«الهروب من الذاكرة».. جديد إبراهيم عبدالمجيد عن منشورات المتوسط
صدرت عن منشورات المتوسط -إيطاليا، ثلاثية روائية جديدة للكاتب والروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، بعنوان «الهروب من الذاكرة»، وجاءت عناوينها الفرعية كالتالي: «العائد إلى البيت في المساء»، «طريقان للهروب»، و«لأنَّ في الدنيا نساء»، وستكون الرواية موجودة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ52.
بين «الهروب من الذاكرة»، والطرقِ التي يقطعُها «العائد إلى البيت في المساء»، يظهرُ منها، على الأقلّ «طريقان للهروب»، يُفاجئنا الواقعُ بغرائبيةٍ تتفوَّق على الخيال، وما من هروبٍ إلَّا وتتبعهُ مآسٍ لعلَّ أوَّلها كما يُخبرنا الروائي إبراهيم عبد المجيد، في ثلاثيتهِ هذه؛ هي الذَّاكرة. و «لأنَّ في الدنيا نساء»، تكفي قبلةٌ واحدةٌ لتلتهمَك المتاهةُ، وقبلةٌ ثانيةٌ لتُغادر البلاد. تكفي ضحكةٌ عاليةٌ في ميدان التحرير لتدخل السجنَ. وتكفي أشياء تافهةٌ، كاريكاتوريةٌ أحياناً، كأنْ لا يكونَ هناك سببٌ أو قضية؛ لتتحوَّل الحياةُ إلى تراجيديا، تتراوَحُ بين القضبانِ الحديديَّة، وبين مشروعِ مجدي هبة الله، بمؤازرةِ زوجته زينب، وأصدقائه المساجين، لبناء بيتٍ جديدٍ يصلُ، بأحلامهم، إلى السماء.
ثلاثيةٌ روائيَّة مُلهِمَةٌ، تفسحُ المجالَ لسَرْدٍ يُزعزعُ الكثيرَ من المُسلَّمات، وما يجعلُ مُدناً بأكملها ترزحُ تحتَ قبضةِ الخوفِ من التاريخِ الذي يعيدُ أحداثَهُ. فما نهربُ منهُ، نجدهُ أمامَنا، يُكبِّلنا، ويحاصرُ أرواحنا. ولا خلاصَ بين يمينٍ ويسار، بين مأساةٍ وملهاة، بين ذاكرةٍ ومحاولة نسيان؛ إلَّا بالهروب إلى الحرّية والحلم وتتبّع أصوات الثورة، بدءاً من السطرِ الأوَّل لكلِّ جزءٍ من الثلاثية: «رأيتُ فيما يرى النائمُ...».
من الكتاب:
... هو الآن يشتاق إلى السفينة ذات الصاري وذات الشراع التي تدفعها الريح، ليناجيَها أن تحمله وتعبر به أفريقيا كلَّها حتَّى رأس الرجاء الصالح، ليعيش فوق الجليد. لقد شعر أمس أنه عاد إلى الجنَّة، ومع الصباح شعر أن لا أحد من أصدقائه هناك. مَنْ وما الذي جعله يحبُّ الجحيم؟ هل هي الأسود والثعابين؟ لكنه لم يستمرّ في الوقوف أمام السجن. أسمعه الله صوت أُمِّه تسأله لماذا خرجتَ من الأرض التي فرشتُها لكَ؟ ما الذي جعلكَ ضعيفاً خائفاً هكذا؟ أنا أُمُّك سرُّ الحياة، وفي البيت زوجتُكَ، الأرض التي وهبكَ اللهُ لتُثمرَها...
إبراهيم عبد المجيد، كاتب وروائي مصري. أصدر حتَّى الآن إحدى وعشرين رواية، وستَّ مجموعات قصصية، واثنَي عشر كتاباً متنوِّعاً، ما بين الدراسات والترجمة والسيرة. من أعماله "ثلاثية الإسكندرية - لا أحد ينام في الإسكندرية، طيور العنبر - الإسكندرية في غيمة"، و "هنا القاهرة"، و "قطط العام الفائت"، و "عتبات البهجة"، و "السايكلوب"، ورواية "العابرة" التي نشرتْها له دار المتوسِّط العام الماضي، كذلك كتاب "رسائل من مصر" للوسي دوف جوردون الذي ترجمه عن الإنجليزية. وكتابه "الأيَّام الحلوة فقط". تُرجمت له أعمال عديدة إلى الإنجليزية والفرنسية، وكذلك الألمانية والإيطالية واليونانية والإسبانية، وحاز على جوائز كبرى مثل جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وجائزة كتارا عن روايته "آداجيو"، وجائزة الشيخ زايد في الآداب عن كتابه "ما وراء الكتابة - تجربتي مع الإبداع".