المجتمع المدنى وبناء الوعى
مع مراعاة الإجراءات الاحترازية من التباعد الاجتماعى، وارتداء الكمامات، واستخدام المطهرات، عقد "منتدى حوار الثقافات" والذى بدأ منذ ثلاثين عامًا كجزء أساسى من نشاطات الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية- مؤتمرًا لمدة ثلاثة أيام (15 : 17 يونيو 2021) تحت عنوان "المجتمع المدنى وبناء الوعى – تحديات اللحظة الراهنة"، وذلك بحضور العديد من الأكاديميين والكتاب والمفكرين والصحفيين والإعلاميين ونواب من مجلسى النواب والشيوخ وممثلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى من جمعيات أهلية وهيئات ونقابات.
وتناول المؤتمر على مدى 4 جلسات رئيسية وجلسة ختامية عدة موضوعات، منها المجتمع المدنى وبناء الوعى، والمواطنة ووحدة المجتمع (سد النهضة نموذجا)، والفن ودوره فى بناء الوعى، والإعلام وصناعة الوعى، وتناولت الجلسة الختامية عددًا من التوصيات تحت عنوان خلاصات وتوجهات مستقبلية.
وفى الجلسة الافتتاحية رحبت الأستاذة سميرة لوقا، رئيس قطاع أول الحوار بالحضور، وأشارت فى كلمتها إلى أهمية هذا اللقاء الذى يعتبر استكمالا لجلسات تمت على مدى عدة أشهر حول المواطنة، ومواجهة خطاب الكراهية، وفكرة الوعى فى بناء المواطن المصرى، وهذا بجانب الدور الخدمى والتنموى الذى تقوم به الهيئة على مدى أكثر من سبعين عاما.
وتناول الدكتور القس أندريه ذكى، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، العلاقة الوثيقة بين الدولة القوية والمجتمع المدنى القوى، وأكد على أن المجتمع المدنى القوى قادر على الإسهام فى التغيير والتطوير والمشاركة فى صناعة القرار، وأننا فى حاجة إلى مجتمع مدنى يؤمن بالعمل الجماعى ويؤمن بفكرة الوسطية والاعتدال، كما أشار لأهمية توافر وتبادل المعلومات مع حق المساءلة للمسئولين وحق النقد البنَّاء.
واسمحوا لى وفى إطار المساحة المسموحة للمقال أن أتناول الجلسة الأولى وعنوانها "المجتمع المدنى وبناء الوعى"، والتى أدارتها باقتدار دكتورة نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.. وفى هذه الجلسة ركز الدكتور عبدالمنعم سعيد عضو مجلس الشيوخ، فى حديثه على التعريفات الخاصة بالوعى، حيث أشار إلى أن "الوعى فى علم النفس هو قدرة الإنسان المتميزة على شعوره بذاته وتميز ذاته عن الآخرين، وفى قول آخر الوعى هو قدرة الإنسان على تفاعل المعرفة المكتسبة فرديًا واجتماعيًا، والوعى هو الحالة العقلية التى يتم من خلالها إدراك الحقائق التى تدور من حولنا، فيجعل الإنسان أكثر قدرة على اتخاذ القرار فى المجالات والقضايا المختلفة، وأكد أيضًا على أن المجتمع المدنى بكل مكوناته أحد مصادر الوعى، وأننا لسنا فقط فى حاجة لتجديد الفكر الدينى فقط، ولكننا فى حاجة إلى تجديد الفكر المدنى أيضًا، كما أننا فى حاجة إلى معرفة الأسباب الحقيقية لأى ظاهرة أو أزمة، ولا ينبغى الاعتماد فقط على نظرية المؤامرة فى تفسير ما يحدث.
وفى نفس الجلسة أكد الدكتور أسامة العبد، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، على أن الوعى قضية مهمة لتفادى الوقوع فى الأخطاء ولمعالجة قضايا المجتمع، والوعى بالمخاطر يحتاج إلى إعمال العقل الذى كرم الله به الإنسان ليُفرِّق بين الحق والباطل، وأنواع الوعى كثيرة “الأخلاقى والسياسى والثقافى والفكرى والاقتصادى والمعرفى”، واختتم قوله بأن الوعى بداية النور الحقيقى للأمة.
واختتم الجلسة الدكتور مسعد رضوان أستاذ علم الإدارة العامة والمحلية واستشارى الإدارة والتنمية، مؤكدا أن الوعى هو وضع منظومة قيمية فى العقل الجمعى للمجتمع، وقدم عدة تساؤلات هامة بالنسبة للمجتمع المدنى خاصة بمدى اهتمام المجتمع المدنى بأبعاد القضايا، ومدى تكامله مع القضايا المجتمعية، وجاهزية منظمات المجتمع المدنى للقيام بدورها وبوضع رؤية مستقبلية (2030).
كما تناول محورًا هامًا حول مدى ثقة المجتمع والمواطنين فى منظمات المجتمع المدنى، مشيرًا إلى أن نسبة الثقة فى مصر تصل لمعدل 59% وهى نسبة معقولة جدًا، كما طالب منظمات المجتمع المدنى بالعمل على تحديث وتطوير آلياتها، واتفق مع بقية المتحدثين والحضور على أن الوعاء المعرفى الثقافى القيمى لدى الإنسان يتم استخدامه فى فهم الظروف المحيطة، وأنه لا يمكن بناء الوعى عن طريق حشد وتعبئة الرأى لاتجاه واحد.
ولقد ركز الحضور فى كلماتهم على أهمية الوعى المجتمعى وأهمية الشفافية وحق وإتاحة تداول المعلومات.