السفير الأرجنتينى بالقاهرة: وفد تجارى يزور مصر للاستثمار فى صناعة السيارات (حوار)
قال إدواردو فاريلا، سفير الأرجنتين فى القاهرة، إن هناك وفدًا تجاريًا من بلاده يستعد لزيارة مصر فى النصف الثانى من ٢٠٢١، إذا كانت القيود الصحية فى كلا البلدين تسمح بذلك، مشيرًا إلى أن صناعة السيارات والبنية التحتية لقطاع الزراعة أهم الملفات الاستثمارية على أجندة الوفد.
وأضاف «فاريلا»، فى حواره مع «الدستور»، أن هناك مشروعات عديدة يتم التجهيز لها مع مصر، حيث تنسق بلاده مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لتوقيع اتفاقية بين الوكالات الصحية لكلا البلدين، من أجل السماح باعتماد المسالخ الأرجنتينية لتتمكن من تصدير اللحوم إلى مصر.
وكشف عن أنه بعد انتهاء شهر رمضان، ستطلق السفارة حملة أسبوع الأدب الأمريكى اللاتينى، بالتعاون مع مكتبة «ديوان»، بهدف إطلاع القارئ المصرى أكثر على الإبداع الأرجنتينى، ليس فقط للكتّاب الكلاسيكيين بل للمعاصرين أيضًا، من أجل زيادة الربط الثقافى بين البلدين.
■ بداية.. ماذا عن أوجه التعاون بين البلدين فى الوقت الحاضر؟
- أعتقد أن هناك الكثير من الفرص للاستثمار والتعاون، فاقتصاداتنا متكاملة فى العديد من المجالات، ونحن بالفعل شركاء تجاريون أقوياء للغاية، وفى السنوات القليلة الماضية تم تعزيز هذه العلاقة من خلال اتفاقية التجارة الحرة بين السوق المشتركة الجنوبية «ميركوسور»، التى تضم الأرجنتين والبرازيل وأوروجواى وباراجواى مع مصر.
ووفقًا للأرقام الأخيرة التى لدينا، تضاعفت الصادرات المصرية إلى كتلة السوق المشتركة لبلدان أمريكا اللاتينية ٣ مرات منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ.
ومن حيث الاستثمارات، لدينا تاريخ طويل من التعاون، وشركة «INVAP» الأرجنتينية أسهمت فى بناء مفاعل نووى فى مركز البحوث النووية فى أنشاص، على بعد ٦٠ كيلومترًا شمال شرق القاهرة، عام ١٩٩٢، الذى تمتلكه وتديره هيئة الطاقة الذرية المصرية «EAEA».
وأعتقد أنه يتعين علينا مواصلة العمل معًا لنكشف لمجتمعات الأعمال لدينا عن الفرص الموجودة فى البلدين، نحن نعلم أن مصر قوية جدًا فى الاستثمار فى صناعة النفط والغاز، والأرجنتين أيضًا لاعب مهم فى هذا القطاع.
وتعد الأرجنتين منتجًا ضخمًا للغذاء، ومع زيادة عدد سكان مصر ستكون هناك حاجة إلى المزيد من الغذاء، وستصبح الاستثمارات فى هذه القطاعات ذات أهمية متزايدة.
■ كيف ترى الأوضاع الاقتصادية فى مصر حاليًا؟
- الاقتصاد المصرى قوى ومرن منذ إصلاحات عام ٢٠١٦، وتم احتواء التضخم وهناك استقرار للعملة، وهى الظروف التى وضعت البلاد فى مسار نمو مستدام.
ومع ذلك، فقد تأثر الوضع الاقتصادى فى مصر بشكل كبير بالوباء، كما هو الحال فى جميع البلدان، وتأثر النمو المتوقع للناتج المحلى الإجمالى فى مصر، ومع ذلك تعد مصر واحدة من الدول القليلة فى العالم التى سجلت بالفعل نموًا فى الناتج المحلى الإجمالى خلال عام ٢٠٢٠، رغم أنها كانت واحدة من أصعب السنوات التى مرت على ذاكرة العالم كله، وهذا يدل على أنه حتى فى ظل هذه الظروف الصعبة كان أداء الاقتصاد المصرى جيدًا نسبيًا.
