أكد أن أي استراتيجية ثقافية ستكون مرحلية و لا تغني عن جودة التعليم
عزت القمحاوي: إحساس الغربة يلازمني والحواس جزء أصيل من رؤيتي للعالم
- الافتتان بالغرب مصدره الانقطاع عن التراث العربي النقدي والانبهار بـ"الرطانة" الجديدة.
- لا يوجد ما يسمى بتجديد الخطاب الديني فالدين يجب ألا يكون خطابًا للعامة
- لست ضد ظاهرة "البيست سيلر" لأنها طبق المقبلات الذي يقود الناس إلى القراءة.
- "الأيك" لم يكن مجرد كتاب.. واحترام الحواس جزء أصيل من رؤيتي للعالم.
- الكاتب سيء الحظ يضع وعيه لحظة الكتابة أما القارئ فأكثر حرية ففي كل مرة يصل لوعي مختلف.
للمعرفة عنده رائحة، وللرغبة أصوات، وللغرام مطارح، وللعفة مذاق، يشعر بالغربة، يفتش عن الأمان، دائم البحث عن غرفة ما، سواء كانت غرفة ترى النيل أو غرفة للمسافرين، كاتب يستقي عوالم رواياته من رصد الشارع وتأملاته، لا يكتب للنخبة وإنما لبسطاء الناس، لذلك لا تتعاطف مع شخصياته بالمطلق ولا تكرهها في المطلق، فمتعة الكتابة عنده لا تضاهيها متعة سواء كانت النتيجة ثوبا صغيرا لدمية أو ثوبا فضفاضا مضحكا لبهلوان، يحرص على سمعته الأدبية ككاتب أكثر من حرصه على مزاج القارئ الذي يراه غير مضمونا، ربما لأنه أدرك مبكرًا أن مهنة الكتابة أوقعت عددا من الضحايا لا يقل عن ضحايا الحروب، أما عن الأصابع التي يكتب بها فهي أول بديل عرفه لثدي الأم، لا يحب الوجبات السريعة، ويرى أنه لم تؤثر عن الأمريكيين وجبة للإفطار لأنهم خرجوا إلى العالم بعد ظهيرة التاريخ، الروائي والكاتب الصحفي عزت القمحاوي في حواره لـ"الدستور" يتحدث عن مستقبل الثقافة في مصر وفي القلب منها الكتابة والقراءة، وغلى نص الحوار:
- قدمت كتابا كاملا عن الحواس وهو كتاب "الأيك فى المباهج والأحزان" فمتى تعرفت لأول مرة على حواسك وكيف؟
- النشأة الريفية هي نشأة حسية، من يتربى في الريف أو في مدينة تطل على البحر يمتلك امتيازات تصنع العلاقة مع العالم من خلال حواسه، فالحواس تكتشف في النشأة واكتملت برؤية فكرية حيث أدركت بقراءاتي وتكويني الثقافي أن الحواس هي أصدق وسيلة لنقل المعرفة، فما تختبره بحواسك لا يمكن أن تشك فيه ولا يمكن أن تغالط فيه، واهتمامي بالحواس في "الأيك" لم يكن مجرد كتاب وانطلق منه إلى أخر، إنما احترام الحواس هو جزء أصيل من رؤيتي للعالم.
فعلى سبيل المثال هناك ناقد مغربي كتب دراسة وقت صدور "بيت الديب" وتحدث في دراسته عن تيمة الرائحة في الرواية وهو ما لم أقصده، إنما عمود الرواية في تلك السيدة المعمرة التي يحدثونها عن السر الذي أبقى حبيب الشباب حيا في ذاكرتها مئة عام فأجابتهم "رائحته"، وحين سألوها: كيف كانت رائحته؟ فأجابتهم باختصار وبساطة شديدة جدا: رائحة رجل!، جميع المنطلقات الكبرى في "بيت الديب" فعلا تعتمد على الرئحة وهو ما كتبته ولم ألتفت إليه إلا عندما نبهني الناقد المغربي إليه.
