الباحث السورى نبيل فياض: المنتمون لـ«الإسلام السياسى» بدائيون لا علاقة لهم بأى أبعاد معرفية
فى وقت مُبكر من مشواره البحثى، انخرط الباحث السورى نبيل فياض فى جدال علمانى أصولى يبتغى من خلاله الرد على أبرز ما يثيره المسلمون الأصوليون؛ فكانت البداية فى هذا الصدد مع كتاب «حوارات فى قضايا المرأة والتراث والحرية»، الذى جاء تعقيبًا على كتاب للشيخ السورى محمد سعيد البوطى بعنوان «هذه مشكلاتهم».
تطور هذا الجدال الذى شكل النواة الأولى لأعمال الباحث السورى فى كتابه «يوم انحدر الجمل من السقيفة»، الذى جاء ردًا على كتاب الشيخ البوطى «هذه مشكلاتنا». وحينما نشر البوطى كتابه «أم المؤمنين عائشة»، رد عليه نبيل فياض بكتابه «أم المؤمنين تأكل أولادها».
من هذا الجدال المتسم بالجرأة فى أطروحاته، انطلق «فياض» نحو تأسيس مشروعه البحثى المرتكز على الدين المقارن، وفيه كتب وترجم العديد من الأعمال، ومنها «مدخل إلى مشروع الدين المقارن»، و«القصص الدينى»، و«قصة النبى إبراهيم»، و«حكايا الطوفان»، و«حكايا الصعود»، و«نصّان يهوديان حول بدايات الإسلام»، وغير ذلك الكثير.
«الدستور» حاورت الباحث السورى حول انشغالاته البحثية الجديدة، فضلًا عن القضايا القديمة التى انخرط فى مناقشتها، لكنها لا تزال حاضرة فى الواقع الراهن.
المغالطات فى التاريخ الإسلامى
فى إطار اهتمامه بإبراز المغالطات المثارة حول التاريخ الإسلامى، يكتب فياض سلسلة من الكتب حول «بنى أمية»، وينتظر صدور كتاب جديد له بعنوان «زمن يزيد».. سألناه ما دافعك للرجوع إلى تلك الحقبة فى الوقت الراهن؟ فأوضح أن كتابه «زمن يزيد» هو الحلقة الثانية من مجموعة كتب يطمح إلى تقديمها عن بنى أمية، فالعمل الأول كان بعنوان «زمن معاوية»، وربما سيكون التالى «زمن مروان».
وقال: صممت على تقديم كل ما وصل إلى يدىّ منذ عام ١٩٩٤ حول الخليفة الثانى. طبعًا لا قناعة لدىّ بحرف واحد من هذا التاريخ، لكننى أُقدمه لأنه حجة على من يؤمن به؛ الكره والقتل والدم فى تاريخنا المفترض ليس عقيدة، إنها جينات. نحن أناس مفطورون على القتل.
فى لبنان وسوريا صارت الطيور المهاجرة تتخذ مسارًا غير ذلك القديم بسبب كثرة الإفناء الذى تتعرض له. وحين أرسلت إلىَّ صبية من اللاذقية صورة رأس خالها يشوى على النار، وحين رأيت صورة لأبى صحار يأكل قلب جندى سورى، ورأيت صورة لطفل سورى يذبح كهلًا علويًا فى دير الزور، وشاهدت فيلمًا لشباب من الرقة يقتلون رفسًا ثلاثة جنود سوريين، تيقنت أن هذا ليس ثقافة وإنما عرق.
هل يعقل ما حصل فى كربلاء «معركة كربلاء عام ٦٨٠م، التى انتهت بقتل جيش يزيد بن معاوية الحسين بن على بن أبى طالب وأهل بيته وأصحابه»؛ ٧٢ شخصًا يقاتلون أكثر من عشرة آلاف شخص!
هل يستأهل هؤلاء القلة كل صنوف العذاب تلك؟ ولماذا يصمت كالقبور مشايخ السنة عن مذبحة الحرة «واقعة قتل وتدمير جيش مدينة الحرة فى عام ٦٣ هجرية بعد خلع أهل المدينة لبيعة يزيد؟» لأنها قتال داخلى سنى، والشيعة لا يرغبون أن تُسحب الأضواء عن كربلاء، كى لا يخف نبع جدولهم التطهيرى.
