الشادو تيتشر
«الدستور» تحقق في استغلال مدارس لمعاناة مرضى ADHD وتعيين «شادو تيتشر» غير مؤهلين
«قالولي هجيب شادو تيتشر وهدفع ضعف المصاريف مقابل كرسي تجلس عليه الشادو خلال وجودها مع الطفل في اليوم الدراسي وراتب شهري 3000 جنيه».. بهذه الكلمات وصفت أم طفل مصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه حالها.
وأضافت أخرى: «الشادور تيتشر أصبحت رمزًا للرعب عند ابني بسبب معاملتها السيئة له».
وروت ثالثة: «المدرسة رفضت ابني إلا بوجود شادو تيتشر تابع لها، وكانت غير مؤهلة واضطررت لعلاج ابني نفسيًا من تأثيرها».
المشاهد الثلاث السابقة لم تكن سوى لقطات متقطعة لشهادات روتها مجموعة من أمهات الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفَرْط الحركة ADHD، في حديثها مع «الدستور» عن استغلال بعض المدارس معاناة أبنائهم مرضى ADHD وإجبارهم على تعيين شادو تيتشر غير مؤهلين لاستنزافهم ماديًا ومعنويًا.
وتداول في مصر مصطلح الشادو تيتشر واضطراب الـADHD مؤخرًا وتصدر الترند لعدة أسابيع مع عرض مسلسل يتناول اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD واعتراف ابنة المطرب عمرو دياب بإصابتها بالاضطراب والمشكلات التي تعرضت لها في المدرسة نتيجته.
ويشخص طفل واحد من كل 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 17 عامًا بمرض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
استغلال الأهالي
ميادة سيف النصر، أم لطفل مصاب باضطراب ADHD، قالت: «عندما قررت إلحاقه بأحد المدارس الخاصة قالولي هجيب شادو تيتشر وهدفع ضعف المصاريف مقابل كرسي تجلس عليه الشادو خلال وجودها مع الطفل في اليوم الدراسي»، هذا إلى جانب راتب الشادو تيتشر إلى أكثر من 3000 جنيه.
تقول ميادة: «ابني عمره تسع سنوات ونصف وإلى الآن في مرحلة حفظ الحروف فأنا دائمًا فريسة لنصب مدرس أو مدرسة أو دكتور أو شادو تيتشر زي قلتها مش بتقدم أي دعم أو مساعدة حقيقية لابني».
في البداية واجهت ميادة صعوبات عديدة حتى تلحق طفلها بالمدرسة التي ترفض استقبال الأطفال المصابين بـADHD فرط الحركة وتقبل ذوي الهمم، مضيفة: «أكثر فئة مظلومة من الأطفال ذوي الحالات الخاصة هم أطفال فرط الحركة لأن التعامل معهم يتم على أساس أنه مش متربي من شدة حركته؟ ولا يوجد أي مساندة للأم بل أحيانًا يصل الأمر إلى تعنيفها، لعدم استجابتها إلى طلباته التي تُلبى بمعايير محددة ضمن خطوات تعديل السلوك».
وأوضحت أن الخطأ الذي تقع فيه المدارس ويعاني منه أطفال فرط الحركة وذويهم هو وضعهم في فصول الدمج مع ذوي الاحتياجات الخاصة، في حين أنه يجب أن يتم إلحاقهم بفصول الأطفال العادية لأنه ليس مصاب بأي شيء بل أن سرعته أزيد من سرعة باقي الأطفال فقط، وحين يتم وضعه ضمن اطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يؤثر عليه بشكل سلبي.
واستكملت أن المدارس التي قامت بتجربتها لطفلها كانت تستعين بشادو تيتشر غير مؤهلة «الشادو» المختصة بحالة ابني كانت خريجة قسم مكتبات لم تقدم له أي دعم قعد سنة في المدرسة «زي ما دخل زي ما خرج»، إلى جانب أن المصاريف كانت مبالغ فيها جدًا تصل لأكثر من 50 ألف جنيه غير مصاريف الشادو ومصاريف الدمج الخاصة بالطفل.
وتابعت أن الأساس الذي كانت تعتمد عليه هو الأخصائيين المؤهلين الذين كانت توفرهم للطفل في المنزل لتأهيله ومساعدته «كنت بدفع في المدرسة وبضطر ادفع كمان في البيت للأخصائيين النفسيين عشان يساعدوا ابني لأن المدرسة ملهاش لازمة»، خاصة أن الوقت عامل مهم في حالة أطفال ADHD، لمساعدتهم على التعلم في نفس المرحلة مع أقرانهم ممن في مثل عمرهم.