- في كتبك تنظر بعين نقدية للثقافة الغربية فتسحسن ما وصلت إليه أحيانا وتنقدها أحيانا أخرى، لماذا في ظنك انبهر أغلب المثقفين العرب بالغرب انبهارا يبدو معصوب العينين؟
- الثقافة العربية مرت بمرحلتين، الأولى هي مرحلة البعث والنهضة حتى النصف الثاني من القرن العشرين، في تلك الفترة لم يكن هناك هذا الانبهار بالغرب إطلاقا، على سبيل المثال في مشروعات الدكتور طه حسين، محمد حسين هيكل، أحمد أمين، لن تجد فيها أثرا لانبهار وإنما فهما للثقافة الغربية، بمعنى أن طه حسين يكتب من داخل الثقافة العربية والأجنبية، ومشروعه في الشعر الجاهلي والفتنة الكبرى والإسلاميات التي كتبها مؤسس على فكرة الشك "الديكارتي"، وبالتالي تستطيع أن تصل طه حسين بديكارت بشكل طبيعي جدا، أما عن المرحلة الثانية ففي الحقيقة لا أنظر بتقدير إلى الخمسين سنة التي أعقبت ثورة يوليو فكريا، وأرى أن هذا الافتتان بالغرب مصدره الإنقطاع عن التراث العربي النقدي والانبهار بالرطانة الجديدة.
- الثقة في القراء
- إذا كان صحيحا أن الكتب الجيدة تكتب ناقصة ويكملها القارئ، هل تثق في قراء اليوم؟
- بالطبع أثق في القارئ لكن القراء شرائح ودرجات، فعلى سبيل المثال سبق أنا قرأت على فترات مختلفة أكثر من مرة رواية "الحرافيش" حتى أتتبع خيطا واحدا، ووصلت في قراءة ثالثة إلى أثر الأسلوب التوراتي على لغة الرواية، إذن فالقارئ ليس فردا معرفا بالألف واللام فكل قارئ يأخذ من الكتاب بقدر معرفته وحالته الشعورية.
فعلى سبيل المثال السينما قرأت نجيب محفوظ كما يقرأه القارئ الساذج، قرأت السطح، قرأت الحركة والصراع في الحارة، أما القارئ الحساس فسيجد أن مشروع نجيب محفوظ هو خط متصل واحد، من خلال عدد من الأسئلة المركزية حول الميتافيزيقا وحول وجود أوعدم وجود الإله، حول الحق والقوة، لذلك أنا أثق في القارئ الحساس الذي يلتقي مع حكمة الرواية الأساسية، وحكمة الرواية بالنسبة لي هي الحكمة التي ينتجها ويفرزها البناء كما لدى نجيب محفوظ، فالحكاية وليدة تركيب اللغة وترتيب الأحداث والشخصيات.
وكما انتظرت على نفسي لأفهم نجيب محفوظ انتظر على القارئ ليفهم من قراءة ثانية، لذلك أظن أن الكتب التي تستحق الوجود في المكتبة هي الكتب ذات العمق التي تستحق إعادة القراءة مرة ومرتين وفي كل مرة تنمو، فالكاتب سيء الحظ لأنه يضع وعيه لحظة الكتابة أما القارئ فأكثر حرية من الكاتب لأنه قد يصل في كل مرة لوعيا مختلفا.
- قلت أكثر من مرة إن مزاج القارئ غير مضمون، ألا يتعارض ذلك مع ظاهرة "البيست سيلر" التي نراها اليوم؟
- لا تعارض بين مزاج القارئ وظاهرة "البيست سيلر"، ذكرت تلك الجملة في معرض الحديث عن احترام الكاتب لحساسيته ولفكرة المقادير، الكتابة فن يشبه الطبخ، فكما يجب أن تتناسب عناصر "الطبخة" يجب أيضا أن تتناسب عناصر الرواية، لذا كنت أقول أنني لا يجب أن أسير وراء الكاتب غير المضمون وإنما وراء حساسيتي ككاتب.
أما عن ظاهرة "البيست سيلر" فلست ضدها وهي أحد مظاهر حيوية أي ثقافة لأنها طبق المقبلات الذي يأخذ بيد عدد كبير من الناس إلى القراءة، بعضهم لا تنمو ذائقته ويظل يقرأ الكتب نفسها، لكن من الضروري وجود هذه الكتابة الخفيفة لأن بعض قراءها يتجهون إلى قراءة الأدب الأكثر عمقا، المشكلة عربية لأن النص لم يعد يقود، نحن في مرحلة تقلصت فيها سلطة النخبة لصالح ديمقراطية المجموع، وهذا هو الخطر الذي تتعرض له الثقافة العربية الأن، الخلط يحدث لأن كاتب البيست سيلر يقول إن هذه هي الكتابة ومن يوزع أقل غيور وحاقد، لكنهما نوعين من الكتابة يجب ألا يختلطا وألا ينفي نوع وجود نوعا أخر.
