«السموات المفتوحة».. فصلٌ جديد من الحراك الروسي الأمريكي قبل قمة بوتين وبايدن
قرارٌ روسي يضاعف من زخم الحراك السياسي القائم بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية، وذلك بعد مصادقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الإثنين، على قانون يقضي بالانسحاب رسميًا من معاهدة «السماوات المفتوحة» والتي سبق أن انسحبت منها واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الأمر الذي يلقي بظلاله على مستقبل العلاقات الأمريكية الروسية وتداعيات انسحاب موسكو من الاتفاق الأخير، لاسيما وأن القرار الروسي يأتي قبل أيامٍ من القمة الرئاسية المرتقبة بين الرئيس بوتين، ونظيره الأمريكي جو بايدن، في السادس عشر من يونيو الجاري.
اتفاقية «السماوات المفتوحة»
اتفاقية السماوات المفتوحة أو الأجواء المفتوحة، هي معاهدة تم إقرارها في عام 1992، في العاصمة الفنلندية "هلسنكي"، وبدأ العمل بها في 1 يناير 2002، وتضم حاليًا أكثر من 30 دولة.
وتسمح الاتفاقية بوجود طائرات مراقبة غير مسلحة للاستكشاف في أجواء الدول المشتركة، تهدف الاتفاقية إلى تعزيز التفاهم المتبادل والثقة عن طريق إعطاء جميع المشتركين بها، بغض النظر عن حجم الدولة المشاركة، دور مباشر في جمع المعلومات عن القوات العسكرية والأنشطة التي تهمها.
ويتاح للدول الأعضاء استخدام طائرات استطلاع مزودة بأجهزة رؤية تمكنها من رصد جميع أنواع الأسلحة المتواجدة على الأرض في الدول الأخرى أثناء تنفيذ مهمتها.
ويمكن للدولة التي تستضيف طائرات الدولة الأخرى أن تحصل على نسخة كاملة من المعلومات التي يتم جمعها خلال مهمتها الاستطلاعية، كما يمكن لأي دولة من الدول الأعضاء الحصول على نسخة من تلك البيانات الاتفاق مع الدولة التي تملكها.
الانسحاب الروسي
وصادق الرئيس الروسي اليوم الإثنين، على قانون فسخت بموجبه روسيا معاهدة «السماء المفتوحة» وتم نشر الوثيقة على البوابة الإلكترونية الحكومية الرسمية للمعلومات القانونية.
وذكرت الرئاسة الروسية في نص بيانها عبر موقعها الرسمي: «قدمت روسيا مساهمة كبيرة في تنفيذ المعاهدة، حيث استضافت وأجرت سنويًا أكبر عدد من رحلات المراقبة الجوية، وأصبحت أول دولة تقوم بتطوير معدات المراقبة الرقمية والبدء في استخدامها».
وأشار بيان «الكرملين»، إلى أن الولايات المتحدة انسحبت من المعاهدة بذريعة بعيدة المنال، وهذا يخل بشكل خطير بتوازن مصالح الدول الأطراف في المعاهدة الذي تم تحقيقه أثناء التوقيع عليها.
وأضاف البيان: «أعاق هذا بشكل خطير تنفيذ المعاهدة وقوض أهميتها في تعزيز الثقة والشفافية، كما أنه يهدد الأمن القومي للاتحاد الروسي، لذا، قرر الاتحاد الروسي الانسحاب من هذه المعاهدة بسبب هذه الظروف».
نية روسية مسبقة
وفي 15 يناير الماضي، أعلنت موسكو أنها ستنسحب من اتفاقية «السماء المفتوحة»، التي تسمح للأطراف الموقعة عليها بإجراء رحلات استطلاعية غير مسلحة فوق أراضي بعضها البعض، مشيرة إلى أن الاتفاقية باتت مهددة بشدة بعد انسحاب الولايات المتحدة.