معلمين الدعم
«مصطلح الشادو تيتشر أو بمعنى علمي أدق support teacher، اتجهت له بعض المدارس لتتمكن من دمج الأطفال الذين لديهم صعوبة فى تحصيل المناهج الدراسية مع أقرانهم فى نفس الفصل وجعلوه شرطًا لقبول الطفل في المدرسة»، هذا ما قالته ريهام سمير مستشار مهارات التعلم، مضيفة: «هناك صفات محددة لابد أن تتوافر في الشادو تيتشر ليكون وجودها مع طفل ADHD، إيجابي منها امتلاكها مهارات التواصل مع الطفل وقدرتها على التفكير الإبداعي لأن طفل ADHD مبدع وزكي بفطرته، بالإضافة إلى قدرتها على حل المشكلات والصبر بالإضافة إلى إلمامها بالعلوم والمهارات المتعلقة بعلم نفس الطفل، وأدوات التربية الإيحابية ومهارات التدريس، ودراسة صعوبات التعلم والاحتياجات الخاصة من ناحية خصائص كل منها والأساليب العلمية لتعامل مع كل صعوبة».
اكتشاف اضطراب ADHD
واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يؤثر على الصحة العقلية للمصاب، حيث يسبب مستويات مرتفعة عن المعدل الطبيعي في مستوى الحركة والنشاط والاندفاعية، مما يجعل المصابين به يعانون من صعوبة تركيز الانتباه على تنفيذ مهمة واحدة، أو الجلوس في وضع ساكن لفترات طويلة من الزمن.
ورغم أن تاريخ هذا الاضطراب الذي يُعرَف أيضًا باسم “نقص الانتباه مع فرط النشاط” يعود لعام 1902 عندما جرى توصيفه بأنه "اضطراب السيطرة على الانفعالات"، كان لا بد من الانتظار عقودًا قبل أن يُعترَف به رسميًّا كمرض في عام 1968، وذلك عقب إدراجه في الإصدار الثاني من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الذي تُصدره الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، ويُعَدُّ المرجعَ الأول في تصنيف الأمراض النفسية على مستوى العالم.
تأهيل غير كافي
عندما كان طفل منى رشاد في الثالثة من عمره تم تشخيصه أنه مصاب بـADHD أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، الأمر الذي جعله يحتاج إلى طرق خاصة في التعامل والعلاج ولم تكن هذه هي المشكلة التي واجهتها فقط؛ فكان مع محاولتها لإدخال طفلها إلى مدارس خاصة من أجل دمجه في المجتمع صعوبات أخرى كان أساسها إجبار المدرسة على تعيين معلمة مساندة أو "شادو تيتشر" كما يطلق عليها، ولم تكن مؤهلة بما يكفي لتكون ذات نفع لطفلها خلال دراسته بل كانت غير مؤهلة بالدرجة التي أثرت سلبًا عليه.
واستكملت أن المشكلة التي كانت تواجهها بصفة دائمة عندما قررت إلحاق طفلها بمدرسة خاصة ناشيونال مع من في مثل عمره «الشكوى المستمرة من المدرسة مع أنهم عارفين إنه عنده ADHD وأول سنتين في المدرسة كان بيروح مع شادو تيتشر التي فرضتها المدرسة من أجل قبوله بها، وللأسف مكانتش مؤهلة وكنت مضطرة أقبل لأني كان نفسي يتقبل ويبقى مقيد في أي مدرسة».
أما عن المشاكل التي واجهتها منى بسبب الشادو تيتشر غير المؤهلة، أوضحت: «طبعا الشادو غير المؤهلة ممكن تضغط على إيد طفل أو تزعق وده أسلوب مش علمي لتعديل السلوك، ممكن تعاقب طول الوقت دون تحفيز ودا بيحبط الطفل، لأن دورها ليس تعديل سلوك فقط بل دورها أيضًا في تيسير صعوبات التعلم».
واستطردت أن أي طفل يعاني من أي مشكلة تصبح ثقته في نفسه ضعيفة، وفي مراكز التأهيل دائما يوضحوا لنا كأهل كيف نتصرف مع الطفل وأن ننتقد سلوكه وليس الطفل نفسه، «رغم تنبيهي للشادو على دا بس هي كانت طول اليوم تقوله أنت bad فكان بيرجع آخر اليوم يعيط، وكان بيقول أنا مش بعرف أعمل حاجة».