- المثقفون هم من قوضوا سلطة المثقف مجتمعيا
- بمناسبة الانتقال من ديكتاتورية النخبة لديكتاتورية المجموع، هل ساهم المثقف المصري دون قصد بتهميش دوره في المجتمع.. سواء بسلبية المشاركة الاجتماعية أو السياسية أو بانشغاله بقضايا لا تشغل عامة الناس؟
- مؤكد، لأن من قوض سلطة المثقف هو المثقف نفسه، حين حصر نفسه في قضايا وملفات محدودة جدا، فلن تجد تأثير المثقف في القضايا الحياتية خارج فكرة الكتابة والقراءة والتصدي للإرهاب، يتحدث المثقف في ملفات محددة وآمنه لا تخلق إشكالات مع السلطة.
حتى ملف الإرهاب أخفقت الثقافة في مواجهته لأن الطرف الأخر متغلغل أكثر في المجتمع، ويستطيع أن يعيد تحوير مقولات المثقفين ويضعها في خانة الكفر والتضاد مع المجتمع، في حين لو وجدت هذا الكاتب الذي يكتب ضد الإرهاب يقف مع المواطنين في قضاياهم البسيطة مثل قضية سماد أو قضية مياة لا تصل إلى منطقة ما في الدلتا وهكذا فستكون صلته القوية بالمجتمع دليلا على كذب هؤلاء المتطرفين.
- طالما تحدثنا عن المثقف والإرهاب، كتبت مبكرا جدا عن استحكام الفكر الديني، فما الدور الذي يمكن أن يقوم به المثقف لتجديد الخطاب الثقافي لا الديني؟
- الدين يجب ألا يكون خطابا للعامة كي نجدده، لكن يجب أن ندافع عن أشياء أخرى مثل حق الحياد في الشارع، ومن هو المنوط بالتجديد؟ هذا السؤال كبير، الأصح هو أن تفرض القانون فلا يذيع "التاكسي" حديثا متطرفا، وأن يقوم كل فرد بعمله، من يريد أن يعظ فليذهب للمسجد وكذلك من يريد أن يسمعه عليه أن يذهب، فالمجتمع متنوع ولا يجب فرض الرقابة عليه خصوصا أن به أكثر من دين.
أما عن دور المثقف فيتلخص في إحساسه بالناس، على سبيل المثال في كتابي "العار بين ضفتين" تناولت ظاهرة مراكب الموت بطريقة تختلف تماما عن التناول السطحى وتحدثت عن التناقض والتنافس الاجتماعي في القرى الذي جعل الفقراء يلجأون للسفر، فلا أكتفي بإدانة الأخرين وإنما أحاول أيضا أن أقوم بدوري في المجتمع، فعلى سبيل المثال أظن أنني أفهم في الزراعة أكثر من الأدب.
- إلى أي مدى أثرت الصحافة سلبا وإيجابا على مشروعك الأدبي؟
- إلى حد كبير أعتبر أن تأثير الصحافة على مشروعي الأدبي كان إيجابيا، فالصحافة بشكل عام تؤذي مشروعك الأدبي إذا نسيت نفسك فيها وقد حدث لي ذلك النسيان في البداية، فما بين كتابي الأول والثاني مرت خمس سنوات وعاهدت نفسي على ألا يحدث ذلك مرة أخرى.
الصحافة أيضا تخلق نوعا من الرضى اللحظي خصوصا أنني بدأت الكتابة الصحفية في جرائد توزع مليون نسخة مثل الأخبار، فيمكن للصحافة أن تسرقك وتجعلك تستكين لأسمك المطبوع ولكن الصحافة وظيفة مهمة تأثيرها سريع الزوال، لكنني تعلمت منها الرغبة في الوضوح، والرغبة في الاختصار، ومحاولة تلاشي ما تحتاجه الصحافة من الكتابة القريبة للسطحية وقد حاولت أن أتلاشاها في مشروعي الأدبي.
- في كتاب "الأيك" تتحدث عن عدم ملائمة غرفة الفندق للحب، وبعد عامين فقط كتبت رواية بعنوان "غرفة ترى النيل"، وعدت بعد ستة عشر عاما وكتبت "غرفة المسافرين"، عزت القمحاوي عن أي غرفة يبحث؟ وهل عثر عليها؟
- الكاتب الصحفي سيد محمود هو من لفت نظري لفكرة الأماكن المغلقة، الغرفة عندي مجازا للبيت وكلاهما مجازا للأمان بطريقة أو بأخرى، بالنسبة لغرفة الفندق أنا لا أحب الفنادق لأنها أماكن عبور، ولا يوجد تناقض بين عدم حبي لغرفة الفندق وبين حبي للسفر.
