مسئولون فلسطينيون لـ«الدستور»: بدء عملية «إنعاش سريع» فى القطاع تمهيدًا لـ«إعادة إعمار شامل»
بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، دخلت، عبر منفذ رفح، معدات هندسية وأطقم مصرية إلى قطاع غزة، للمساهمة فى إزالة الأنقاض وركام المنازل المهدمة، وذلك فى إطار التخفيف عن مواطنى القطاع وسرعة إعادة الحياة إلى طبيعتها، وبدء إعادة الإعمار، فى ضوء ما أعلنه الرئيس من التزام مصرى بسرعة تحسين الأوضاع المعيشية لسكان القطاع.
وقال مسئولون حكوميون فلسطينيون إن مصر بدأت عملية «إنعاش مبكر سريع» لقطاع غزة، تتمثل فى رفع الآثار التى خلفها العدوان الإسرائيلى على القطاع، الذى استمر لمدة ١١ يومًا، وأسفر عن أضرار مادية كبيرة فى البنى التحتية إلى جانب الخسائر البشرية، مشيرين إلى دخول عشرات المعدات المصرية الثقيلة إلى القطاع لبدء هذه المهمة بالفعل.
المكتب الإعلامى الحكومى: رفع 300 ألف طن مخلفات.. والتعامل مع 30 بناية آيلة للسقوط
البداية من سلامة معروف، مدير المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة، الذى قال إن مصر تعمل على تحقيق مرحلة الاستجابة السريعة أو ما يطلق عليه «الإنعاش المبكر السريع»، فى الوقت الحالى، عن طريق رفع الأضرار عن قطاع غزة وما لحق به من دمار جراء القصف الإسرائيلى، تمهيدًا لبدء إعادة الإعمار على نحو شامل بعد ذلك.
وأضاف «معروف»: «قوام تلك المرحلة هو إزالة آثار العدوان، عن طريق رفع كميات الركام الموجودة نتيجة المنازل والمبانى المدمرة، والتى تقدر بنحو من ٢٥٠ إلى ٣٠٠ ألف طن، بالإضافة إلى التعامل مع عشرات المبانى الآيلة للسقوط، بإزالتها تحت إشراف من الطواقم الهندسية».
وكشف عن أن هناك نحو ٣٠ بناية سكنية آيلة للسقوط، يتم فحصها حاليًا، وهناك ما تقررت إزالتها بشكل نهائى لإعادة بنائها، إلى جانب مجموعة أخرى يتم النظر فيها، واتخاذ قرار إما بتدعيمها هندسيًا، أو إزالتها هى الأخرى.
وواصل: «مصر تعاطت مع هذا الأمر على الفور، بإرسال وفد هندسى متخصص، لإعطاء الرأى اللازم فيما يخص البنايات الآيلة للسقوط، سواء بإزالتها من عدمها، وكذلك البنايات الأخرى التى يمكن تدعيمها وترميمها، مع الوقوف على المعدات التى تنقصنا لإدخالها إلى القطاع».
ووصف هذه الخطوة بأنها مهمة للغاية، لأن انتهاءها يعنى تسريع بدء عملية إعادة إعمار غزة، متابعًا: «تجب معالجة الركام، وفى حال فكرنا فى الاعتماد على الآلات المتوافرة فى غزة، ربما احتاج الأمر إلى أسابيع طويلة، لذا كان التوجه مباشرة نحو الاستعانة بمصر، من أجل دعمنا بالمعدات اللازمة لرفع الركام والتعامل معه، أو إزالة المبانى الخطرة».
وقال مدير المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة إنه «خلال الاجتماعات التى جمعتنا بالوفد المصرى، ناقشنا رؤية القاهرة لإعادة إعمار غزة، ودورها المباشر فى تلك العملية، خاصة مع تخصيص الرئيس عبدالفتاح السيسى ٥٠٠ مليون دولار لهذا الملف، بجانب مساعى تنظيم مؤتمر لتمويل إعادة إعمار القطاع».
