دراسة لـ«تريندز» تكشف أنماط المنشقين عن جماعة الإخوان
صدرت دراسة جديدة لمركز "تريندز" للبحوث والاستشارات تحت عنوان "قراءة في ظاهرة الإخوان السابقين"، حيث ركزت على أنماط المنسحبين من جماعة الاخوان واعتبرت أن أغلبهم مازالوا يعتنقون نفس أيدلوجية الجماعة المتطرفة.
ووفقا للدراسة، هناك الاتجاهات خاصة بحالة الانفصال التنظيمي للفاعل الإخواني عن المشروع في أربعة اتجاهات:
- حالة طلاق تنظيمي مصاحب بطلاق أيديولوجي، وهي الحالة الخاصة التي يصح وصف صاحبها بـ"الإخواني السابق".
- حالة طلاق أيديولوجي بدون طلاق تنظيمي، وهذه حالة خاصة نعاينها أيضًا في الساحة.
- حالة طلاق تنظيمي بدون أن يكون مصاحبًا بطلاق أيديولوجي، وهي الحالة السائدة في المنطقة مع العديد من النماذج.
- حالة طلاق أيديولوجي مصاحَب بطلاق تنظيمي، ولكن لا تتجاوز سقف التصريح أو الادعاء، دون أن يكون ذلك قائمًا على أرض الواقع، وتنطبق كل متديّن إخواني يمارس التقية.
1-نموذج حالة الطلاق التنظيمي الفعلي المصاحب بطلاق أيديولوجي حقيقي:
يتعلق هذا النموذج بالمتديّن الإسلامي الحركي الذي انفصل أيديولوجيًا وتنظيميًا عن الجماعة، وهو النموذج الوحيد الذي يحق له الزعم بإنه إخواني سابق، ومما يُميز هذه الفئة التي قررت الانفصال النهائي، بعد اقتناعها أن المشروع بلا جدوى ومن ثم لا معنى للانتماء، أن نسبة منها لا تقتصر على محطة الانفصال والابتعاد النهائي عن المشروع، وإبداء بعض الملاحظات أو الانتقادات في الجلسات الخاصة مع الأصدقاء في بعض التصريحات الإعلامية أو في مواقع التواصل الاجتماعي، بل قد يصل الأمر إلى درجة نشر عدة أعمال متتالية، في إطار الإصرار على خيار القطيعة مع المشروع.
ويمكن التوقف هنا عند مجموعة من الأسماء التي تنطبق عليها هذه المواصفات؛ من قبيل: المصري ثروت الخرباوي، والمغربي فريد الأنصاري، والفرنسي من أصل مغربي محمد لويزي.
أ ــ بالنسبة للمصري ثروت الخرباوي والذي أصدر كتابين وهما كتاب "قلب الإخوان: محاكم تفتيش الجماعة"، وكتاب "سر المعبد: الأسرار الخفية لجماعة الإخوان المسلمين".
ب ــ بالنسبة للمغربي فريد الأنصاري، فقد اشتهر عند متتبعي المشروع الإخواني بكتاب تضمن أول البصمات النقدية وهو كتاب “الفجور السياسي والحركة الإسلامية بالمغرب” وصدر في سنة 2000، قبل صدور ثلاثيته الشهيرة التي تتضمن النقد الصريح للمشروع، وهي ثلاثية “البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي” و”الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب”، و”الفطرية.. بعثة التجديد المقبلة من الحركة الإسلامية إلى دعوة الإسلام”
جـ ــ بالنسبة لمحمد لويزي، فقد نشر هو الآخر سلسلة كتب، على غرار الخرباوي والأنصاري، ومنها كتابه الأول الذي يتطرق فيه إلى تجربته الإخوانية بعد انفصاله عن المشروع، تحت عنوان صريح هو: “لماذا انفصلت عن الإخوان المسلمين؟” مستعرضاً مساره الحركي قبل اتخاذ قرار الانفصال النهائي عن المشروع، كما أصدر كتاب “نداء من أجل إسلام لا سياسي”وكتاب “تحرير الإسلام من الإسلاموية”
وهناك عدة قواسم مشتركة في خطاب ثروت الخرباوي من مصر وفريد الأنصاري من المغرب ومحمد لويزي من فرنسا وباقي الأسماء التي أخذت مسافة صارمة من المشروع؛ ومن بين أهم هذه القواسم اكتشاف رحابة الإسلام مقارنة مع ضيق الإسلاموية، وهو الاكتشاف الذي تتضح معالمه في بعض تلك الأعمال، سواء جاء ذلك التصريح بهذه الصيغة كما هو الحال مع الخرباوي أو بصيغة “إعادة اكتشاف الإسلام من جديد” كما هو الحال مع محمد لويزي.
