«الروبيكي».. مستقبل جديد لصناعة الجلود في الشرق الأوسط
مصر القديمة تحمل في طياتها تاريخ عظيم ويحمل حاضرها أمالا في التطوير واستعادة أمجاد الماضي، ولكن تحولت بعض بقاع الحي العريق المفعم بعبق التاريخ إلى بؤر صناعية تشوه هذه اللوحه التاريخية البديعة، وهنا كان القرار وأعدت محافظة القاهرة بالتنسيق مع صندوق تطوير العشوائيات مشروع تخطيط وتطوير منطقة المدابغ وإيواءات أبو السعود وما حولها بنطاق حي مصر القديمة، وذلك بعد إخلاء المنطقة تماما.
وتتمثل أهمية مشروع تخطيط أراضي المدابغ في خلق فرص استثمار نظرا لقربها من أكبر منطقة تجمع آثار إسلامية ومسيحية في مصر والشرق الأوسط.
وتخدم المنطقة ثلاث محاور رئيسية هامة هي طريق كورنيش النيل، وطريق صلاح سالم، وطريق مجرى العيون، كما تحد من التلوث البيئي داخل المنطقة، وخلق فرص تنمية المجتمع المحلي، وفرص عمل جديدة من خلال إعادة استخدام الأرض بما يتلائم مع قيمتها الاقتصادية.
وتتمثل فكرة تخطيط المشروع بعد نقل نشاط المدابغ في إنشاء مركز ثقافي ترفيهي بمساحة حوالي 6.75 فدان، وفنادق بمساحة 3.75 فدان وأخرى بمساحة 7 أفدنة، كما يشمل المخطط إنشاء مركز تجاري رئيسي بمساحة حوالي 6 أفدنة، وإنشاء مركز إداري رئيسي بمساحة حوالي 5 أفدنة، إضافة إلى منشآت سكنية وإدارية مميزة بمساحة حوالي 6.6 فدان ومول تجاري أسفله جراج بمساحة 1.6 فدان.
كانت المنطقة تضم أكثر من 1000 مدبغة ومصنع تم نقلها إلى مدينة الروبيكي وأتاحت عملية الإزالة توفير مساحة 90 فدانًا يتم استغلالها حاليا في المخطط السياحي والحضاري سالف الذكر، كما أنه من المقرر أن يشمل المخطط ايضا إنشاء اسواق تجارية تحمل مبانيها الطراز الإسلامي.
ولا يمكن أن نغفل بأن صناعة الجلود من أهم أفرع الصناعات التي تتميز بها مصر وتعد أحد اأهم مصادر الدخل القومي، ولهذا جاءت توجيهات القيادة السياسية: نعم لإحياء تراث مصر القديمة، ولكن ينبغي الحفاظ على صالح أصحاب الورش والمدابغ حفاظا على هذه الصناعة العريقة، وطوت صناعة الجلود بالعاصمة صفحة ماضية وفتحت صفحة جديدة مشرقة مع المستقبل ..إنها مدينة الروببكي لصناعة الجلود.
تقع المدينة على مساحة 1629 فدان وهي مدينة صناعية تم نقل منطقة المدابغ الموجودة بسور مجرى العيون بمصر القديمة إليها وهي مدينة متخصصة في كل ما يخص دباغة الجلود لتستعيد مصر دورها الرائد في هذه الصناعة والتي أشتهرت بها مصر منذ ما يزيد عن ألف سنة فقد بدأ المصريون بدباغة الجلود منذ تولي الناصر صلاح الدين الأيوبي للحكم في 1169.
تشتمل المدينة على منطقة وحدات إنتاجية وخدمات مساعدة على مساحة 511 فدانا وتنقسم إلى 3 مراحل:
المرحلة الأولى: وتضم 323 وحدة على مساحة 203 أفدنة، وتستهدف نقل وتشغيل وتطوير المدابغ من سور مجرى العيون إلى الوحدات المطورة، وانتهت بنسبة 100% من منشآت المرحلة، وبدأ الإنتاج فيها.