شروط المدارس لأطفال ADHD
«لا تقبل الكثير من المدارس أطفال ADHD، إلا بتعيين شادو تيتشر معهم في بعض الحالات التي تعاني من مرض عضوى أو ذهنى واضح، أو بسبب مواقف متكررة خاطئة أو خطيرة قام بها الطفل تهدد أمنه أو مصلحته وسلامة من حوله، للشادور تيتشر مهام يتم توظيفه من أجلها، كما أوضحت ريهام سمير ومنها مساعدة الطفل فى اتمام مهامه الدراسية فى الفصل من خلال المتابعة والشرح والتواصل مع مدرس الفصل، ومراقبة سلوك الطفل وًالتدخل عند الحاجة و توجيه الطفل لتصرف السليم فى كل موقف، ومساعدة الطفل على الاندماج اجتماعيا مع زملائه فى الفصل ، ويكون الشادو تيتشر هم حلقة الوصل بين المدرسة و أهل الطفل لينقل لهم تطور أداء الطفل و المساعدة فى اقتراح حلول أى مشكلات يواجهها الطفل».
وعن التأثير السلبي للشادو تيتشر غير المؤهلين على الأطفال، أشارت ريهام سمير إلى أن الاختيار الخاطىء للشادو تيتشر يؤثر سلبًا على التحصيل الدراسي للطفل، ويعوده على الاعتمادية لأن الشادو تيتشر يقوم بأداء كل المهام بدلا منه، بالإضافة إلى تسببه في إصابته بتوتر وعصبية مستمرة لعدم قدرة غير المؤهليتن على استيعاب مشاعر وتفكير الطفل وخصائص الصعوبة عنده و التعامل معها بشكل تربوى سليم، موضحة أن مسئولية اختيار و تعيين الشادو تيتشر تقع على ولي الأمر، وهذا الأمر فى حد ذاته يعرض الطفل لخطورة سوء الاختيار، لأن ولى الأمر غير مؤهل على تقييم الشادو تيتشر المناسب لطفله من حيث سماته الشخصية ومؤهلاته وإلمامه بطبيعة صعوبة الطفل.
وتابعت: «تغير وعي الأهل باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه كثيرًا في الفترة الأخيرة ودور الشادو تيتشر، وبدأ العديد من أولياء الأمور يطالبوا المدارس بأهمية تقديم الدعم لهم ومساعدتهم فى اختيار الشادو تيتشر وتقييم أدائه»، موضحة أن العديد من المدارس فى العديد من الدول الأجنبية وبعض الدول العربية مثل الإمارات وفرت مدرسين الدعم بعد تدريبهم وتأهيلهم وتقوم بالإشراف عليهم وتقييم أدائهم، كما قامت بعض المدارس القليلة فى مصر مؤخرا بتعيين مستشار خاص لتقييم حالات صعوبات التعلم كخطوة من المدرسة لمساعدة الأهل فى التشخيص السليم لصعوبة الطفل وما يحتاجه.
وقامت مدارس آخرى قليلة بعمل قسم خاص لاستقبال الأطفال الذين لديهم احتياجات خاصة مثل التأخر الذهنى عن معدل السن والتوحد وتشتت الانتباه وعسر القراءة، وتدريب مدرسين لتعامل مع كل صعوبة فى هذا القسم الخاص.
وتمنت أن يزيد الوعى وثقافة الآباء عن طبيعة الصعوبة لدى طفلهم والتعامل معها، وتقوم المدرسة بتدريب المدرسين على كيفية اكتشاف المدرس لهذه الصعوبات وتشخيصها من أثناء اختبارات القبول أو خلال السنة الدراسية.
تجربة مريرة
دعاء عزيز أم لطفل في الرابعة عشر من عمره مصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD، مرت بتجربة وصفتها بالمريرة مع «الشادو تيتشر» الذين تُعينهم المدرسة ليلازموا طفلها طوال اليوم الدراسي، وقالت «طلبت المدرسة أن يكون مرافق لابني شادو تيتشر-Support teacher-، ولكن لأنه لا يوجد متخصصين في مصر كانت تجربة سيئة وصل مع ابني تأثيرها السلبي إلى كره تذكرها»، موضحة «أستعنت بأكثر من شادو تيتشر بناءًا على طلب المدرسة التى رفضت دخوله دون وجودها، ولكن دورهم لم يكن له أي تأثير بل كان الضغط الأشد علي، فبدلا من أن يكون لي طفل في المدرسة أتابع تحصيله الدراسي أصبح لي طفلان أتابعهما ابني والشادو تيتشر الخاصة به».
