لماذا لا تحظر مصر صرف المضادات الحيوية دون روشتة؟
يلقى ما يقرب من 700 ألف إنسان مصرعه جراء مقاومة جسمه للمضادات الحيوية بعد تكوينه ما يسمي بمقاومة البكتريا نتيجة الاستخدام الخاطئ والمفرط للمضادات الحيوية، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من الإفراط فيها، ووصفتها بأنها أكبر المخاطر التي تحيق اليوم بالصحة العالمية والأمن الغذائي والتنمية.
وجددت أمس هيئة الدواء المصرية تحذيرها بأن الإفراط في تناول المضادات الحيوية أو استخدامها بشكل خاطئ يوفر الفرصة للبكتيريا لأن تعتاد على تأثير هذه المضادات وتتكيف معها، وبهذا تتكون سلالات أكثر قوة، لديها القدرة على مقاومة المضادات الحيوية، كما أن علاج العدوى التي تسببها سلالات البكتيريا المقاومة أصعب وأكثر تكلفة، وبعض الحالات لا يمكن علاجها وقد تنتهي بالوفاة.
ورغم التحذيرات المتكررة من الصحة العالمية ووزارة الصحة وهيئة الدواء المصرية إلا أنه لا توجد أى رقابة على صرفها من الصيدليات دون روشته، الدستور تواصلت مع بعض الجهات المعنية،والأطباء، وتساءلت عن أسباب استمرار صرف المضادات الحيوية دون روشته طبية رغم مخاطرها التي تصل للوفاة.
زادت من مخاطر كورونا
اعتبر الكثير من المصريين المضادات الحيوية جزء من علاج نزلات البرد والإنفلونزا واعتمدوا عليها لسنوات طويلة، ومع ظهور إصابات كورونا في مصر في مارس 2020، انتشرت الكثير من بروتوكولات العلاج على صفحات منصات التواصل الإجتماعي واعتمد عليها الكثير من المرضى في العزل المنزلى والتي كان جزء منها المضاد الحيوي، رغم تأكيدات وزراة الصحة أن المضاد الحيوي لا يصلح للعلاج.
حسام فتحي جراح عظام وعضو بفريق العزل بمستشفى إسنا التخصصي بالأقصر، أرجع تغير أعراض فيروس كورونا أكثر من مرة إلى الاستخدام الخاطئ للأدوية للمصابين بكورونا بعد تداولها على منصات السشيال مديا، موضحًا أن المضاد الحيوي لم يكن جزءًا من بروتكول علاج كورونا في مستشفيات العزل وفوجئنا بتداوله بين المواطنين، وكان هو السبب في تكوين سلالات جديدة من الفيروس هددت حياة المئات من البشر.
وتابع في حديثه مع الدستور أن المضاد الحيوي يُكون نوع من البكتريا المقاومة له في جسم الشخص، مما يجعل تأثيره غير مُجدي مع العديد من الأمراض بعد ذلك.
وأكدت هيئة الدواء في باين لها أن المضادات الحيوية ليس لها تأثير في علاج العدوى الفيروسية مثل «الإنفلونزا أو البرد»، ونصحت الهيئة بعدم التوقف عن استخدام المضاد الحيوي حال تحسن الحالة الصحية، والحرص دائما على إكمال مدة العلاج التي أقرها الطبيب المعالج.
وتنبأت الصحة العالمية بفقدان فاعلية معظم المضادات الحيوية بحلول عام ٢٠٥٠ إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مما ينذر بكارثة كبيرة.
وتم اكتشاف المضادات الحيوية في القرن العشرين، وكان اكتشاف طبي هام ولكنه تحول لخطر يهدد البشرية بعد تزايد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية داخل المستشفيات وفي البيئات المصاحبة لاستخدامها خاصة، والمجتمعات البشرية عمومًا. إذ استفادت القدرات الوراثية غير العادية للميكروبات من الإفراط في استخدام الإنسان للمضادات الحيوية، لتكوِّن مُقاومة هائلة لذلك العلاج الفعال.
عوار القانون المصري
على عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، قال إنه لا يوجد قانون مصري يمنع الصيدلي من صرف المضادات الحيوية دون روشته طبية على عكس الكثير من دول العالم ومنها السعودية التي فرضت منذ عدة سنوات غرامة 5000 ريال على الصيدليات التي تبيع المضادات الحيوية دون روشتة.
وعن كيفية تكوين بكتريا مضادة للمضادات الحيوية أو ضح عوف في حديثه للدستور «المضادات الحيوية الهدف من تناولها هو قتل الميكروبات والبكتريا المسببة لبعض الأمراض وهي نفسها كائن حي يدافع عن نفسه، فتبدأ المضادات الحيوية فقتلها بالتدريج وإذا توقف الإنسان عن تناول المضاد بمجرد شعوره ببعض الراحة فتتبقى بعض الخلايا من هذه الميكروبات التي تطور نفسها لمقاومة هذه المضاد ، فإذا حاول الإنسان تناول نفس المضاد الحيوي نفسه فتكون البكتريا تعلمت حماية نفسها من تأثيره.
وتابع هناك إجراءات طبية لابد أن يقوم بها المريض قبل تناول المضاد الحيوي حتى يحمي نفسه من أضراره وهي عمل مزرعة لتحديد نوع المضاد الحيوي الذي يقاوم نوع الميكروب الذي يعاني منه المريض وتحديد المدة التي يجب أن يتناوله فيها.
وطالب عوف هيئة الدواء بوضع قوانين ملزمة للصيادلة بمنع بيع المضادات الحيوية دون روشته ووضع عقوبات للمخالفين، وزيادة الوعي لدي المواطنين بخطورة تناول المضادات الحيوية دون روشته طبية.
تهدد البشرية
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن مقاومة المضادات الحيوية تؤدي إلى تمديد فترة الرقود في المستشفى وارتفاع التكاليف الطبية وزيادة معدل الوفيات، مؤكدة أن مقاومة المضادات الحيوية تهدد قدرتنا على علاج الأمراض المعدية الشائعة، موضحة أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية كون ما يسمي بمقاومة المضادات الحيوية وهي من أكبر المخاطر التي تحيق اليوم بالصحة العالمية والأمن الغذائي والتنمية، موضحة أن مقاومة المضادات الحيوية تحدث بشكل طبيعي، ولكن وتيرة عمليتها تتسرع بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها للإنسان والحيوان.
قانون غير مفعل
محمد عز العرب، المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، قال إن هناك قانون ينظم حركة وتداول الأدوية في مصر وهو قانون 127 لعام 1955، ولكنه غير مفعل بالطريقة المطلوبة والدليل على ذلك تداول الكثير من الأدوية التي تسبب خطورة على صحة المواطنين دون روشته ومنها المضادات الحيوية.
وتابع في حديثه للدستور، كل دول العالم تمنع بيع وتداول المضادات الحيوية دون روشته طبية لما لها من مخاطر قاتلة تهدد البشرية، مشيرًا أن الروشتة نفسها لابد أن يكون لها شكل محدد بختم طبيب وجرعة محددة، لأن المضادات الحيوية تضعف جهاز المناعة، مثل المسكنات، وعمر المريض يحدد الجرعة التي يجب تناولها.
وطالب هيئة الدواء، بزيادة التفتيش الصيدلي، وتطبيق القانون على المخالفين مع زيادة الوعي لدى المواطنين وجمهور الأطباء والصيادلة بخطورة التناول العشوائي للمضاد الحيوي.