مع ذلك، تظل قناعتى بأن هذا التاريخ فى معظمه كذب وافتراء، خاصة أن من كتبه لا علاقة له بالأمويين. هل سيكتب العباسيون والشيعة والمعتزلة كلامًا جميلًا بحق بنى أمية؟.. لا أعتقد. ما كتبه بعض الشيعة عن أم يزيد ميسون يصل إلى مستوى الافتراء والتشويه.
هل توجد علمانية متطرفة؟
فى كتابه «مراثى اللات والعزة» كتب الباحث السورى: نحن علمانيون متطرفون، لا علاقة لنا بالاعتدال، لا من قريب ولا من بعيد.. لقد مرت على البشرية ألوف السنوات وهى تحكم من أكاذيب مقدسة أوصلتها إلى درك الحضارة الأسفل، فلولا العقل العلمانى الغربى لما خطا الإنسان فى درب الارتقاء.
ورغم ذلك حينما سألته حول قناعته تلك: «إن كنت تدافع عن العلمانية المتطرفة ولا ترى بديلًا عنها، كيف ترى جنوح قطاع عريض من المثقفين نحو تجنب الأطروحات الصادمة للعقل الجمعى العربى.. وهل تعتقد أن التوجه العلمانى المتطرف يمكن أن يحقق أثرًا فى المجتمعات العربية لا سيما مع اصطدامه بما تعتبره فئات عدة ثوابت لا تقبل النقاش؟» أجاب ساخرًا: هل توجد علمانية متطرفة؟ لا أعرف. العلمانية هى فصل الدين عن الدولة. المثقفون لا يرغبون بالصدام مع ثوابت المجتمع؟ ما الحل؟ هل سنرمى بكتبنا وبحوثنا فى سلة المهملات كى لا تصطدم مع الثوابت؟.. كلام نفاقى مضحك.
العلمانية هى الديمقراطية المعرفية، هى الحرية، القسرية فى الحرية. بحوثى قادتنى فى الحقل الإسلامى إلى كل ما هو مناقض للثوابت الإسلامية، لكن العلمانية المتطرفة التى تشيرون إليها تمنع علىَّ فرضها على البشر. بالمقابل، لا أسمح لأحد بفرض ترهاته علىَّ؛ أتقبلك على أميتك، تقبلنى على معرفتى.
القومية والطائفية
قارب «فياض» فى كتاباته بين القوميين والإسلاميين، فى كتابه «مراثى اللات والعزى» يقول: القومية هى ذلك الحمار الأعرج الذى ركبه بعضهم مقابل الطائفية؛ للوصول إلى السلطة، وما إن تربعوا فوق قممهم قتلوه، خلعوا بذلات الرفاقية الموشومة بنياشين القومية، وارتدوا جلابيب الطائفية التى لا توحى إلا بأن تلك الكائنات أبعد ما تكون عن الحضارة.. سألته ما المبرر الذى يجعلك تضع الإسلاميين ودعاة القومية فى الكفة ذاتها؟ ألا يمكن أن يكون الاتجاه القومى ضرورة فى بعض الفترات التاريخية؟
فأجاب فياض: القومية لا تهمنى فى شىء. علاقة الإنسان بالإنسان فوق الدين والجنس والقومية. القومية طبخة فاسدة، مشروع فاشل سلفًا. فى مصر، على سبيل المثال، انتهت القومية بجرة قلم من السادات حين قام بحركة ١٥ مايو وشطب تراث عبدالناصر وعلى صبرى.
والبعث السورى امتص أموال السوريين من أجل ما أسموه طلائع البعث واتحاد الشبيبة والحزب القائد. كانوا يتسلمون الطفل بعمر ست سنوات، وبعد المراحل القومية، نجده فى أحضان جبهة النصرة. كل هؤلاء الإرهابيين الطائفيين سوريون تقريبًا، وكلهم درسوا وتدربوا فى معاهد البعث، فكيف انتهوا نصرة ودواعش؟
الإرهاب خرج من عباءة الإخوان
كتب فياض فى مقال قديم له: «من عباءة الإخوان خرج الإرهاب كلّه. ولولا عصابة الإخوان المسلمين، لانتهى فيروس الإرهاب الإجرامى بين المسلمين، ولدخل المسلمون عمومًا عصر التواصل المعرفى والقرية الإعلامية الواحدة على أفضل وجه».
ورغم انتقاداته الواسعة لتجربة الإسلام السياسى وجماعة الإخوان فى مقالاته، جاء رده على سؤالى عن الأثر الذى تركته تجربة الإسلام السياسى فى البلدان العربيّة مُقتضبّا، إذ اكتفى بقوله: لا أفهم معنى الإسلام السياسى. نحن نمنح هؤلاء البدائيين بعدًا معرفيًا لا علاقة لهم به.
إصدارات دور النشر تتسابق للإعلان عن إصداراتها الجديدة فى معرض الكتاب
انفراجة يشهدها قطاع النشر فى مصر مع اقتراب موعد معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى سيقام فى دورة استثنائية بدءًا من ٣٠ يونيو، وعلى مدار أسبوعين، إذ أعلنت دور النشر عن إصداراتها الجديدة التى سترى النور للمرة الأولى فى المعرض المقبل، والتى كان بعضها قد تأجل نشره على خلفية حالة الركود التى شهدها قطاع النشر فى العالم العربى أجمع، إثر جائحة كورونا.
ولا تزال الرواية قادرة على اجتذاب قطاعات مختلفة من القراء والكُتّاب معًا؛ إذ يتجه كتاب ومؤرخون لكتابة أعمال روائية للمرة الأولى، ومنهم الناقد الفنى محمود عبدالشكور، الذى أعلن عن صدور روايته الأولى «حبيبة كما رواها نديم» عن دار الكرمة للنشر والتوزيع فى معرض الكتاب، وكذلك المؤرخ البارز محمد عفيفى الذى أعلن عن روايته التاريخية الأولى «يعقوب» التى ستصدر عن دار «الشروق».
ومن الأعمال الروائية التى ينتظرها القراء كذلك رواية «بالحبر الأزرق» لهشام الخشن عن «الدار المصرية اللبنانية»، ورواية «غربة المنازل» لعزت القمحاوى عن الدار ذاتها، كذلك «جنازة السيدة البيضاء» للروائى عادل عصمت عن «الكتب خان». ومن المنتظر أيضًا أن تطرح «دار المتوسط» رواية جديدة للكاتب المغربى عبدالفتاح كيليطو بعنوان «والله إن هذه الحكاية لحكايتى»، وكذلك رواية «ماكيت القاهرة» للكاتب المصرى طارق إمام.
وبالإضافة للروايات العربية، فمن المنتظر صدور عدد من الروايات المترجمة حديثًا، ومنها «هل تحلم الروبوتات بخراف آلية؟» التى ترجمها محمد السعدى لصالح «دار المدى العراقية»، وهى رواية خيال علمى تحولت إلى فيلم بعنوان Blade Runner، كما يُصدِر عادل الميرى عن «دار العين» ترجمة لرواية «النومة الأخرى» التى كتبها جوليان جرين، فيما تصدر الترجمة الكاملة للكتاب الأول من مغامرات آرسين لوبين عن «دار الرواق للنشر».
وهناك عدد من الأعمال فى مجال «السيرة الذاتية» من المنتظر صدورها فى الدورة ٥٢ من معرض الكتاب، ففضلًا عن الكتب التى تصدرها دار «ريشة» للنشر فى هذا المجال، وأحدثها السيرة السينمائية للمخرج داود عبدالسيد التى يقدمها محمود عبدالشكور، و«يحيا يحيى» للناقد طارق الشناوى، فهناك أيضًا إصدارات أخرى منها كتاب «سيدة الشاشة إن حكت.. مذكرات وذكريات فاتن حمامة» عن «مركز الهلال للتراث الصحفى»، تحت إشراف الناقد الفنى أشرف غريب، و«حكاية سناء» للمخرجة روجينا بسالى، عن «بيت الياسمين للنشر والتوزيع» الذى يروى قصة حياة الفنانة سناء جميل، وكذلك كتاب «سعاد حسنى.. تفاصيل السنوات الأخيرة» للكاتب محمود مطر، والذى سيصدر عن «دار بتانة».
ويصدر للمفكر السورى هاشم صالح، عن «دار المدى» العراقية كتاب جديد بعنوان «العرب بين الأنوار والظلمات.. محطات وإضاءات» وهو كتاب يحاول الإجابة عن سؤال: هل يمكن أن يخرج العرب من الظلمات إلى النور فى المدى المنظور؟
ومن المنتظر أن تُصدِر دار «ابن رشد» كتاب «حديث فى الدين والجنس والأدب والسياسة» للكاتب المصرى أشرف البولاقى، والذى يحاول من خلاله رصد المتغيرات فى المجتمع المصرى خلال السنوات الأخيرة، فيما يعود الكاتب الصحفى محسن عبدالعزيز فى كتابه «ليل الخلافة العثمانية الطويل» الذى سيصدر عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب» إلى التاريخ محاولًا الربط بين الماضى والحاضر.