وربما كان أحد القطاعات الرئيسية للاقتصاد، وهو السياحة، قد تأثر، لكننى أود أن أسلط الضوء على جهود وزارة الآثار والسياحة المصرية لوضع بروتوكولات فى الفنادق والشواطئ والمعابد وغيرها للسماح للقطاع بالعودة إلى الحالة الطبيعية فى أسرع وقت ممكن.
■ هل هناك وفود تجارية أرجنتينية ستزور مصر فى المستقبل القريب؟.. وما أهم المشروعات التى نفذتموها هنا؟
- نتطلع إلى أن ينتهى الوباء ويتم تخفيف قيود السفر نهائيًا، حينها سيصبح السفر ممكنًا مرة أخرى، وهناك مشروع لزيارة وفد تجارى مصر فى النصف الثانى من عام ٢٠٢١، إذا كانت القيود الصحية فى كلا البلدين تسمح بذلك.
وستكون صناعة السيارات، وكذلك البنية التحتية لقطاع الزراعة، أهم الملفات الاستثمارية على أجندة الوفد المرتقب، حيث تعمل مصر حاليًا على تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى، وهناك الكثير من الإمكانيات لدى رجال الأعمال للعمل معًا.
وبالنظر إلى المشاريع التى نعمل فيها معًا، يمكننى أن أذكر فتح سوق البرتقال المصرى أمام الأرجنتين، وهو أمر مهم للغاية، ونحن نعمل عن كثب مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لتوقيع اتفاقية بين وكالاتنا الصحية، للسماح باعتماد المسالخ الأرجنتينية لتتمكن من تصدير اللحوم إلى مصر.
■ ماذا عن آفاق التعاون الثقافى والسياحى؟
- أعتقد أن هذا سؤال مثير للاهتمام، ويمكننى التحدث فيه لساعات، لكننى سأحاول أن أكون موجزًا.
تتمتع الأرجنتين ومصر بتاريخ قوى للغاية من حيث التعاون الثقافى، وأستطيع أن أقول إن الأرجنتينيين متحمسون لدراسة علم المصريات، وعلى مر السنين كان لدينا العديد من البعثات الأثرية فى مصر، وحتى فى ظل الوباء واصل الأرجنتينيون العمل فى هذا المجال، ويعد خوان فريدريكس وفيوليتا بيريرا من المتخصصين لدينا الذين عملوا فى مصر فى السنوات الماضية.
ومن حيث السياحة، زار نحو ١٢ ألف أرجنتينى مصر فى عام ٢٠١٩، وكانت مصر فى المرتبة الثانية بعد إسبانيا كوجهة سياحية للأرجنتينيين، وهم يبحثون ليس فقط عن زيارة الأقصر وأسوان أو الرحلات النيلية، ولكن أيضًا يأتون إلى مصر بحثًا عن الشواطئ الجميلة، سواء فى البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط.
وفى كل عام، نرحب بالكثير من المصريين الذين يسافرون إلى الأرجنتين لاستكشاف عجائبها الطبيعية، فضلًا عن مدنها المزدهرة، ومنها بوينس آيرس التى تعد عاصمة «التانجو» العالمية التى يعرفها العالم كرقصة مشهورة للغاية، كما أنها تحظى بشعبية كبيرة فى مصر، ويوجد العديد من مدارس التانجو فى مصر، وغالبًا ما نعمل معها وندعمها فى تنظيم ورش العمل.
كما تحظى الأفلام الأرجنتينية بشعبية كبيرة بين المصريين، ففى السنوات القليلة الماضية شاركنا بعدة أفلام أرجنتينية فى مهرجان القاهرة السينمائى، ونأمل ألا يكون هذا العام استثناءً.
