لاانفصال ولا احتلال .. ما هي الاستراتيجية الإسرائيلية نحو غزة؟
منذ سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة عام 2007، اعتمدت إسرائيل استراتيجية مُركبة، ومُعقدة نحو القطاع، تعتمد على الإبقاء على الحركة كمسؤولة عن غزة، لكن في نفس الوقت التضييق عليها،ومحاولة المس بقدراتها القتالية كلما سنحت الفرصة.
الاستراتيجية الإسرائيلية نحو قطاع غزة يمكن تفسيرها من خلال المحاور التالية:
لااحتلال للقطاع
من الناحية العقائدية فإن، قطاع غزة ليس ضمن "أرض الميعاد" الواردة في العقيدة اليهودية، أي أنها بالنسبة لإسرائيل ليس لها أي بعد ديني يجعلها ضمن أحلام الدولة اليهودية الكبرى، فبشكل صريح ذكر التوراة:"لاتطأ قدمك أرض غزة وأريحا".
من الناحية الاستراتيجية فإن قطاع غزة يمثل تهديداً أمنياً على إسرائيل بيد التنظيمات التي تنشط فيه، وهو ما يجعله من الأماكن القابلة للانفجار في أي وقت.
من الناحية الاقتصادية فإن فكرة إعادة احتلال إسرائيل القطاع لم تكن مطروحة على جدول الأعمال الإسرائيلي بعد الانفصال الأحادي الجانب الذي حدث عام 2005، فبالنسبة لإسرائيل فإن تحمّل المسؤولية عن مصير سكان يبلغ عددهم مليوناً ونصف المليون شخص هو فكرة تنفر إسرائيل منها، سواء سياسياً أو اقتصادياً.
هذه الفكرة هي التي دفعت إسرائيل على الاعتراف بـ"حماس" كعنصر مسؤول عن الحياة اليومية والنظام العام في القطاع كخيار أقل سوءاً من احتلال القطاع.
الضغط على حماس
الاعتراف الإسرائيلي بحركة حماس كمسؤول عن القطاع لا يتم دون اعتبارات أخرى، أهمها ضرورة الضغط على الحركة وتقليص قدراتها العسكرية، وهو ما دفع إسرائيل إلى تطبيق سياسة مستمرة من "الحصار" على القطاع، هدفها السماح باستمرار السيطرة المدنية للحركة والمراقبة والسيطرة على قدراتها العسكرية. ولكن دون إسقاط حماس.
داخل القيادة في تل أبيب، هناك سؤال رئيسي هو: إذا سقطت حماس فمن سيحكم القطاع؟
البدائل أمام تل أبيب، كلها سيئة من وجهة نظرها، فجميعها تنظيمات وجماعات ربما أكثر تشدداً من حماس، وربما يكونوا أكثر إيذائاً لإسرائيل من حماس، وهو السبب الرئيسي لمحاولة الحفاظ على بقاء حماس في السلطة في غزة.
الفصل بين القطاع والضفة
رسخت إسرائيل سياسة الفصل بين غزة والضفة الغربية، وخلق كيانين فلسطينيين متخاصمين لإضعاف المنظومة الفلسطينية وقدرتها على المواجهة، وقد أدت هذه السياسة إلى وضع مُعقد، وعدم استقرار دفع نحو ثلاث ثلاث جولات قتال كبيرة (الرصاص المصبوب، وعمود سحاب، والجرف الصامد)، وانضم إليها في الأيام الأخيرة (حراس الأسوار).
كل عملية من هذه العمليات جسدت إشكالية تبنّي استراتيجيا لا تسعى لحسم واضح، بل للمحافظة على واقع موقت يجبر الطرفين على العودة إلى نقطة الصفر.
وضع مُعقد غير حاسم
الاستراتيجة الإسرائيلية نحو غزة، وضعت إسرائيل أمام معضلة وهي أن تلك الاستراتيجيا لاتحقق إلى إنجازات محدودة، وفترات من الهدوء النسبي في ظل واقع مواجهة دائمة، أي بدون هدوء دائم أو حسم مُطلق، وهو ما يجعل كل المواجهات تنتهي بدون انتصار وبدون هزيمة.
بعد العملية الأخيرة على غزة ليس واضحاً إذا كانت إسرائيل ستسمر في اتباع ذات الاستراتيجية أم ستحاول تغييرها.