2- نموذج حالة الطلاق الأيديولوجي بدون الطلاق التنظيمي
هناك نموذج المتديّن الإخواني الذي انفصل أيديولوجياً عن الجماعة لكنه لم ينفصل تنظيمياً، أو يزعم خلاف ذلك، من أجل عدم إثارة الانتباه، كما عاينا ذلك في الساحة المغربية، مباشرة بعد أحداث “الفوضى الخلاقة” في نسختها المغربية عام 2011، حيث اتضح أن بعض أعضاء حركة “التوحيد والإصلاح”، الذراع الدعوية لحزب “العدالة والتنمية” النسخة المغربية من “الإخوان المسلمين” وكلاهما من مرجعيات إخوانية، ورغم انفصالهم الأيديولوجي المزعوم عن المشروع، عادوا للتنظيم من أجل الترشح للاستحقاقات الانتخابية، من قبيل ما عاينا مع بعض أعضاء “مدرسة أكادير” الإخوانية.
3-نموذج حالة الطلاق التنظيمي بدون أن يكون مصاحباً بطلاق أيديولوجي
يتعلق هذه النموذج بالمتديّن الإخواني الحركي الذي انفصل تنظيمياً عن الجماعة، دون تبني الانفصال الأيديولوجي عنها، وهذا هو السائد بشكل كبير عند العديد من جماعة الإخوان “السابقين”، مقارنة مع النموذج الثاني السالف الذكر، وهناك عدة مؤشرات أو وقائع تخوِّل للمتتبع أخذ فكرة عن بعض معالم هذا النموذج؛ منها انخراط أصحاب هذا النموذج في تفاعلات رقمية مع أعضاء التنظيم الإخواني مقارنة مع باقي التنظيمات الدينية الأيديولوجية، كما لو أن جهازهم الأيديولوجي مازال متأثراً أو خاضعاً لآثار النهل الأيديولوجي، رغم الانفصال التنظيمي.
ومن الصعب إحصاء عدد الأمثلة المرتبطة بهذا النموذج؛ لأنه هو السائد أكثر في الساحة، ويكفي الانخراط في رصد التفاعل لدى أتباع المشروع الإخواني مع سلسلة الأعمال الدرامية الخاصة برمضان 2021، التي تناولت قضايا التطرف والعنف والإرهاب والإخوان، من قبيل الجزء الثاني من مسلسل “الاختيار”، أو مسلسل “القاهرة كابول”، إذ تكشف مقارنة تفاعل العضو الإخواني الذي مازال منتمياً إلى المشروع، والعضو الذي يزعم أنه كان إخوانياً ولم يعد منتمياً إلى المشروع – وبالتحديد العضو الذي ينتمي إلى هذا النموذج الثالث – تكشف هذه المقارنة تطابقاً في الموقف النقدي، كأن العضو الذي ينتمي إلى هذا النموذج مازال فاعلاً في التنظيم، رغم إقراره أن الأمر ليس كذلك، ولكنه لا ينتبه إلى هذه الجزئية؛ لأنه ضحية مرحلة التلقين الأيديولوجي.
ومن الحالات الفردية التي تعبر عن هذا النموذج، حالة الناشط في العمل الأهلي، رشيد لحلو، وهو فرنسي من أصل مغربي، والذي صدر له كتاب حواري يتحدث فيه عن تجربته الإخوانية، وتجربة الانفصال عن الفرع الفرنسي للمشروع الإخواني، ولكن في معرض الإجابات التي يوردها في الكتاب، نجده يستشهد بالرموز الإخوانية؛ مثل السوداني حسن الترابي والتونسي راشد الغنوشي وأسماء أخرى، كأنه لا توجد أسماء دينية من مؤسسة الأزهر أو القيروان أو القرويين، أو من مؤسسات أخرى، مؤهلة علمياً أكثر من الترابي والغنوشي والأسماء الإخوانية التي يستشهد بها لحلو؛ وسبب ذلك أنه لم يتحرر من السقف الأيديولوجي، بافتراض أنه صادق في أخذ مسافة من المشروع.
4-نموذج حالة الطلاق الأيديولوجي والتنظيمي، لكن دون أن يكون ذلك قائماً على أرض الواقع
يتعلق هذا النموذج بالمتديّن الإخواني الحركي الذي يدعي أنه انفصل أيديولوجياً وتنظيمياً عن المشروع، دون أن يكون ذلك قائماً على أرض الواقع، وهذا أمر متوقع إذا أخذنا في الحسبان دور التربية الإخوانية في مرحلة الشحن الأيديولوجي، حيث يتميز أصحاب هذا النموذج بممارسة التقية؛ أي الانفصام بين القول والفعل. والأمر مع هذا النموذج أن هذا المتدين يدعي أنه انفصل عن التنظيم، وقد يتباهى بذلك أمام الجمهور، ولكنه من الناحية العملية مازال عضواً فيه ومازال متأثراً أيضاً بأيديولوجيته؛ لذلك لا يمكن فصل هذا الاتجاه عن ظاهرة التقية السائدة عند نسبة من أتباع المشروع الإخواني بشكل عام.