لم تعلم دعاء بإصابة ابنها باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD، إلا في سن الخامسة عندما دخل المدرسة، وتعاملت المدرسة مع اضطرابه بعنف شديد اضطرت بعدها لنقله إلى مدرسة أخرى تقبل الأطفال المختلفين، وأوضحت" اضطراب فرط الحركة لم يكن ظاهرًا عند ابني إلاعندما دخل المدرسة ورغم أنه تأخر في الكلام والمشي مقارنة بالأطفال إلا أن الطبيب أكد لى أن وضعه طبيعي، وعندما التحق بالمدرسة وأثناء اندماج المدرسة في الشرح كان يجري في الفصل ولا يستمع لحديثها ، ووقتها تواصلت معيالمدرسة وبعبارات شديدة القسوة طلبوا مني عرض ابني على طبيب نفسي".
عرضت دعاء ابنها على متخصص في تعديل السلوك ولكن لم يأتِ بنتيجة، فعرضته على طبيب نفسي شخص وضعه باضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه ADHD، وأوضحت: «طلب مني الطبيب نقله لمدرسة يكون عدد الطلاب بها قليل حتى نقلل تشتت الإنتباه الذي يعاني منه داخل الفصل مع الاستمرار في دورات تعديل السلوك، ووقتها تواصلت مع مركز متخصص في حالات ADHD ، والذي بدأ دوراته بتعليمي كيفية التعامل معه بصبر، وقررت المدرسة تعيين شادو تيتشر مرافق له طوال اليوم الدراسي».
وتابعت« لأن الشادو تيتشر لم يكونوا متخصصين فلم يكن لهم أى دور مع ابني واضطررت للاستغناء عن أكثر من واحدة بعد تأكيد المدرسات أنهن لا يقمن بدور مُجدي مع ابني، وبدأت في التواصل اليومي مع الشادو تيتشر ومع ابني ومع المدرسات في المدرسة، حتى قررت في النهاية الوصول بمستوى ابني في التحصيل الدراسي للحد الذي تسمح فيه المدرسة بالاستغناء عن الشادو تيتشر لتأثيرهم النفسي السلبي عليه فلم يكن لديهن استيعاب لطبيعته المختلفة وكُن دائمًا يعنفنه مما أثر على ثقته بنفسه، وعندما كانت تقع له مشكله مع أصدقائه لم يكن يستطعن التعامل مع الموقف، بالإضافة إلى انشغالهن بأنفسهم ورغباتهن عن احتياجاته داخل الفصل، فكانت أموال تُنفق بدون داعي، حتى استطعت الاستغناء عنهن».
واستطردت: «أولى الخطوات التي اتخذتها لأثبت للمدرسة أنه ليس في حاجة إلى شادو تيتشر كانت في توظيف فرط الحركة لديه في الكثير من النشاطات كالرسم والسباحة وغيرها من الرياضات، وتابعت مع متخصص في تعديل السلوك ومركز متخصص في التعامل مع حالات ADHD، وطورت من شخصيتي لتتلاءم مع طبيعته المختلفة، وعندما وجدت المدرسة تفوقه في الدراسة قررت وقف الاستعانة بالشادو تيتشر، مؤكدة ابني أصبح متفوق دراسيًا ومرشح لبطولات رياضية».
التأثير النفسي على الطفل
الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي، قال إن الشادو تيتشر لها دور في العلاج النفسي لأطفال ADHD ويكون دورها يجمع بين التدريس وأخصائي نفسي للطفل بحيث تكون سابقة للمدرس العادي بخطوة في التعامل مع الاطفال ممن لديهم بعض الصفات الخاصة.
وأوضح بحري أنه في حالة الشادو تيتشر غير المؤهلة تصبح غير مدركة لطبيعة المرض الخاصة بالطفل وبالتالي الأداء غير ملائم بحيث تقوم بعقاب الطفل بطرق خاطئة لا تتلائم مع حجم المشكلة تنعكس سلبًا على حالته، أو لا يكون لديها أسس تربوية تساعد الطفل على الاندماج وحب المذاكرة والتعلم ومساعدته في التأقلم أو اكتشاف المواهب لدى الطفل.
دورات تأهيلية
واستطرد هاشم بحري أستاذ الطب النفسي، أن الشادو تيتشر يجب أن تكون حاصلة على العديد من الدورات التدريبية العملية والنظرية في التعامل مع هه الحالات بالتفصيل ويكون عنده القدرة على فهم نفسه هو الاول، فهناك مثلا مدرس لديه وساس ويرى أن العمل يجب أن يسير مستقيم "زي شريط السكة الحديد" في حين أن أطفال ADHD شخصياتهم خارج هذا الشريط يحدث هنا الصدام والتأثير السلبي على الطفل لأنه سيتم معاقبته "عمال على بطال".