فلسطين فى عقل وضمير القيادة المصرية
نشرت صحيفة «هآرتس» العبرية مقالًا للكاتب الإسرائيلى «آرى شبيت»، وصف المعنى الحقيقى للاعتراف بالحق للشعب الفلسطينى، يقول فيه «شيبت»: يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال، يبدو أننا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان «إسرائيل» إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس فى هذه الدولة.
وأكد الكاتب فى مقاله أن القوة الوحيدة فى العالم القادرة على إنقاذ «إسرائيل» من نفسها، هى «الإسرائيليون» أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأن الفلسطينيين هم المتجذرون فى هذه الأرض، وأن فكرة البقاء للأقوى تتحطم، بل البقاء للأصدق، العالم يتغير والأمم الحية لا تنسى وجودها.
وواصلت مصر دعمها القضية الفلسطينية ومسار السلام العادل والشامل، حيث قادت مصر حوارًا بين الفصائل الفلسطينية لتوحيد الصف الفلسطينى الذى ضربته الانقسامات، حيث إن تدخل مصر لتهدئة الأوضاع فى القدس ومنع تفاقمها، سيسهم فى خفض حدة التصعيد، وهو تعامل دبلوماسى رفيع المستوى مع أمر فى غاية الخطورة، والذى يعد تحذيرًا صريحًا إلى الحكومة الإسرائيلية التى تهدف بالأساس إلى تنفيذ خطة «تهويد» القدس»، وهذا ما يجب أن يتعامل معه العالم العربى والإسلامى والمجتمع الدولى.
لم تتأخر مصر يومًا عن نصرة القضية الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨، ولم تدخر جهدًا للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى، فمصر تعتبر القضية الفلسطينية قضية ذات أولوية متقدمة فى أجندتها السياسية، وعلى مدار سنوات طويلة تحرك زعماء مصر للدفاع عنها بشتى الوسائل.
فمنذ عام ١٩٤٨ وهجرة المجموعات اليهودية إلى فلسطين.. والقضية الفلسطينية تشبه كرة الثلج التى يزداد حجمها وتزيد قوتها التدميرية ولا يعود آثارها السلبية إلا على الشعب الفلسطينى، وذلك فى الوقت الذى يجنى فيه الطرف الآخر مزيدًا من المكاسب، وهو ما تشهده القضية حاليًا، عقب الإعلان الأمريكى عن خطة الرئيس ترامب للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين العام الماضى.
ومنذ تولى الرئيس السيسى الحكم فى عام ٢٠١٤، ولمصر دور بارز فى مناصرة الشعب الفلسطينى، وفى وضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها، حيث واصلت مصر دفاعها ومساندتها القضية الفلسطينية، وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف، وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها.
وقد أسهمت مصر بدرجة كبيرة فى رفع المستوى العلمى والتكنولوجى، بجانب المساعدات السياسية والعسكرية والمالية وغيرها، إلا أنها لم تغفل أهمية نقل التكنولوجيا لفلسطين حتى تكون على اتصال بالعالم الخارجى، ومن أهم تلك المساهمات الجامعات، حيث أخذت مصر على عاتقها وتحملت المسئولية كاملة فى تعليم الشباب الفلسطينى، واحتضنت آلاف الطلاب الفلسطينيين ليتلقوا العلم فى الجامعة المصرية، حيث يعامل الفلسطينيون على أنهم مواطنون مصريون من الدرجة الأولى.
ولرفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى، نقلت مصر التكنولوجيا إلى فلسطين بالمساهمة بشكل كبير فى إنشاء البنية التحتية وإنشاء الطرق وتجهيز الجامعات والهيئات بالوسائل التكنولوجية الحديثة، فضلًا عن الجهود الإنسانية التى قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطينى، وظلت مصر تؤكد فى جميع المحافل الدولية أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وإعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
وحرصت مصر على أن تكون عنصرًا فاعلًا فى المفاوضات، فقد أرسلت مصر وفدًا أمنيًا للتدخل لدى الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلى، فى محاولة للوصول إلى مخرج للأزمة المتصاعدة، وأن «مصر لم تتأخر فى الوقوف إلى جوار الشعب الفلسطينى منذ اندلاع الأزمة، بل تحركت منذ اللحظة الأولى للعدوان فى سبيل التهدئة، وعبر اتصالات ومباحثات مع الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلى والأمم المتحدة ومجلس الأمن»، ولا وقف إطلاق نار إلا بجهود مصرية، ومصر تتحرك بقوة فى هذا الصدد»، بالإضافة إلى أن القاهرة لها معابر استراتيجية مع غزة، وهى «عنصر فاعل فى أى مفاوضات تتدخل فيها لحل أى أزمات طارئة».
إن الدور المصرى دور مركزى فى التعامل مع القضية الفلسطينية منذ اندلاع تلك الأزمة منذ بدايتها، وليس مجرد إطفاء حرائق، كما يتصور البعض، والاتصالات المصرية قائمة من خلال الوفد الأمنى، إذ إن الأمر مرتبط بموقف ثابت، وإن الرسالة المصرية لإسرائيل أن هذه الإجراءات التى تقوم بها سيكون لها مردود سلبى على جانب تطوير العلاقات وتنميتها فى الفترة المقبلة.