من روائع الادب العالمى.
«الله والشيطان» قصة تولستوى عن غواية إبليس لـ آدم وحواء
الله والشيطان، هى واحدة من قصص الكاتب الروسى الكبير ليو تولستوى، التى أراد أن يقول فيها إن الإنسان مخير وليس مسير. وكأنه يقرأ قول الله تعالى "وهديناه النجدين" صدق الله العظيم.
ناقش تولستوى قضية الجبرية والاختيار بطريقة سلسة وبسيطة لدرجة أن البعض من الممكن أن يقول إن قصة "الله والشيطان" لتولستوى قصة مباشرة تشبه قصص الأطفال، غير أن القصة تحتوى على عمق شديد ولكن بطريقة السهل الممتنع ، التى كان يجيدها تولستوى بحرفيته المعهودة. والسهل الممتنع فى طريقة السرد تسحبك بطريقة تدريجية وسهلة لتجعلك واحدا من أبطال القصة، لتقف أمام الطريقين الواضحين طريق الخير على يمينك وطريق الشر على يسارك.
فى آخر الطريق الأيمن تجد الله سبحانه وتعالى وفى اخر طريق الشر تجد الشيطان . وتبدأ قصة "الله والشيطان " من مجموعة من العبيد واظن أن تولستوى كان متعمدا أن يجعل ابطال قصة من العبيد ، الذين اجتمعوا ليؤكدا على احترامهم لسيدهم الذى يحسن إليهم بعكس كل الاسياد الذين يتعاملون مع عبيدهم بالسياط ، غير أن أحدهم وكان يدعى أليب لم يعجبه كلامهم فقال لهم: لو أننا خدمنا الشيطان بهذه الطريقة المثلى سيحسن الينا ، ذلك ليؤكد لهم أن الفصل فى حسن المعاملة لا يرجع إلى السيد، بل يرجع للعبيد أنفسهم.
وهنا يصور لنا تولستوى فى قصته الشيطان الذى يعلو الشجرة ويحرض أليب ، ربما أراد تولستوى من ذكر الشجرة أن يذكرنا بقصة أبونا أدم عليه السلام وغواية ابليس له بأن يأكل من الشجرة المحرمة فى الجنة . وهنا يراهن أليب الذى تحالف مع الشيطان أقرانه من العبيد على اغضاب السيد إذا ما فعل الخطأ ، واتفق معهم فى حالة عقاب السيد له بأن يقف العبيد إلى جواره ضد السيد ،ويكون بذلك كسب الرهان مرتين ، أما الاولى فهى تأكيده للعبيد أن السيد يعاملهم معاملة حسنه لأنهم فى خدمته وأنه مستفيد من طاعتهم.
أما المكسب الثانى فهو الانقضاض على السيد ربما لأنه بتحريض من الشيطان أراد أن يكون زعيما لهم ، وبعد الاتفاق جاء السيد ومعه تجار ليشتروا منه أحد الكباش النادرة، فقام إليب بكسر ساقى الكبش أمام السيد ليغيظه فينفعل فيجلده ، وينهى تولستوى قصته بأن السيد نظر إلى السماء أى إلى الله سبحانه وتعالى ثم نظر إلى السحرة أى إلى الشيطان ثم عفا عن أليب، واكتفى بأن أخرجه من مزرعته . أو ربما كان يقصد اخرجه من جنته ، وهذا يدلل على أن تولستوى أراد أن يحكى قصة أدم وحواء عليهما السلام، بعد أن غواهما الشيطان ثم تاب الله عليهما ولكن اخرجهما من الجنة . غير أن آدم تاب وأناب بينما أليب لم يتب.