نقطة الصفر.. الأسباب الـ 6 لاندلاع المواجهة بين حماس وإسرائيل
قبل أسابيع من اندلاع المواجهة بين إسرائيل وحماس، تبلور خليط مُتفجر في القدس، هذا المزيج الإشكالي تكون من عدة أحداث محلية، أزمة حي الشيخ جراح، ونشوب المواجهات في المسجد الأقصى عقب القرارات الإسرائيلية الأخيرة بغلق الدرج المؤدي إلى باب العمود، بالإضافة إلى الحماسة الدينية المُعتادة في شهر رمضان وتأثير الشبكات الاجتماعية ودخول شباب الصهيونية الدينية على خط المواجهة مع الفلسطينيين في القدس. بحسب تجربة الماضي، فإن هذا الوضع من شأنه أن يتجه نحو التدهور بسرعة.
في الخلفية تتشكل أزمة سياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول مسألة إجراء الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في شرقي القدس، والذي أدى في نهاية المطاف إلى تأجيل الانتخابات التي كانت حماس تعول عليها بشكل كبير لتعيد مكانتها في الضفة والقطاع معاً، وهو ما دفعها للتدخل في أزمة القدس بشكل مباشر.
نستعرض في السطور التالية الأحداث الرئيسية التي وقفت خلف بدء التصعيد في إسرائيل وحماس:
أزمة حي الشيخ جراح
السبب الأول كانت أزمة الشيخ جراح في القدس الشرقية والتي كانت الحدث المركزي في الأيام الأولى للتصعيد – قبل أن يتدهور الوضع في الأقصى- فقد شهد الحي احتجاجات يومية ضدّ احتمال إخلاء عائلات فلسطينية لصالح مستوطنين إسرائيليين، وفي حينه نزل فلسطينيون إلى الشوارع ورشقوا قوات الأمن الإسرائيلية بالحجارة.
ثم تجددت المواجهات بين سكان الحي والمستوطنين الإسرائيليين بعد أن دعت المحكمة الإسرائيلية العليا طرفيْ النزاع في قضية ملكية عقارات في الحي إلى جلسة استماع جديدة ستُعقد يوم 10 أيار ومن ثم تم تأجيلها.
إغلاق درج باب العمود في الأقصى
السبب الثاني، أن الشرطة الإسرائيلية من جهتها تصرفت بانعدام مسؤولية عندما قررت، دون تفسير مقنع، استفزاز الجمهور الفلسطيني في المدينة المقدسة، في بداية رمضان بإغلاق المدرج المؤدي إلى باب العامود، وهو التصرف الذي أشعر الفلسطينيين بالإهانة، فضلاً عن استخدام الشرطة الإسرائيلية عنفاً مُفرطاً في تعاملها مع الفلسطينيين في محيط المسجد الأقصى.
كما قامت الشرطة الإسرائيلية بقطع كوابل مكبرات الصوت في المسجد الأقصى كي لا يزعج صوت الأذان الاحتفال بيوم الذكرى في حائط البراق (المبكى)، وهو ما زاد الغضب الفلسطيني أيضاً.
كما ظهر تسجيل فيديو نشره شهود عيان أظهر القوات الإسرائيلية وهي تداهم الباحة الواسعة أمام المسجد وتطلق قنابل الصوت داخل المبنى حيث كانت حشود من المصلين بينهم نساء وأطفال يؤدون الصلاة في يوم الجمعة الأخير من رمضان، وهو الفيديو الذي يعتبر بداية الاشتعال الحقيقي.
تحريض الصهيونية الدينية
ثالث الأسباب التي ساهمت في الاشتعال، هو عربدة شباب الصهيونية الدينية الذين هاجموا المارة والصحفيين، ورشقوهم بالحجارة، وألقوا الزجاجات على أفراد الشرطة وهتفوا "الموت للعرب"، وهتافات تحريض وعنصرية أخرى.
التحريض جاء بشكل مباشر من منظمة "لهافا" العنصرية، وتحركت المنظمة بعد أن روج عدد كبير من جانب سياسيين من حزب الصهيونية الدينية لعدد من الاعتداءات الخطيرة التي قام بها الفلسطينيون ضد اليهود في منطقة البلدة القديمة. أما باقي السياسيين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الامن الداخلي أمير أوحنا، فلم يتعاموا مع هذا الوضع بحزم في أيامه الأولى.
