مجلة «لايف» عن الملك فاروق: براد من الكاكاو في إفطاره ويدمن القمار والصيد
في كتابه "ما خفي.. مصر بين فاروق وناصر في الصحافة الأمريكية"، الصادر عن دار العين للنشر يذكر مؤلف الكتاب أسامة حمدي كيف أن الصحافة الأمريكية ومنذ بداية تولي الملك فاروق حكم مصر اهتمت به وبأخباره وبأدق التفاصيل في حياته، حتى أنها كانت تخوض في تفاصيل يومه وكيف يقضيه.
ففي عددها الصادر بتاريخ 10 أبريل 1950 نشر مراسل مجلة Life الأمريكية بالقاهرة، تقريرًا عن كيف يقضي الملك فاروق يومه، حتي أنه يذكر أصناف الطعام الذي يتناوله : يستيقظ فاروق متأخرا في قصر القبة وأحيانا في قصر عابدين ويبدأ يومه بإفطار شهي مؤلف من خمس أو ست بيضات علي الأقل وسلطانية عصيدة وطبق فول وبراد كاكاو. وإن كان أخيرا قد اتبع حمية غذائية لإنقاص وزنه والحفاظ في الوقت ذاته علي قواه الجسدية٬ وبناء عليه نصحه الدنماركيون ــ عبر الهاتف ــ بأكل القواقع البحرية ومن 200 إلي 600 في الأسبوع.
اعتاد فاروق علي توقيع بعض الأوراق٬ وإلقاء نظرة علي ملخص ما قالته الصحف قبل تناول الغداء وأحيانا ما كان يتوقف لزيارة بناته الصغار مع مربيتهن. تعيش فريال وفوزية في قصر القبة٬ أما الصغيرة فادية فكانت تعيش مع أمها. يتم تخصيص جزء من وقت الظهر لقضاء الواجبات الملكية لوضع الأسس وتخصيص الأثار والإشراف علي المدارس٬ كما أن زوار الملك لابد من الاهتمام بهم ويتم إطلاعهم علي مقتنياته النادرة من الساعات أو العملات التي تقدر بــ 54 مليون جنيه أسترليني.
ويمضي محرر التقرير راصدا هوايات الملك فاروق والتي تجلت في صيد الطيور: يقضي فاروق ساعة زو ساعتين كلما تسني له ذلك في ممارسة الصيد استعدادا لرحلته الأسبوعية التي يقيم فيها حفلا للصيد٬ وهو صياد ماهر ٬ ففي رحلته الأخيرة اصطاد 344 بطة في 415 محاولة. وتعرض الصفحات الأولي لصحف القاهرة صورا له وأمامه كومة صغيرة من الطيور التي اصطادها.
يعشق فاروق السواقة ويخترق الطرق الريفية بسرعة جنونية بسيارته٬ فهو يحب ماركة "لينكون" أو "كاديلاك" أما حين يسوق في شوارع القاهرة فإنه تسبقه وتحيط به قافلة من موتوسيكلات الشرطة ويتعطل المرور أحيانا لمدة ساعة. وحين يهجع الليل ولا تكون هناك فاعليات رسمية ينزل الملك ضيفا علي نادي السيارات الملكي لبضع ساعات للعب القمار٬ وأحيانا ما يتناول العشاء هناك والمطبخ يحتفظ دائما بمخزون كاف من المكرونة الإسباجتي له٬ ويقول شباب المصريين الذين يلاعبونه القمار إنه مقامر عتيد٬ ويعد فاروق أغني شخص في مصر (حيث تقدر ثروته بــ 50 مليون دولار) ولا يستطيع أحد مجاراته في رفع مبلغ المقامرة الذي قد يصل إلي 25 ألف دولار في المرة الواحدة. في إحدي المرات كسب فاروق لأن معه ثلاث أوراق ولد وقال أنه الولد الرابع.
غالبا ما ينتهي المطاف بالملك في ناد ليلي متواضع يدعي "سكارابي" حيث يركز معظم الاهتمام علي مغنية فرنسية في العشرين من عمرها تسمي "أني بيرييه"٬ وفي الثانية صباحا بإمكان من يرشي الحراس بجنيه أن يتوقف لأخذ مشروب ومشاهدة الملك فاروق عن كثب فهو ليس حسن الهيئة٬ فهو ممتلئ الجثة أصله الرأس وئيد الحركة ويجلس ساعات من دون إنقطاع منكفئا علي طاولة يحيط بها الدخان والظلمة وبجانبه الحاشية والحراس وهو يرمق بعينيه من خلال نظارته السوداء المغنية "أني" وهي تعزف البيانو وتشدو: "أشعر شعورا طيبا ..طيبا"٬ وتقول هذا بالفرنسية والإنجليزية٬ ويقوم النادل من آن لآخر بملء كأس فاروق بالكوكاكولا (حيث لا يحتسي الكحول في العلن) وإذا حدث صخب في الطاولة المجاورة فإنه يرمق الجالسين عليها حتي يتوقف هذا الصخب٬ فهو يخفي عيونه خلف النظارة ولا ترتسم علي شفتيه السميكتين أي بسمة كما أن جسمه البدين نادرا ما يتحرك.