«السوشيال ميديا» منابر «دعاة الفتنة» للإفتاء والخطابة
المنع من الخطابة والإفتاء، هذا هو المطلب الذي ينادي به علماء الدين دومًا، وذلك منعًا لإطلاق أي فتوى أو كلمات منسوبة إلى الدين تتسبب في فتنة أو تقود إلى عمل خاطئ لا يحث عليه الدين.
النائب هشام الجاهل، عضو مجلس النواب، طالب وزيرَ الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بضرورة منع غير المؤهلين وغير المتخصصين في الخطاب الديني من الخطابة والإفتاء؛ احترامًا للتخصص ولطبيعة الخطاب الديني وكذلك عدم التضييق على المتخصصين وإقصائهم.
وهو ما أكد عليه الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في تصريحاته في نوفمبر الماضي، مطالبًا البرلمان بسرعة إقرار قانون الفتاوى الذي توافق عليه الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية بإجماع في اجتماع اللجنة الدينية بالمجلس، فهو الذي سيضع الأمور في نصابها ويمنع غير المؤهلين من صعود المنابر، لكن هل تمنع تلك الإجراءات غير المتخصصين من صعود منابر السوشيال ميديا؟.
هذا السؤال توجهنا به إلى عدد من علمائنا الأفاضل وعدد من المتخصصين، للرد على كيفية ردع غير المتخصصين ولا المؤهلين من تصدر واجهة الخطاب الديني.
بداية، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن مسألة الفضاء الإلكتروني جعلت أشخاصًا ينتحلون صفة الدعاة وتعتبر مسألة شائكة، لكن ما أستطيع قوله أنه من المعروف في العمل العلمي السليم أنه لابد من احترام التخصص وبالذات في أمور الدين.
وأوضح "كريمة"، في حديثه، أنه في الوقت الحالي أصبحنا في حاجة إلى توجيه الخطاب الديني بشكل جديد، بغرض علاج المذاهب الطائفية، أيضًا تنقية التراث الإسلامي من الإسرائيليات والأخبار الضعيفة، وهو ما يتطلب مجهود كبير لتوصيل الفهم الصحيح للدين وعرضه بشكل سليم.
فيما طالب الشيخ محمد زكي الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر والأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية، في حديثه مع "الدستور"، إلى وجود تجريم لمن ينتحل صفة الداعية كما هناك تجريم لمن ينتحل أي صفة أخرى، فالشئون المتعلقة بالدعوة لا يتحدث فيها إلا العلماء المكلفون بذلك.
وفي ناحية أخرى، كان لنا حديث مع اللواء رشدي القمري، مساعد وزير الداخلية السابق لشئون الاتصالات والمعلومات، الذي أكد على وجود متابعة مستمرة لما يتم بثه على وسائل التواصل الاجتماعي، لرصد أي تجاوزات قد تؤدي إلى حدوث أي نوع من الفتن، كذلك هناك مراقبة دقيقة لما يتم بثه من أي منشورات فيها سب وقصف أو إرهاب.
وأوضح "القمري" لـ"الدستور"، أن هناك إدارة خاصة لمتابعة مثل هذه المنشورات، يعمل بها ضباط دارسون للشريعة الإسلامية في الأزهر الشريف وحاصلون على ماجستير فيها، ليكونوا قادرين على تقييم ما يتم نشره، وإذا ما ثبت شبهة تطرف أو خطاب ديني سئ يتم تتبع أصحابها وتسليمهم إلى النيابة العامة ليكون لها التصرف معهم.
وسعيًا من الأزهر للتواصل مع الشباب ومنصاتهم، أكد أحمد أبوالعزم، مدير منصات "السوشيال ميديا" بدار الإفتاء، أنه يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مواجهة التطرف والعنف والأفكار التكفيرية، ونشر الفكر المستنير، ومتابعة كل قضايا الأمة الإسلامية والتفاعل والتعامل معها، بجانب الوصول للمواطنين كافة حتى تيسر عليهم معرفة الفتاوى الخاصة بدينهم، وبالتالى عدم ترك فراغ تدخل منه الجماعات المتطرفة بأفكارها المسمومة وآرائها المتطرفة.
وأوضح "أبو العزم"، في تصريحات سابقة، أن ذلك يتم عن طريق عدد من البرامج التي يتم العمل بها وتطبيقها من خلال فريق شامل للتغطية الإعلامية و"السوشيال ميديا"، مما ساهم في تصدر دار الإفتاء قائمة المؤسسات الدينية على مستوى العالم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، عبر أكبر عدد من الصفحات والحسابات على هذه الوسائل.
ولمحاربة ظهور غير المتخصصين على منابر السوشيال ميديا، انتبهت المؤسسات الدينية إلى ميل الشباب لهذه المنصات، وقدمت صفحات إلكترونية يقوم المتخصصين والمؤهلين فقط للرد على طلبات الفتاوى، أو التعمق في النصوص الدينية، وهو أحد أنواع تجديد الخطاب الديني الذي يتم المناداة به.
فعلى سبيل المثال تمتلك دار الإفتاء 16 صفحة رسمية على "فيسبوك" بأكثر من لغة وحسابين على تويتر وحسابًا على إنستجرام ويوتيوب وقناة تليجرام وساوند كلاود، تبث من خلالها أنشطة مختلفة تعرض تفنيد الفكر المتطرف.
وبلغ عدد متابعي صفحة الدار على الفيس بوك ما يقارب 10 ملايين متابع، كما وصلت قناة اليوتيوب إلى 206 ألف مشترك، ووصل حساب تويتر إلى 469 ألف متابع، وقناة تليجرام 28.2 ألف مشترك، وحساب انستجرام وصل إلى 495 ألف مشترك، ولا تزال الأعداد في زيادة.