رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: الإسلام حث على الحياء باعتباره خلقًا محمودًا

على جمعة
على جمعة

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الإسلام حث على الحياء باعتباره خلقًا محمودًا على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع حتى شاع الذم بعبارة (قليل الحيا) في الاستعمال اليومي، مع حذف همزة الحياء؛ لأن العرب تقصر كل ممدود ولا تمد بالضرورة كل مقصور.

وقد تفشت قلة الحياء بين الأفراد والمجتمعات، وسيدنا رسول الله ﷺ يقول : (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت) [رواه البخاري] وكان الحياء ينشئ ثقافة سائدة تمنع من الانحراف وتضبط إيقاع العمل على المستوى الشخصي والمستوى الجماعي، وانعدام الحياء يوصلنا إلى فقد المعيار الذي به التقويم والذي به القبول والرد والذي به التحسين والتقبيح، وفقد المعيار هذا يؤدي إلى ما يشبه الفوضى وهي الحالة التي إذا استمرت لا يصل الإنسان إلى غايته، ويضيع الاجتماع البشري وتسقط الحضارات في نهاية المطاف حيث لا ضابط ولا رابط.

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية أن النبي قد حث  ﷺ على الحياء ورغب فيه، وحفز المؤمنين على التخلق به وأعلمهم أن هذه الصفة هي من صفات الله سبحانه وتعالى على ما يليق به جل وعلا، فقد روى سلمان عن رسول الله ﷺ قال : «إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين» [رواه الترمذي]، والحياء هو من الأخلاق التي تميز الإسلام وأهله، ولذا يقول عنه النبي ﷺ : «إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء»  [ابن ماجة، والطبراني في الكبير]

وأخبر النبي ﷺ أن الحياء جزء من الإيمان، وأن نقيضه وهو الفحش جزء من الجفاء، وأن الحياء في الجنة فقال : «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء والجفاء في النار» [صحيح ابن حبان]، وخصه ﷺ بالذكر ضمن شعب الإيمان بعد ذكر أعلى الشعب وأدناها، وذلك لبيان مكانته، فقال  : «الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول: لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان» [متفق عليه]، بل جعله رسول الله ﷺ قرين الإيمان في قلب المسلم، وفي نزعهما من قلبه، فقال ﷺ : «الحياء والإيمان قرنا جميعا ، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر» [الحاكم في المستدرك، والمصنف لابن أبي شيبة].

وأوضح: أنه قد ورد أن النبي ﷺ مر على رجل يعظ أخاه في الحياء ، فقال له ﷺ : «دعه فإن الحياء من الإيمان» [متفق عليه]، ويعلمنا النبي ﷺ كيف نطبق خلق الحياء مع الله سبحانه وتعالى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : « اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ». قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَسْتَحْيِى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ : « لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى ،وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى ،وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ،وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ؛فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ». [رواه الترمذي].
فالحياء كله خير، ولا يأتي إلا بالخير. والذي أخبر بذلك هو الصادق المصدوق ﷺ ، حيث قال: «الحياء لا يأتي إلا بخير». [متفق عليه]. وفي الحديث «الحياء خير كله ولا يأتي إلا بخير»  [رواه مسلم]، كل هذه الأحاديث تؤكد على قيمة الحياء العظيمة في الإسلام، وأن الحياء هو خلق الإسلام حقا؛ لأنه باعث على أفعال الخير ومانع من المعاصي، ويحول بين المرء والقبائح ، ويمنعه مما يعاب به ويذم، فإذا كان هذا أثره فلا شك أنه خلق محمود، لا ينتج إلا خيرا،وقد قال العلماء : الحياء من الحياة، وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خُلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح.