.