الحماسة الدينية في رمضان
السبب الرابع هو الحماسة الدينية – الإسلامية التي تزداد في فترة رمضان، والتي شكلت المناخ الملائم للتصعيد.
يوم الأثنين الماضي حلت ذكرى يوم القدس التي يتظاهر فيها شباب يهود حاملين أعلام إسرائيل في القدس وأحياناً تحدث استفزازات للمسلمين خاصة أن هذه الذكرى تزامنت مع ليلة القدر التي يصلي فيها عشرات الآلاف من المسلمين في المسجد الأقصى، وجاءت هذه الصدامات مع "يوم القدس" الذي تحييه إيران سنوياً في يوم الجمعة الرابع من شهر رمضان، وهي مناسبة قال خلالها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي في خطاب ألقاه في طهران إنّ إسرائيل "ليست دولة بل معسكر إرهابي ضد الشعب الفلسطيني والشعوب المسلمة الأخرى"، متوقعا مرة جديدة زوالها، وهو ما أثار الحماسة في قلوب البعض من المتماهين أيديولوجياً إيران.
مواقع التواصل الاجتماعي
السبب الخامس، كان بحسب ما رأي البعض المراقبون، أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في رفع درجة التوتر في أيامه الأولى، خاصة بعد نشر أفلام فيديو قصيرة تم نشرها في الشبكات الاجتماعية عبر تطبيق "تيك توك"، التي قام بها شباب فلسطينيون بتصوير أنفسهم وهم يهاجمون يهودا، على الأغلب أصوليين أو متدينين، في شوارع القدس وفي القطار الخفيف. كالعادة، أيضا رجال يمين متطرفين ساهموا في التطرف والمطالبة بالثأر.
كما تم توثيق عنف شرطي ضد سكان البلدة القديمة الفلسطينيين. ففي المواجهات شارك مئات الفلسطينيين وعشرات رجال الشرطة، وأصيب عدة إشخاص بإصابات
تأجيل الانتخابات الفلسطينية
السبب السادس والذي ظهر في الخلفية، كان الشرك السياسي الذي تشكل أمام السلطة الفلسطينية، والذي بدأ عندما قرر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس العام الماضي، الذهاب الى عملية انتخابات عامة في الضفة وفي القطاع، وذلك للمرة الأولى منذ 15 عاما.
كان هناك تأييد دولي واسع لهذا القرار خاصة من قبل الإدارة الأمريكية، ولكن في نفس الوقت ازداد الخوف في قيادة السلطة من نتائج الانتخابات، التي يمكن أن تنتهي بهزيمة ترفع حماس إلى السلطة في الضفة.
تزامن هذا مع رفض إسرائيل السماح لسكان القدس الشرقية للتصويت في الانتخابات، وهي الذريعة التي استخدمتها السلطة الفلسطينية لتأجيل الانتخابات، بحجة أن إسرائيل لا تمكنها من إجراء عملية ديمقراطية نظيفة، وهو ما سبب الغضب لحركة حماس التي أغضبها القرار الإسرائيلي وقرار السلطة بالتأجيل.
حماس تدخل على خط المواجهة
قررت حركة حماس الدخول على خط المواجهة مع إسرائيل، في الأيام الأولى للتصعيد في القدس، وقالت الحركة في بيان إنّ ما يجري في المسجد الأقصى "يؤكّد أنّ حرب الصهاينة هي ضدّ المقدسيين وضدّ حرية التعبّد".
وهو ما دفعها إلى إطلاق 3 صواريخ على بلدات غلاف غزة سقطوا جميعهم في مناطق مفتوحة، ولم يسببوا إصابات، فيما ردت إسرائيل بضبط نسبي للنفس على إطلاق الصواريخ خوفاً من تصعيد غير مُسيطر عليه. حماس، حسب رؤيتها، نجحت أن تشد أطراف معادلة الردع بين الطرفين، واستمرت في إطلاق الصواريخ حتى قررت إسرائيل الرد بقوة، وبدأت المواجهة المستمرة حتى الآن.