وأضاف: «كما تمت مناقشة المشروعات التى سيتم العمل عليها، مثل إنشاء مدينة سكنية مصرية فى غزة، وإمكانية مساهمة الشركات المصرية فى إعادة الإعمار، وتوفير الاحتياجات الضرورية واللازمة من المعدات والاستشارات الهندسية بشكل أساسى وسريع، وهو ما حدث بالفعل بدخول المعدات المصرية إلى غزة، أمس الجمعة، والوفد الهندسى الذى سبقها».
واعتبر أن بناء مدينة سكنية هو تأكيد لرغبة مصر فى دعم وتعزيز توفير الوحدات السكنية للفلسطينيين، وعلى أن قيادتها السياسية جادة فى استمرار متابعتها الأوضاع فى فلسطين».
وأشار إلى أن الاجتماعات ناقشت أيضًا الاستعانة بمواد البناء المختلفة من مصر، خاصةً أن مواد البناء التى تدخل عبر معبر «كرم أبوسالم» مع الاحتلال الإسرائيلى، بالآلية التى تشرف عليها الأمم المتحدة، تؤخر عملية إعادة الإعمار، لأنها تمنع دخول الكثير من المواد.
وكشف عن وجود العديد من القطاعات التى تحتاج إلى إعادة إعمار، بجانب البناء، مثل: شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحى، والمنشآت التجارية، لأن القصف الإسرائيلى طال معظم البنية التحتية لقطاع غزة، كما أن تلك القطاعات تعانى من الأساس بسبب الحصار، متابعًا: «هذه المجالات تم الحديث عنها مع الوفد المصرى».
وأضاف: «هناك قطاعات متوقفة بنسبة ٨٥٪ بسبب الحصار، مثل المقاولات، وحسب رؤية إعادة الإعمار، سيتم تحريك الأمر، كما أن هذه الرؤية تتضمن ضرورة حل مشكلة الكهرباء جذريًا، وعدم اللجوء إلى الحلول المؤقتة».
وأعرب «معروف» عن تقديره أى جهد مصرى من أجل إعمار غزة، قائلًا: «نحن كشعب فلسطينى، قبل أن نكون مسئولين، نثق ونعلم ما تقدمه مصر من أجل غزة والقضية، ونقدر استقبالها الجرحى والحالات الخطيرة، كما أن شاحنات المساعدات التى أرسلتها مصر، على مدار الأسبوعين الماضيين، أسهمت فى توفير احتياجات مهمة للمواطنين». واختتم: «أتمنى حل أزمات المتضررين واحتياجاتهم، فى وقت قريب، حتى يشعروا بأنهم يستطيعون بدء حياة جديدة، خاصة من فقدوا منازلهم بشكل كامل خلال التصعيد الإسرائيلى الأخير».
«رجال الأعمال»: إدخال آليات ثقيلة لأول مرة.. والمدينة السكنية خطوة رائعة
أشاد على الحايك، رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين فى غزة نائب رئيس اتحاد الصناعات، بما قدمته مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لدعم الفلسطينيين، وإزالة آثار العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة.
وقال «الحايك»: «مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لم تتأخر فى إدخال الآلات الثقيلة التى نحتاجها فى غزة، لإزالة ركام الدمار، ثم البدء فى عملية إعادة الإعمار، خاصة أن القطاع تضرر بشدة جراء القصف الإسرائيلى الأخير، بالتزامن مع استمرار الحصار».
وأضاف: «لدينا مصانع تم تدميرها بالكامل، خلال التصعيد الإسرائيلى الأخير، بلغ عددها نحو ٢٥٠ منشأة صناعية، و١٠٠٠ منشأة تجارية، كما أن هناك قطاعات ما زالت تعانى منذ حرب ٢٠١٤، لأن إسرائيل لا تدخل المعدات الثقيلة إلى القطاع، وهى ما أدخلته مصر الآن».
وشدد على ضرورة أن تكون هناك مشروعات تنموية سريعة، بالتوازى مع عملية إعمار المساكن، واستيعاب العمال الذين خسروا أعمالهم، مشيدًا بفكرة تأسيس مدينة مصرية سكنية وسط غزة، كدليل جديد على جدية القاهرة فى المضى قدمًا وبوتيرة سريعة فى إعادة إعمار قطاع غزة، واصفًا إياها بـ«خطوة رائعة».