غرفة الفندق أراها سجنا محسنا أو "سجن درجة أولى" خصوصا عندما تطول المدة، أما في "غرفة المسافرين" فالغرفة جزءا من حالة السفر، باعتبارها حالة خفة وخروج عن المألوف، والسفر حتى لو كان محبطا فهو على الأقل يؤدي خدمة أنه يعيد مصالحتنا على أماكننا الأصلية، بعد فترة من السفر يعود الفرد متصالح مع موطنه الأصلي، مشتاقا لعاداته، مذاق قهوته الخاصة، طعم الشاي بالمنزل يختلف، دعو لفكرة التمثيل في السفر بمعنى الابتهاج الدائم وعيش فترة ما مقطوعة من روتين الحياة اليومية.
- أو بمعنى أخر هل تشعر بالغربة؟
- إحساس الغربة بالنسبة لي إحساس ملازم ودائما هناك نوع من التفكير في الناقص أو غير الموجود، اكتمل في الوحدة، وأعيش فيها أفضل حالاتي، الغربة حالة شعورية وفي نفس الوقت حالة ذهنية، وراء الوحدة تجد الوعي، وتجد ما تأمله، وبرغم حبي الشديد للسفر إلا أن الغياب الطويل عن مصر يؤلمني، تضيق الرصيف يشعرني بالغربة، اختلاف فكرة الشارع عن الطريق، لا أحب المولات وأفضل عليها محال المدينة المفتوحة على الشارع برغم أنني لست من هواة التسوق لكنني أفضل حالة الحياة العادية في الهواء الطلق، فالمبنى ذو الشرفة مثلا هو المبنى المفضل بالنسبة لي.
- في أكثر من رواية لك شعرت أنه لا يمكنني التعاطف مع البطل بالمطلق أو كراهيته بالمطلق فهل تتعمد ذلك؟
- سأعتبر ذلك مديحا، فليس مطلوب من القارئ أن يحب البطل أو يكرهه وإنما يحب الرواية أو يكرهها، فالإنسان مركب جدا وداخله طاقات غير محدودة من الخير والشر، و طوال الوقت يتأرجح بين هوتين، فعلى سبيل المثال في رواية "الأبله" الكلام طوال الوقت يقترب من السيد المسيح وطيبة غير عادية ولكن كل اقترب منه انتهى إلى الأذى، فإلإنسان لا يعرف الحدود القسوى فلا يعرف الخير المطلق ولا الشر المطلق.
- صورة المثقف في أفلام السينما الجماهيرية صورة سيئة جدا
- إذا نظرنا للبرامج التليفزيونية الثقافية الآن سنجدها قليلة للغاية فهل أصبح الإعلام معاديا للثقافة؟ أو بمعنى أخر إلى أي مدى يؤثر الإعلام سلبا وإيجابا على الثقافة المصرية؟
- ليس في الإعلام فقط، فصورة المثقف في أفلام السينما الجماهيرية صورة سيئة جدا، فالإعلام في إجماله وباستثناء ثغرات بسيطة لا يكترث للثقافة، والأغرب أنه في إجماله أيضا لا يكترث للمهنة نفسها، فلا يمكن أن أطلب من الإعلام الإخلاص للثقافة وهو لا يخلص لمهنة الإعلام نفسها.
ففكرة "التوك شو" أو "وان مان شو" السائدة الآن ليست من الإعلام في شيء، لكنها أقل أنواع الإعلام تكلفة لأنه مهما تقاضى الإعلامي الواحد فهو قليل بالنسبة لإنتاج برنامج أخرى، لكن لو كانت هناك إرادة لدعم الثقافة فهناك طرق أخرى أقل تكلفة منها شراء الوثائقيات والأفلام الثقافية ودعم البرامج الثقافية التي يمكن أن تغيير من معدلات القراءة ولو ببرنامج لا يتعدى الخمس دقائق.