وفيما يتعلق بالأدب، تمت ترجمة العديد منه من المؤلفين الأرجنتينيين إلى اللغة العربية، ليس فقط الكلاسيكيين مثل خورخى لويس بورخيس وجوليو كورتازار، ولكن أيضًا لأدباء معاصرين.
وبعد نهاية شهر رمضان، سنروج مع مكتبة «ديوان» لأسبوع الأدب الأمريكى اللاتينى، حيث ستكون فرصة رائعة، ليس فقط لعرض الأدب الأرجنتينى، ولكن أيضًا لإظهار الأدب الأمريكى اللاتينى بشكل عام.
وسنستضيف هذا العام النسخة الرابعة من كأس السفارة الأرجنتينية للبولو، ولعبة البولو رياضة مشهورة جدًا فى الأرجنتين، وبدعم من الاتحاد المصرى للبولو وأكاديمية كينجز بولو ومحمد السويدى، سنشارك مع أصدقائنا المصريين ومحبى لعبة البولو فى حدث رياضى على مستوى عالٍ.
■ هل تتوقع زيارات دبلوماسية وسياسية رفيعة المستوى للمسئولين الأرجنتينيين إلى مصر فى ٢٠٢١؟
- نعم، والعمل لم يتوقف بسبب الجائحة، كما هو الحال بالنسبة للجميع، لكن واصلنا العمل معًا والاجتماع عدة مرات من خلال الفيديو كونفرانس، وسنواصل القيام بذلك حتى يتحسن الوضع.
وفى الأشهر القليلة المقبلة، نتطلع إلى استضافة الاجتماع الثانى للجنة المشتركة لاتفاقية التجارة الحرة بين ميركوسور ومصر، حيث تتولى الأرجنتين حاليًا رئاسة السوق المشتركة الجنوبية مؤقتًا، ومن المحتمل جدًا أن يحدث هذا أيضًا افتراضيًا، ومع ذلك، بحلول نهاية العام، إذا كان وضع الوباء أفضل مع بدء عملية التطعيم، نتوقع أن يكون لدينا وفد تجارى، كما ذكرت من قبل، برئاسة مسئول رفيع المستوى من بلادنا.
■ ماذا عن التعاون الثنائى على مستوى المنظمات الدولية؟
- تشترك مصر والأرجنتين فى قيم مشتركة ووجهات نظر متشابهة حول العالم، وبناءً عليه نعمل وننشئ أوجه تعاون فى المنظمات الدولية، حيث إن المستقبل معقد، والتعاون الدولى هو مفتاح معالجة المشاكل.
وفى العام الماضى، عانينا أكثر من أى وقت مضى من انتشار المشكلات على الصعيد العالمى، ولقد علمتنا جائحة كورونا أنه من أجل التغلب على الأزمة تحتاج البلدان إلى العمل معًا.
لقد دعمت بلداننا فى هذا الصدد دور منظمات الصحة العالمية، وكلا البلدين جزء من مبادرة كوفاكس COVAX لضمان توفير اللقاحات بشكل متساوٍ لجميع الدول.
وتم مؤخرًا انتخاب السفير رافائيل جروسى مديرًا عامًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونحن ممتنون جدًا للدعم المصرى فى هذه المنظمة.
ونحن نقدر ونشكر الدعم الذى قدمته مصر تاريخيًا للأرجنتين فى القضية الحساسة للغاية بالنسبة لنا والمتعلقة بالصراع على السيادة على جزر مالفيناس «جزر فوكلاند».
■ كيف ترى الأرجنتين دور القاهرة فى تجديد الخطاب الدينى بالمنطقة؟
- لطالما لعبت مصر دورًا رئيسيًا فى الخطاب الدينى، ليس فقط للإسلام ولكن أيضًا للمسيحية واليهودية، ويعتبر الحوار بين الأديان اليوم أمرًا محوريًا للاستقرار السياسى العالمى، كما سبق والتقى البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وزار البابا فرنسيس مصر عام ٢٠١٨.