وكذلك فهناك عدد من الكتب المترجمة المنتظر صدورها فى معرض الكتاب ومنها كتاب «ضد أمازون.. لماذا يكره بائعو الكتب أمازون؟» لخورخى كاريون، الذى ترجمه شرقاوى حافظ لدار «العربى للنشر والتوزيع»، و«لغز مايو ٦٨.. لنا الحق فى التمرد» للفيلسوف الفرنسى آلان باديو، والذى ترجمه أحمد حسان ويصدر عن دار «صفصافة».
ترجمات :بيل كلينتون يتحدث عن كتبه المفضلة وقراءاته الحديثة
فى حواره مع صحيفة «الجارديان» البريطانية، تحدث بيل كلينتون، الكاتب والرئيس الثانى والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، عن الكتب التى غيّرت حياته، والكُتّاب الذين منحوه الإلهام والمتعة، متطرقًا للحديث عن الكتب التى قرأها مؤخرًا والموضوعات التى تسلط الضوء عليها.
ويبين «كلينتون» أنه انشغل مؤخرًا بقراءة عدد من الكتب هى «نهاية كل شىء» للفيزيائية كاتى ماك، التى تشرح من خلاله النهايات الخمس المتوقعة لعالمنا استنادًا إلى أمنية بأن يأتى ذلك بعد وقت طويل لا يمكن تصوره.
وتأتى قراءته لهذا الكتاب بالتزامن مع كتاب برايان جرين «حتى نهاية الوقت»، فضلًا عن كتاب بعنوان «عقول مغلقة على اتساعها»، وهو دراسة شاملة عن صعود اليقين الصارم فى السياسة والاقتصاد والأدب، وما يمثله من تهديد للديمقراطية بما تتطلبه من انفتاح وتوافق.
ويشير «كلينتون» إلى أن كتاب «إنكار الموت» لأرنست بيكر غيّر حياته، إذ جعله يعيد التفكير فى جذور أعمق المخاوف ومناطق عدم الأمان فى النفس البشرية، أما كتابا «الطبقة» لإيزابيل ويلكيرسون، و«فكر مرة أخرى» لآدم جرانت فقد دفعاه لإعادة التفكير فى التصورات والمعتقدات المتجذرة وغير المدروسة، ليس فقط فيما يتعلق بالعرق والجنس والطبقة والدين، ولكن أيضًا فى أى عدد من التصنيفات التى تقودنا إلى رؤية الآخرين على أنهم أقل شأنًا أو أقل استحقاقًا لأن نراهم أو نسمعهم.
ويعتقد «كلينتون» أن رواية «مائة عام من العزلة»، التى كتبها جابرييل جارسيا ماركيز، هى أعظم رواية كُتِبت منذ وفاة ويليام فولكنر، لافتًا إلى أنه قرأ فى عامه الأول من الدراسة الجامعية خمسة كتب عززت ميله نحو الكتابة هى: «الشمال نحو الوطن» لويلى موريس، و«اعترافات نات تيرنر» لويليام ستايرون، و«لن تستطيع أن تعود إلى البيت بعد الآن» لتوماس وولف، و«النار فى المرة القادمة» لجيمس بالدوين، و«أعرف لماذا يُغرد الطائر الحبيس» لمايا أنجيلو.
ورغم حبه لقراءة الشعر والنثر والقصص الأيرلندى وما يكتبه الكاتب الأيرلندى جيمس جويس على وجه الخصوص، فإن «كلينتون» يلفت إلى أنه يشعر بالخجل كونه لم يستطع إكمال قراءة روايته «عوليس»، وأنه سيحاول تكرار المحاولة لاحقًا.
أما الكتب التى عادة ما يقدمها كهدايا، فهى: «تأملات» لماركوس أوريليوس، و«العلاج فى طروادة» لسيموس هينى، و«الفتح الاجتماعى للأرض» لإدوارد ويلسون، إذ يراها كُتبًا مليئة بأشكال مختلفة من الحكمة.