«حصن الدولة ومنبر وسطيتها».. ماذا قدم الأزهر في ثورة 30 يونيو؟
غضب شعبي من نظام حكم إرهابي لجماعة الإخوان، حتى جاءت ثورة 30 يونيو 2013، والتي دعمها الأزهر الشريف وانحاز إلى مطالب الشعب بقوة ووقف بجانب المطالب الشعبية التي صورها أنصار الجماعة وقتها بأنها حرب ضد الإسلام، لكن وقوف الأزهر- أكبر مؤسسة إسلامية في العالم - في صف إرادة الشعب قطع عليهم هذا الطريق وحسم الأمر في قلوب وعقول الشعب.
ودعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقت ثورة يونيو، المصريين إلى إنهاء حالة الانقسام التى تشهدها البلاد، والتي قد تجرها إلى كارثة محققة، مشددًا على أن وحدتهم فوق كل اعتبار.
وطالب شيخ الأزهر، الجميع بتحمل مسئولياته أمام الله والوطن والتاريخ في اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من الأزمة، تقديرًا لصوت الشعب الذي فاجأ العالم بإلهام حضاري جديد من خلال تعبيره الراقي عن مطالبه وحقنًا للدماء، وصونًا للأعراض والأموال، وحفاظًا على الأمن القومي من التعرض للمخاطر المحدقة به داخليًا وخارجيًاـ
ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع في ذلك الوقت، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لعقد اجتماع في الثالث من يوليو 2013، مع عدد من الشخصيات بحضور البابا تواضروس وممثلين عن حزب النور وحركة تمرد، لإعلان بيان عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، والذى تم بمباركة الأزهر الشريف حقنا للدماء وإنهاء لهيمنة جماعة الإخوان على مقاليد الأمور غير عابئة بدماء المصريين.
وأصدر الإمام الأكبر بيانًا عقب إلقاء السيسي بيان 3 يوليو، أكد خلاله أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أي شعار.
وأشار الطيب، إلى أن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصري، لافتًا إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائمًا، ومصر تستحق من الجميع موقفًا وطنيًّا صادقًا.
وأتْبع الإمام الأكبر، هذا البيان بآخر أطلق عليه "بيان الوصايا العشر أو إبراء الذمة"، الذي أكد فيه أنَّ الدولة التى يُريدها الشعب المصري وتُؤيِّدها الشريعة الإسلامية هي الدولة الوطنية الديموقراطية الدستورية الحديثة.
وأكد شيخ الأزهر، أن ماحدث في 30 يونيو ليس انقلابًا ولكنها إرادة شعبية، موضحًا أنه استند في رأيه إلى القاعدة الفقهية التى تقول بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعي.
من جهة أخرى، كان للأزهر رؤية للتحولات التي حدثت بعد ثورة 30 يونيو، ففي ظل محاولات من الجماعات المتشددة لاختطاف الوطن وإرهاب أبنائه، وقف الأزهر مساندا للدولة المصرية ومقدرات الشعب المصري وتضامن مع الكنيسة المصرية ضد استهداف المواطنين المسيحيين وكنائسهم، بعد محاولات تلك الجماعات إيقاع الفتنة بين أبناء الوطن، ولولا وعي المؤسسات الدينية في البلاد وتضامنها مع بعضها البعض لتحقق غرض تلك الجماعات.
وفي مواجهته للتطرف والإرهاب، أرسى الأزهر مبدأ سيادة القانون رافضا أن تصبغ مواجهة الإرهاب بصبغة دينية، بل أن تكون مواجهة دولة في مواجهة خارجين على القانون، فرفض الأزهر تكفير تنظيم "داعش" حتى لا يكون الأمر صراع ديني، وإنما حرب تخوضها الدولة ضد مفسدين في الأرض، رافضا في الوقت ذاته أن يقوم بدور السلطة الكهنوتية التي تعطي للناس صكوك الإيمان والكفر.
كما عزز الأزهر من دور بيت العائلة المصرية الذي يجمع رموز الدين الإسلامي والمسيحي ونجح في وأد الفتنة الطائفية وإجراء المصالحات بين الأطراف المتنازعة في المدن والقرى بجميع أنحاء الدولة.
ولم يكن الأزهر بمنأى عن الأخطار التي تهدد الدولة من المنافذ الحدودية، فعمل على تعزيز تواصله مع أبناء الوطن في المناطق النائية والحدودية مثل (قوافل الشيخ زويد ورفح والعريش، قوافل حلايب وشلاتين، قوافل الوادي الجديد، قوافل سيدي براني والسلوم) وأرسل إليهم قوافل طبية وغذائية بشكل مستمر لتعزيز انتماء ابناء تلك المناطق للوطن.
وشارك الأزهر بممثلين عنه في لجنة إعداد الدستور الجديد للبلاد، وكان لهم دور بارز في صناعة الدستور والذي وافق عليه الشعب في استفتاء عام.
ودعم الأزهر جهود القوات المسلحة والشرطة المصرية في حربهما المستمرة ضد الإرهاب، وقاد مسيرة تجديد الخطاب الديني، والتجديد المستمر للمناهج التعليمية بما يتوافق مع متطلبات العصر.
كما ساهمت جولات الإمام أحمد الطيب الخارجية وقوافل السلام، واستجابة بابا الفاتيكان لدعوته بزيارة مصر، في تعزيز صورة مصر بالخارج والتأكيد على حالة الاستقرار السياسي والمجتمعي الذي أصبحت فيه البلاد.
وعقد الأزهر عدة مؤتمرات لمواجهة الإرهاب والتأكيد على قيم التعايش والمواطنة وإرساء السلام العالمي دعا إليه قادة محليين وعالميين للتأكيد على قيم التعايش والسلام ونبذ العنف والإرهاب.