وأشارت إلى عدم إحراز تقدم في الحفاظ على الاتفاقية بعد انسحاب واشنطن منها العام الماضي.
وأمر بوتين، العام الماضي بإطلاق الإجراءات القانونية الخاصة بانسحاب البلاد من اتفاقية «السماء المفتوحة» بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن انسحابها من الاتفاقية من جانب واحد.
وجاء الإعلان الروسي بنية الانسحاب من الاتفاقية، قبل أيام من تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، في 20 يناير، وسط مخاوف من بوادر سباق التسلح المحتمل.
الانسحاب الأمريكي
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، هو من اتخذ قرار الانسحاب من الاتفاقية قبل نحو عام، ما دفع موسكو إلى اتهام واشنطن بإنهاء المعاهدة.
وفي 22 نوفمبر 2020، أعلنت الولايات المتحدة، انسحابها رسميًا من معاهدة «الأجواء المفتوحة» الدفاعية، وهي واحدة من عدة اتفاقيات دولية انسحبت منها واشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وتعليقًا على القرار الأمريكي، أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، عن أسف بلاده إزاء انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الأجواء المفتوحة.
وقال بيسكوف للصحفيين: «نأسف لذلك نعتقد أن هذه المعاهدة هي حلقة وصل مهمة للغاية بشكل عام في بناء الثقة المتبادلة، من حيث الحد من التسلح وما إلى ذلك».
وأضاف بيسكوف: «لقد قلنا منذ البداية عندما أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها الانسحاب من هذه الوثيقة إن مثل هذه الخطوة، بالطبع سيكون لها عواقب سلبية ومع انسحاب الولايات المتحدة، فإن المعاهدة نفسها ستفقد قابليتها للتطبيق».
واشنطن: «لا ننوي العودة»
وفي آواخر مايو الماضي، أبلغت الولايات المتحدة، روسيا بأنها لن تعود إلى الاتفاق مجددًا، معتبرة أن موسكو لم تمتثل لبنود المعاهدة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن «الولايات المتحدة تأسف لأن معاهدة السماوات المفتوحة قد قوضتها انتهاكات روسيا».
وأضافت أن «الولايات المتحدة قررت عند انتهائها من مراجعتها للمعاهدة، أنها لن تسعى للانضمام إليها مرة أخرى، بسبب عدم اتخاذ روسيا أي إجراءات للعودة إلى الامتثال للمعاهدة».
موسكو: «نشعر بخيبة أمل»
وردًا على الإعلان الأمركي، أعربت روسيا، عن خيبة أملها من قرار واشنطن بعدم العودة مجددًا لاتفاقية «السماوات المفتوحة» للحد من التسلح.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف، إن روسيا تشعر بخيبة أمل لقرار الولايات المتحدة عدم الانضمام مجددًا إلى اتفاقية السماوات المفتوحة للحد من التسلح، رغم أن تلك الخطوة كانت متوقعة.
ونقلت الوكالة عن ريابكوف، قوله أيضًا إن الرفض الأميركي لا يوفر مناخًا مشجعًا لإجراء محادثات بشأن الحد من التسلح خلال القمة المرتقبة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتن والأميركي جو بايدن.
قمة بادين وبوتين
ويأتي الحراك الأمريكي الروسي بشأن اتفاقية «السماوات المفتوحة» ومصادقة الرئيس بوتين، اليوم، على الانسحاب منها رسميًا، قبل انعقاد قمة مرتقبة مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في جنيف الأسبوع المقبل يوم 16 يونيو الجاري.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، إنه لا يوجد سبب لإدراج الاتفاقية الأمنية على جدول أعمال اجتماع بوتين وبايدن، لأن الولايات المتحدة أوضحت موقفها.
ويعني القرار الأخير استمرار معاهدة مهمة واحدة فقط للسيطرة على الأسلحة بين القوتين النوويتين، وهي معاهدة "ستارت" الجديدة.