- منذ عدة عقود وثقافة الكتاب تتراجع أمام الثقافة السمعية والبصرية فهل تراه انتقالا من ثقافة العقل إلى ثقافة العين والأذن؟
- اختلف معك، لأنني أرى الثقافة السمعية والبصرية هي متغير جديد، لكن لو نظرنا إلى معدلات القراءة سنجدها أيضا في زيادة، أؤمن بتجاور الوسائل الثقافية بمعنى أن موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الآن حمل دور الترويج للكتاب بدلا من الصحافة المقروءة، صحيح أن عدد كبير من الناس يهلك وقتا طويلا في هذه الوسائل، لكن الوسائل نفسها مكنت أخرين من الوصول إلى الكتب، فمعدلات القراءة الآن أفضل بكثير من معدلات القراءة في تسعينيات القرن العشرين.
- التطرف الثقافي أو النقدي هل هو ابن البيئة المصرية والضغوط التي تعيشها أم هو ظاهرة إنسانية عامة؟ ولماذا برأيك لم نتخلص حتى الآن من ثقافة عدم قبول الاختلاف؟
- كل الظواهر الإنسانية أصلها سياسي اجتماعي، فعلى سبيل المثال نمت ظاهرة اليمين في أوروبا لأن النخبة لا تقدم جديدا والمواطن الأوروبي لا يعي عدوه بدقه، فبدلا من أن يوجه نقده للرأسمالية الاقتصادية المتوحشة نمى اليمين، لنصل لطفوف بسيطة بين اليمين واليسار.
وبالتالي أرى أن عدم قبول الاختلاف وحتى قضية التحرش هي قضايا سياسية اجتماعية، فلا يوجد ما يسمى بالبيئة وإنما توجد إدارة سياسية وحيوية اجتماعية، فأي بيئة قابلة لأن تكون متسامحة وقادرة على أن ترفض الأخر، وبالتالي احترام الحدود ووضع قواعد السلوك القانونية هو ما يمكن أن يحد من ظاهرة رفض الآخر، أعول على أن الأخلاق وكذلك الوعي الثقافي ينشأن بقانون وبطول استقرار القانون يتحول لسلوك.
- الوزير إداري وسياسي وليس ممثلا للمثقفين
- وزير الثقافة.. كيف يجب أن يكون؟ هل هو أهم المثقفين أم أفضل إداري أم ماذا؟ بمعنى أخر ما هي مواصفاته لكي يكون نموذجا يمثل المثقفين؟
- وزير الثقافة يجب ألا يمثل المثقفين، والمثقف يجب طوال الوقت أن يكون مستقلا، وزير الثقافة شأن كل وزير يجب أن يكون سياسيا بامتياز، لديه الوعي الثقافي والاجتماعي ليمثل مصالح مستهلك الثقافة وليس منتجها، ففي ظني الوزير إداري وسياسي.
- أنت واحد من مثقفي مصر الفاعلين على الساحة الثقافية محليا وعربيا.. ماذا لو وضعت ورقة عمل موجزة لاستراتيجية ثقافية للمرحلة المقبلة؟ أو ماذا تفعل لو كلفت بالعمل وزيرا للثقافة؟
- أي استراتيجية ثقافية سيضعها وزير ثقافة ستكون استراتيجية مرحلية لا تغني عن جودة التعليم، لأني أؤمن تماما بالمساواة بين كلمة ثقافة وتعليم وهي سنة حسنة استنها عميد الأدب العربي دكتور طه حسين عندما كتب "مستقبل الثقافة في مصر" وكانت بمثابة خريطة عمل للتعليم.
فلا يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه في ملف الثقافة بعيدا عن ملف التعليم، أما ما يمكن إنجازه في ملف الثقافة فيجب ألا تنشغل الوزارة بدعم الإنتاج الثقافي فقط وإنما بدعم المنتجين الثقافيين، واقترحت ذات مرة على الدكتور أنور مغيث أن يتقدم من خلال الوزير لمجلس الوزراء كي يصبح المركز القومي للترجمة جهة تفكير فيما تحتاجه مصر من الترجمة، ويذكي الكتب ويطرحها على ناشرين القطاع الخاص وكل كتاب يجد ناشرا يقوم المركز بدعمه من خلال دفع حقوق المؤلف والمترجم وتترك الكتاب لحيوية القطاع الخاص كي يقوم بنشره.
كذلك يجب إعادة النظر في تضارب اختصاصات الهيئات الثقافية وأن يعيد الحياة لقصور الثقافة بمكتبتها ومسارحها، ويمكن التخلى عنها لصالح المجتمع المحلي لتصبح قصور الثقافة تابعه لبلديات المحافظات وتدار من خلالها.