على جمعة : وجب على المفتي التيسير على الناس
قال الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إنه من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها المفتي، والتي قد تصل إلى الشروط في أيامنا هذه، التيسير على الناس، وإدخالهم في دين الله، وإلقاء الستر عليهم، والعمل على جعل الناس متبعين لقول معتبر في الشرع، فذلك خير لهم من تركهم للدين بالكلية، وايقاعهم في الفسق، مما يعد صدا عن سبيل الله من حيث لا يشعر العالم، إذن فالمقصد الأساسي الذي يسعى لتحقيقه المفتي هو إحداث آلية شرعية للتعامل مع التراث الفقهي الإسلامي؛ بحيث لا تخرج عنه ولا يكون عائقا للمسلم المعاصر، وأن ذلك لا ينبغي الإنكار عليه لأن الرأي الذي سينتهي إليه محل خلاف، وأساس هذا قاعدة: من ابتلي بشيء مما اختلف فيه فليقلد من أجاز.
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية، قائلا :التيسير الذي نقصده وتتبع الرخص هو ما نقل تعريفه ابن أمير الحاج حيث قال: أي أخذه من كل منها - أي المذاهب - ما هو الأهون فيما يقع من المسائل (ولا يمنع منه مانع شرعي) «راجع التقرير والتحبير شرح التحرير، لابن أمير الحاج، ج3 ص 351 : عن الترخيص»، ونستخلص من ذلك أن تتبع الرخص جائز، ولكن بشروط وقيود لا ينبغي إهمالها، وهو مذهب أكثر العلماء، ومن أبرزهم العز بن عبد السلام، والقرافي، والعطار، وغيرهم من المحققين «راجع: العز بن عبد السلام، قواعد الأحكام، ج2 ص135، والزركشي، البحر المحيط، ج6 ص325، والنووي، روضة الطالبين، ج8 ص 101، المرداوي، التحبير شرح التحرير ج8 ص 4110، وابن النجار، شرح الكوكب المنير، ج4 ص 577 و 590».
وأوضح : إنه جاء في ذلك المعنى أقوال أخرى منها قول سفيان الثوري رحمه الله: (إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه، وأنت ترى غيره فلا تنهه) «حلية الأولياء ج6 ص 368»، وقال الإمام أحمد بن حنبل: (لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ويشتد عليهم)، «الآداب الشرعية لابن مفلح ج1 ص 166، وغذاء الألباب للسفاريني ج1 ص 223»، وقال الإمام الحنبلي ابن قدامة المقدسي: (وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام، مهد بهم قواعد الإسلام، وأوضح بهم مشكلات الأحكام، اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة) «المغني، لابن قدامة، ج1 ص1».