الستر والرضا.. نجل القصبجي يكشف أبرز أحلام «الشاويش عطية»
في حديث لي مع الابن فتحي رياض القصبجي في ذلك العام قال: "أبي.. كان إنسانًا يجمع ما بين الشدة واللين، وأظن حالة اللين بداخله كانت أكثر من الشدة، على عكس ما قد يتصور البعض. أحياناً أدواره في السينما هى التي أعطت انطباع القوة والغلظة عليه، لكن ذلك ليس صحيحاً. كان رجلًا عطوفًا ودمعته قريبة، يفرح من أي شيء ويحزن من أي شيء! وأنا طفل صغير، كنت أخرج معه حتى أكون ذراعه التي تسنده إلى أن يصل إلى المقهى الذي يحب الجلوس عليه في وسط البلد (شارع عماد الدين) وكنا ونحن نسير أسمعه يردد: "الصبر.. الصبر يا رب"! فسألته بطفولة بريئة: "ولماذا كلمة الصبر يا بابا"؟ فيقول: "لأن الصبر مفتاح الفرج"! وعندما كبرت عرفت معنى كلامه. عرفت أنه كان شديد الرضا بما هو فيه، وهذا الرضا كان يستمده من الصبر"!.
ثم يكمل الابن: "كان رجلًا بسيطاً، يحب التمثيل والحياة والناس. وحياته بسيطة، وكان دائماً يردد: "يا رب.. الستر والصحة".. والحمد لله عاش مستور وبعدما تحققت له نعمة الستر، صحيح المرض هاجمه، وضغط عليه، وأبعده عدة سنوات عن الجمهور، لكنه كان راضياً.. حتى آخر يوم من حياته"!.
[القاهرة ـ 1903]
في ذلك العام ولد الفنان رياض القصبجي في 13 سبتمبر ورحل فى مثل هذا اليوم 23 إبريل عام 1963. عمل في بداية حياته (كمسارى) بالسكة الحديد، وأحب التمثيل منذ الصغر، وبعد فترة انضم إلى فرقة التمثيل الخاصة بهيئة السكة الحديد، ومنها انضم إلى فرق الهواة، ثم (فرقة علي الكسار)، و(فرقة دولت أبيض) ثم استقر مع (فرقة إسماعيل يس المسرحية). عاش حياته لا يمتلك سيارة ـ كما يقول الابن ـ ويسكن في شقة عادية، ويذهب إلى المقهى بـ (الحنطور) حيث كانت هوايته ركوبه، ولا يستخدم غيره.
ثم يكمل:
- "ترك لنا السيرة الحلوة وحب الناس. ولم يكن من الشخصيات التي تهوى جمع المال.. فهو من جيل عاش الفن للفن، وليس من أجل المال والشهرة!".
[الإسكندرية ـ 1963]
في صيف ذلك العام سافر بمفرده إلى (عروس البحر المتوسط) ومعه من يقوم على خدمته ـ هكذا يتذكر الابن ـ خاصة بعدما ساءت حالته النفسية بسبب المرض وانحسار الأضواء، وتوقفه عن التمثيل. وكان باقي أفراد الأسرة في مصيف (رأس البر)! بعد أيام اتصل بنا وطلب حضورنا فوراً. وبالفعل عاد هو من الإسكندرية وعدنا نحن من (رأس البر ). في تلك الأيام ظل يقاوم المرض بقوة، وثبات، حتى جاءت ليلته الأخيرة التي جمعنا فيها حوله وطلب الاستماع إلى صوت (أم كلثوم) ـ الذي كان يعشقه جداً ـ وبدأ يتحدث عن حياته ومشواره من (مسرح السكة الحديد) إلى ما وصل إليه من نجاح.. ثم وهو يتحدث لنا، وأم كلثوم بجواره تغني (أروح لمين) أغمض عينيه وانتقل إلى جوار ربه في هدوء، وسلام !، وذلك حسبما ذكر الكاتب الصحفي خيري حسن “أبي كما لم يعرفه أحد".