الزواج غير الرسمي طريق «التفكك الأسري».. وخبراء: كارثة تتعرض لها الفتيات
تسعى القيادة السياسية جاهدةً أن تضع حدًا نهائيًا لأزمة زواج القاصرات التي تؤرق العقول ولها النسبة الأكبر في التفكك الأسري وزيادة المعدل السكاني بشكل كبير، وهو ما أشارت إليه الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي في تصريح لها، قائلة إن بعض الأسر التي تقوم بتزويج فتياتها دون توثيق رسمي ليتفادوا طائلة القانون، مُشيرة إلى أن الزواج غير الرسمي أو غير المُوثق أو "العُرفي" يزج بالفتاة في مشكلات تؤثر على نسب الأطفال وعلى إثبات حقها في حقوق الزواج وعلى ضياع حقها حال وقوع انفصال أو طلاق، بما يشمل جميع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية.
وفي آخر مسح ديموجرافي صحي في مصر عام 2014، أظهرت نتائجه أن نسبة الإناث المتزوجات في الفئة العمرية من 15 – 19 سنة بلغت 14.4%، وتزداد أعدادهن في المناطق الريفية وهن من بين ذوات المستوى التعليمي والاقتصادي المنخفض ويرتفع متوسط عدد الأطفال للمرأة المصرية في حالة الزواج قبل 18 سنة إلى 3.7 طفلًا، بينما يصل متوسط عدد الأطفال للمرأة المتزوجة بعد 22 سنة إلى 2.8 طفل.
مأذون شرعي: الزواج العرفي للفتيات القاصرات أخطر الأنواع ومشاكله عديدة
في البداية تقول نشوى جاد، المأذون الشرعي، إن ظاهرة زواج الفتيات تحت السن القانوني منتشر بكثرة في الأرياف والصعيد وبعض الأحياء الشعبية، ويمثل أخطر أنواع الزواج لأنه أولا يخالف السن المحددة وفقًا للقانون للزواج بالنسبة للفتاة، ثانيًا بسبب اللجوء إلى الزواج العرفي أو غير الموثق لإكمال الزواج ولا يتم فيه تسجيل الزواج في المحكمة ويتم من خلال محامي أو مأذون ضعاف النفوس.
وأوضحت جاد أن مشاكل هذا الزواج كثيرة وتقع جميعها على الفتاة وأسرتها، ففي حالة إنجاب الزوجة لطفل وهي لم تكمل سنها القانونية لن يتم تسجيله حتى يتم تسجيل أوراق الزواج بشكل رسمي عند المأذون وفي المحكمة، وفي حالة الخلافات والمشاكل تواجه صعوبات في أخذ حقوقها وحقوق طفلها من نفقة وغيرها لعدم وجود طلاق عرفي بل ينتهي الأمر بتقطيع الزوج للورقة العرفي وينتهي الزواج بالنسبة له.
وكانت قد أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي مبادرة بعنوان "مودة"، للعمل على وحدة الأسرة المصرية والحد من نسب الطلاق التي ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وتأهيل المقبلين على الزواج نفسيًا واجتماعيًا بالشكل الكافي لتكوين أسرة متكاملة الأركان، وحل أي خلافات محتملة دون اللجوء إلى الطلاق. ودعمت مكاتب فض المنازعات الأسرية للقيام بدورها في الحد من حالات الطلاق، ومراجعة التشريعات التي تدعم الأسرة وتحمي حقوق الزوجين والأطفال.
الزواج المبكر يكون بين الأقارب بالأخص
وقال أحمد مصيلحي، محامي الدفاع عن حقوق الطفل، إن الزواج المبكر جريمة يعاقب عليها القانون ورغم ذلك مازال قائمًا في قرى الصعيد والأرياف، مؤكدًا أن هذا الزواج كارثة تتعرض لها الفتيات من هن تحت السن القانونية لأنه سن الطفولة كما حدده القانون المدني، وهي السن الذي لا يمكن أن تتخذ فيه الفتاة أي قرار يخص حياتها بشكل صحيح ورغم ذلك تلجأ أسرتها إلى تزويجها بعقد غير رسمي ثم إنجاب أطفال لا يمكن تسجيلهم بشكل رسمي لعدم وجود عقد زواج مسجل في المحكمة.
وذكر أنه ببحث أسباب اللجوء للزواج المبكر تم التوصل إلى لجوء الأهل إليها ومنها زواج السترة والتي تتم وفقًا للعادات والتقاليد المغلوطة المنتشرة في الصعيد بالأخص، أن يتزوج الأقارب من بعضهم "البنت يتجوز ابن خالها أو ابن عمها دايما بيكون الزواج بين الأقارب ودا السبب الأكبر في الزواج قبل ما تتم سنها القانوني".
وأوضح مصيلحي أن مكافحة هذه الجريمة يجب أن تطبق وبشكل حاسم خاصة مع ارتفاع معدلات الطلاق ويكون أغلبهم لفتيات لم يتخط أعمارهم العشرين عامًا، ومن يعاقب على هذه الجريمة يكون المأذون أو المحامي الذي يجري عملية الزواج ولكن ذلك في حالة تم ضبطه بالفعل ووقتها يمكنه أن يجد له أي مخرج.
وأضاف أن القانون شدد على عقاب والد الفتاة في هذه الجريمة وفي حال اكتشاف أنه تم دفع مقابل مادي في سبيل الزواج يتم توقيع جرم استغلال جنسي وإتجار بالبشر وعقوبته تبدأ من 5 سنوات وتصل إلى المؤبد.
وفي دراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لقياس مدى انتشار ظاهرة الطلاق في مصر، توصلت إلى أن نسبة الطلاق في الفئة العمرية من 18 سنة فأكثر وفقًا لتعداد 2017 بلغت نحو 1.25% وهي النسبة الأعلى منذ أكثر من نصف قرن، وتوصلت الدراسة أيضًا إلى أن أغلب أحكام الطلاق عام 2018 كانت بالخلع بلغت نحو 84%، وأنه كلما زادت مدة الحياة الزوجية انخفضت نسب الطلاق.