وأوضح أن المدينة ستكون كاملة المرافق، على أن تضم نحو ١٠ آلاف وحدة سكنية، إلى جانب المدارس والمستشفيات والمساجد والأماكن العامة والحدائق وغيرها، مع تخصيصها للمتضررين ومحدودى الدخل بأسعار رمزية.
مدير تخطيط وزارة الاقتصاد: نثق فى القاهرة بشكل كامل
وجه أسامة نوفل، مدير عام التخطيط والسياسات فى وزارة الاقتصاد داخل غزة، الشكر إلى القيادة المصرية على إطلاق مبادرة إعادة إعمار القطاع، واتخاذها خطوات سريعة على الأرض لتنفيذها، مشددًا على أن غزة بأكملها تثق فى الخطوات التى تتخذها القاهرة.
وقال «نوفل» إن الشركات المصرية فى مختلف القطاعات ستكون جزءًا أساسيًا من إعادة إعمار غزة، وهو ما سبب حالة من الرضا لدى القطاعات الاقتصادية والمواطنين داخل القطاع، نظرًا لأن الشركات المصرية لديها القدرة على الإعمار بشكل سريع، وتتمتع بمصداقية فى التعامل مع ذلك الملف.
وأضاف أن وفد المهندسين المصريين الذى زار غزة مؤخرًا كان موقفه إيجابيًا للغاية، وزار أكثر من موقع للاطلاع على آثار الدمار، وتحديد الخطوات اللازمة لبدء إعادة الإعمار، كما أن القاهرة لم تغلق معبر رفح مع القطاع طوال العدوان الإسرائيلى، ما أنقذ غزة من الانهيار.
وقال المسؤول الفلسطينى إن الآلية القائمة الحالية، والتى تم تنسيقها مع الوفود المصرية تتضمن أن يضم المجلس الوطنى لإعمار غزة شخصيات من القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدنى، والحكومة فى غزة، وهو أمر من شأنه تسريع الإعمار، مضيفًا: «هناك إجماع فلسطينى داخل غزة على أن يكون التنسيق الرئيسى مع مصر، وأن تتولى هى عملية إعادة الإعمار».
واعتبر أن وجود مصر فى تنسيق المساعدات العربية والأجنبية التى ستأتى لقطاع غزة من شأنه تسهيل وتسريع عملية إعادة الإعمار، مشيرًا إلى طلب اتحاد المقاولين الفلسطينيين اللجوء لمصر لاستيراد كل المواد اللازمة لإعادة الإعمار، خاصة أن مواد البناء المصرية هى الأفضل فى المنطقة، وتكون ذات تكاليف منخفضة بالنسبة للقطاع.
وبيَّن نوفل أن الإسكان من أبرز القطاعات التى تضررت من العدوان الإسرائيلى، موضحًا أن ٧٠٪ من المبانى تعرض لأضرار مختلفة، وبعضها تدمر تمامًا، لذا سيبدأ الإعمار فيه بسواعد مصرية، خاصة أن القاهرة لديها خبرة واسعة فى إعادة الإعمار بشكل سريع، وسط توقيع اتفاقيات مع جهات دولية لحصر الأضرار ووضع خطة لازمة للإيواء والإنعاش المبكر.
وكشف عن أن التقديرات الأولية لإجمالى الخسائر فى غزة تقدر بمليار و٧٠٠ مليون دولار، وهذه هى الخسائر المباشرة، مع استمرار عملية إزالة الأنقاض وحصر الشقق السكنية المدمرة، لافتًا إلى أن رقم الخسائر سيتضخم لأن هناك مواطنين كانت لديهم مشاريعهم الصغيرة الخاصة التى دمرت بالكامل، لذا يحتاجون لخلق فرص عمل جديدة وإعانات للبطالة.
وحول بناء مدينة سكنية مصرية فى غزة، قال «نوفل» إنها خطوة ممتازة من شأنها تخفيف أزمة السكن فى الداخل، وتخفيض الأسعار فى عمليات الإيجار والتمليك.