باحثة في «الإفتاء» تكشف أسباب نظرة المجتمع «السلبية» للمرأة المطلقة
قالت الدكتورة هبة صلاح، الباحثة في دار الإفتاء وصاحبة مبادرة "أصواتهن للسلام"، إن الأعمال الدرامية دائما جزء أساسي من ترسيخ الأفكار والمفاهيم والصور الاجتماعية؛ والدليل هو زمن "الميمز" أو "الكوميكس"، بمعنى أن كل فكرة تجد لها ترويجا على نطاق واسع من خلال منشورات وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة "فيسبوك".
وأضافت "صلاح" لـ "الدستور": أنه "خلال شهر رمضان هذا العام، وجدنا كثير من المسلسلات قدمت المرأة بصور مختلفة، وإن كان معظمها صور سلبية، لكن التفاعل توقف عند مسلسل (خلي بالك من زيزي)، لعرضه فكرة بيت الطاعة! وظهرت أسئلة من نوعية: هو لسه في بيت طاعة؟ وهل فعلا الشرع أمر الزوج بذلك؟ بيت الطاعة من الشرع أو القانون؟"، مشيرة إلى أن مبادرة "أصواتهن للسلام" عرضت صور نمطية كثيرة تظلم النساء في المجتمع بسبب الخلط بين فهم الدين وتطبيق الأحكام وبين العادات والممارسات الاجتماعية التي يدعمها قانون الأحوال الشخصية كما في حالة "بيت الطاعة".
وأوضحت: أنه "من خلال لقاءات كثيرة للنساء من فئات اجتماعية مختلفة وخلفيات ثقافية متنوعة، قمت بها كجزء من أنشطة المبادرة، وجدت أن نسبة كبيرة من السيدات المطلقات رسميا، أو ما نطلق عليهم منفصلين عاطفيا عن أزواجهم، يعانين من عدم فهم الأزواج لأمور كثيرة تتعلق بالمعاملة والمودة وحسن العِشرة".
وتابعت: "وكذلك وجدت أن هناك من النساء من ينقصهن فهم تحمل المسؤولية ولديهن تشوه في فهم معنى كلمة الطاعة! لذلك القضية بالنسبة لي يمكن تحليلها على ثلاثة مستويات، أولهما المستوى الأخلاقي: الزواج هو "شراكة" بين الزوجين، فليس لأحد ميزة على أحد، بل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيرا، وهي القاعدة الشرعية الأساسية التي لابد أن ينطلق منها كل رجل في التعامل مع زوجته امه اخته ابنته أو أي امرأة أخرى، ولا يمكن أن نحيد عنها حتى وإن شذت إحداهن عن الأخلاق التي ارتضاها لنا الدين، لأن العلاقات الإنسانية دائما تبنى على الاحترام والمودة حتى إن لم نجد لذلك مقابل. فكما يقول المثل الشعبي: "كل واحد بيعمل بأصله".
المستوى القانوني
وبيّنت الباحثة بدار الإفتاء: أن "قضية بيت الطاعة ما هي إلا محض "قانون للاحوال الشخصية" منذ سنة 1925 ومن وقتها ويتم استخدامه في بعض الأحيان للتعامل مع الزوجة التي تهجر البيت واعتبارها ناشزا، لذلك علينا أن نطالب بإلغاء هذا القانون وإعادة النظر في دائرة قوانين الأحوال الشخصية التي تنظم العلاقات الزوجية التي تختزل المراة في "أداة للمتعة الحسية" وهذا ما يفهمه أغلب الرجال عن فكرة الزواج، فتصبح المرأة تحت رعايته مجرد وسيلة ليس لها قيمة إلا المال الذي تأخذه إن طلقها "نفقة المتعة" أو اضطر إلى طلبها في بيت الطاعة، إذا تركت له البيت بسبب تعسف أو ضرب أو قهر. دائما لكل فعل رد فع".
المستوى الاجتماعي
ولفتت: إلى أن "نظرة المجتمع للمرأة المطلقة دائما سلبية، وهذا لا ننكره، لأنها دائما السبب، وإن كانت الحقيقة غير ذلك، ومن هنا يتشبث بعض الرجال بفكرة بيت الطاعة كنوع من المحاولة لإصلاح الزوجة أو الحفاظ على البيت من وجهة نظرهم، لأن المجتمع لا يقبل تواجد المطلقات في الحياة العامة حلقة مفرغة من التفاصيل التي تحتاج كتاب كامل لتحليلها، لكن دائما البداية تأتي من الاختيار الصحيح وفهم تعاليم الدين كما أرادها الله. فالله لا يريد لعبادة ذلا أو انتقاصا من قدرهم، لكن قوانين البشر تفعل ذلك".