المرحلة الثانية: تمتد على مساحة 109 أفدنة، وتشمل الصناعات الوسيطة والمستخرجة من عملية الدباغة، مثل: تصنيع الجيلاتين، وكيماويات الدباغة والكرياتين والأمينو أسيد وتصنيع السماد الحيواني، وانتهت مرافقها بنسبة 100%.
المرحلة الثالثة: وتمتد على مساحة 161 فدانا وتشمل مؤسسات التصميم والمعاهد الفنية للجلود، والصناعات الوسيطة، ومصانع المنتجات الجلدية، ومنافذ بيع ومناطق تجارية، وتستوعب بين ١٠٠ إلى 150 مصنعا للمنتجات الجلدية والإكسسوارات والكماليات، ومنطقتي خدمات، ومنطقة معارض، ومركزا طبيا ومركز تدريب.
ومن المتوقع زيادة مساحة المدينة بضم 800 فدان لنقل الورش والمصانع المنتشرة في الأنحاء غير المخططة بالدولة لها.
يشتمل المشروع على مدابغ نموذجية على غرار المدابغ العالمية لتكون مثالا جيدا للتطوير والتحديث ،كما يتم بها أختبار نوعية الجلود وتطوير التصميمات والألوان الجديدة للمنتجات الجلدية، بجانب القيام بعمليات التدريب للموارد البشرية العاملة بالقطاع لصقل مهارتهم الفنية وفقا لأحدث الطرز العالمية ،وذلك بالتعاون مع الخبرة الإيطالية ، يوجد ايضا منطقة محطات المعالجة لمياه الصرف الصناعى والصحى(كروم - مالح -عام ) والمدفن الصحى طبقا لأحدث التكنولوجيات بما يتفق مع متطلبات التوافق البيئى على مساحة 282 فدانا ، فضلا عن منطقة الغابة الشجرية وتروى بمياه الصرف بعد المعالجة وهى على مساحة 280 فدانا وكذلك مركز تكنولوجيا الدباغة وصناعة الجلود على مساحة 6000 متر مربع بالتعاون مع الجانب الإيطالي.
يعد المشروع بحق مركزا متكاملا للصناعات (مدابغ - مصانع جيلاتين وغراء - مخازن - كيماويات -متاجر)، كما انه يشمل إقامة متحف تراثى مخصص لبيان مراحل تطور صناعة الجلود فى مصر
كانت توجيهات القيادة السياسية بانشاء بنية تحتية واساسية حديثة تتغلب على جميع المشكلات البيئية التى كانت تواجه مدابغ منطقة مجرى العيون الأثرية وكذلك مراكز خدمات عامة من بنوك وقاعات مؤتمرات ، ومعارض ،ومراكز صيانة و منافذ تسويق ، ومكاتب تراخيص ،و مستشفى ومركز إطفاء ومركز شرطة ،ومركز إتصالات ،كذلك محال مأكولات.
كان القرار لإنشاء هذه المدينة العظيمة بتكلفة 2.7 مليار جنيه، لزيادة الإنتاج من 125 مليون قدما مربعا نصف مشطب إلى 350 مليون قدما مربعا كامل التشطيب سنويا وكذلك زيادة القيمة المضافة بإستكمال مراحل التشطيب خاصة وأن 85% من الصادرات الحالية للجلود غير مشطبة فضلا عن ارتفاع معدل النمو الصناعى بقطاع الجلود ليصل إلى 10% سنويا وكذلك خلق 25000 فرصة عمل مباشرة جديدة بإستكمال مراحل المشروع و زيادة الاستثمارات الصناعية إلى 5,766 مليارات جنيه (تشييدات –معدات ) ومضاعفة الصادرات الصناعية من (170 مليون دولار إلى 800 مليون دولار ) سنويا بالإضافة بالإضافة رفع الإنتاجية من 60 قدما مربعا /عامل /يوم إلى المعدل العالمى 250 قدما مربعا /عامل /يوم .
ولا يمكن ان نغفل القيمة الاجتماعية للمشروع الذي يهدف الى تحسين ظروف وبيئة العمل ، رفع مستوى دخول العاملين ، حماية العاملين فى هذا القطاع بتوفير بيئة صحية.