«قومى يا كتكوتة يا شاطرة» كيف جسد محمد فوزى شخصية «المسحراتى»؟
قام مجموعة من الفنانين بتقديم دور المسحراتي بأسلوب فني مميز، وبدأ الفنان شكوكو هذا الأمر عندما ظهر كشخصية "المسحراتي" في عام 1961 على شاشة التلفزيون.
وظهر أكثر من فنان بعد "شكوكو" في دور "المسحراتي" مثل إسماعيل ياسين وسيد زيان وآخرون، منهم أيضًا الفنان محمد فوزي في الستينات.
"فوزي المسحراتي"
قدم النجم الراحل محمد فوزي دور "المسحراتي" في شهر رمضان في الستينات عبر الإذاعة في برنامج غنائي اسمه "مسحراتي في شارع النجوم".
وكان "فوزي" يذهب لبيوت الفنانين من أجل إيقاظهم لتناول وجبة السحور وهو يقوم بالضرب على الطبل بشكل جميل.
وقام بتخصيص فقرات غنائية لعدد من الفنانين منهم مارلين مونرو السينما المصرية هند رستم، والعندليب عبد الحليم حافظ وكوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب والسندريلا سعاد حسني.
وفي حلقة من حلقاته وقف على باب السندريلا من أجل إيقاظها للسحور وقال: "قومي يا كتكوتة يا شاطرة واتسحري معانا، ولو إني عارفك فاطرة يانا دمك خفك وبيأسرني، والنظرات منك تسحرني وأنا تفطرني النظرات، واسرح وعقلي يحيرني ويقولي في كل الأوقات، دي تحفة ولا سعاد حسني، اصحى يا نايم".
كان للفنان الراحل محمد فوزي طقوسًا مميزة وخاصة في شهر رمضان، حيث كان يقيم سهرات رمضانية في منزله تضم الكثير من زملائه من الفنانين والموسيقيين ومؤلفي الأغاني لتناول السحور.
وكان فوزي من أوائل الفنانين الذين جسدوا شخصية المسحراتي في شهر الصيام بالإذاعة عام 1955، حيث كان يتغنى بكلمات رقيقة أثناء تجوله فى شارع الفن ليوقظ أصدقائه الفنانين قائلًا: "يا عباد الله وحدوا الله.. أدى وقت الاستغفار والطلب من الله".
وفي حوار سابق له، قال: "أنا أحب التجديد في كل شئ، فمثلا بمناسبة شهر رمضان غنيت كمسحراتي ونجحت الفكرة، ثم غنيت أغنية دينية فيها ابتهالات وهي أغنية لبيك لا شريك لك لبيك ونجحت".
كما يعد محمد فوزي صاحب أشهر أغاني رمضان والتي تم اختيارها الأغنية الرسمية لهذا الشهر، وهي أغنية "هاتوا الفوانيس يا ولاد"، وهي أول أغنية قدمت في الإذاعة المصرية.
وسجل محمد فوزى هذه الأغنية مع عدد من الأطفال لتشجيعهم على الصيام، ولم يتقاض أجرًا مقابل الغناء والتلحين وقرر إهدائها للإذاعة، وتقول كلماتها: "هاتوا الفوانيس يا ولاد، هنزف عريس يا ولاد".
المشهد الأخير
كتب فوزي رسالة أخيرة قبل وفاته بساعات قليلة، أوحى فيها بقرب نهايته وشكى من المرض الحاد الذي يتعرض له، وآلامه التي تتزايد من حين لآخر، وحالته السيئة التي فقد فيها وزنه بشكل مؤلم.
وقال الفنان الراحل في رسالته: "منذ أكثر من سنة تقريبًا وأنا أشكو من ألم حاد في جسمي لا أعرف سببه، بعض الأطباء يقولون إنه روماتيزم، والبعض يقول إنه نتيجة عملية الحالب التي أجريت لي، كل هذا يحدث والألم يزداد شيئًا فشيئًا، وبدأ النوم يطير من عيني، واحتار الأطباء في تشخيص هذا المرض، وأنا أحاول إخفاء آلامي عن الأصدقاء إلى أن استبد بي المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزني ينقص، وفقدت فعلًا حوالي 12 كيلو جرامًا، وانسدت نفسي عن الأكل حتى الحقن المسكنة التي كنت أُحْقَن بها لتخفيف الألم بدأ جسمى يأخذ عليها وأصبحت لا تؤثر فيّ، وبدأ الأهل والأصدقاء يشعرونني بآلامي وضعفى، وأنا حاسس أني أذوب كالشمعة".
وتنبأ بقرب موته في رسالته، كما أبدى رضاه عن دوره تجاه بلده:"إن الموت علينا حق، إذا لم نمت اليوم سنموت غدًا، وأحمد الله أنني مؤمن بربي، فلا أخاف الموت الذي قد يريحني من هذه الآلام التي أعانيها، فقد أديت واجبي نحو بلدي، وكنت أتمنى أن أؤدي الكثير، لكن إرادة الله فوق كل إرادة، والأعمار بيد الله، لن يطيبها الطب ولكني لجأت إلى العلاج حتى لا أكون مقصرًا في حق نفسي وفي حق مستقبل أولادي الذين لا يزالون يطلبون العلم في القاهرة، تحياتي إلى كل إنسان أحبني ورفع يده إلى السما من أجلي.. تحياتي لكل طفل أسعدته ألحاني.. تحياتي لبلدي.. أخيرًا تحياتي لأولادي وأسرتي".
واختتم الرسالة: "لا أريد أن أُدفن اليوم، أريد أن تكون جنازتي غدًا الساعة 11 صباحًا من ميدان التحرير، فأنا أريد أن أُدفن يوم الجمعة"، لكن الموت لم يمهله وقتًا آخر ليتوفى في اليوم نفسه الذي كتب فيه رسالته، وهو يوم الخميس الموافق 20 أكتوبر 1966، عن عمر ناهز الـ48 عامًا.