إن الأخوة الإنسانية هى رسالة سلام للبشرية جمعاء، وضرورية لتوطيد الأخوة والتعاون، لإنهاء الحروب ونشر التسامح ورفض الكراهية، ولا عجب عندما يسمى البابا فرنسيس والشيخ أحمد الطيب بعضهما البعض بـ«الأخ العزيز»، لأن الأخوة بين الأديان تتحقق ويتم التعامل مع التحديات المشتركة بشكل أفضل، وسيكون لمصر دائمًا دور رئيسى فى هذا الأمر.
■ ماذا عن دور مصر فى مكافحة الإرهاب وحل الأزمات الإقليمية والهجرة غير الشرعية؟
- تدين الأرجنتين الأعمال الإرهابية بجميع أشكالها، لأنها لا تشكل فقط تهديدًا للسلام والأمن؛ لكنها تشكل أيضًا تهديدًا لكرامة الإنسان، والاستقرار، والديمقراطية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأمم.
وأعتقد أن مصر والأرجنتين تشتركان فى نفس القيم، وقد بذلت الحكومة المصرية بالفعل الكثير من الجهود للحفاظ على الاستقرار فى المنطقة، وسنواصل العمل مع نظيرتنا المصرية للقضاء على الإرهاب والعنف، وتحديدًا فى إطار المنظمات الدولية.
وبالنسبة للأوضاع الأمنية فى مصر، أرى أنها إيجابية للغاية، كما أرى الكثير من الجهد والنتائج الجيدة للغاية فى الحفاظ على الأمن فى جميع أنحاء البلاد، وعلى الرغم من كل التحديات القادمة من مصادر مختلفة، أجد أن مصر بلد آمن للغاية.
■ ما الأماكن المفضلة لديك والطعام؟.. وكيف تقضى أنت وعائلتك وقتك هنا؟
- فى مايو المقبل سأكمل ٤ سنوات فى مصر فى منصبى سفيرًا للأرجنتين، وخلال تلك السنوات كان لدى الكثير من الأماكن المفضلة فى مصر، ولكن أحب القاهرة، خاصة الزمالك، وأحب الفيوم والإسكندرية وشواطئ البحر الأحمر.
وأحب جدًا وجبات الكشرى، والفول والطعمية، وبالطبع أحب كرة القدم، إنه شغف نشاركه كأرجنتينيين مع المصريين، ففى بلدى أنا من محبى ريفر بليت «أحد الفريقين الكبيرين هناك، والآخر هو بوكا جونيورز، وتنافسهما مشابه للذى يوجد بين الأهلى والزمالك فى مصر»، وأنا فقط أستمتع بكرة القدم وباللعب الجيد.
وأقضى وقتى فى مصر فى السفر فى جميع أنحاء البلاد، ومقابلة الأصدقاء، والذهاب إلى الأوبرا، ومحاولة معرفة المزيد عن هذا البلد الرائع وتاريخه وثقافته كل يوم.
■ كيف تتعامل الأرجنتين مع جائحة فيروس كورونا المستجد.. وكيف تؤثر على الاقتصاد.. ومتى ستتعافى البلاد من هذه الآثار؟
- أمريكا اللاتينية واحدة من أكثر المناطق تضررًا من جائحة فيروس كورونا، وأدى الوباء إلى وضع اقتصادى معقد بالفعل. ورد فعلنا الأول فى الأرجنتين كان محاولة تسوية منحنى ومعدل الإصابات، حتى يتسنى مع مرور الوقت تكييف نظامنا الصحى مع تحدى وباء غير معروف، وقد قدم القطاع الصحى فى الأرجنتين تضحيات كثيرة من أجل تقليل عدد المصابين بالفيروس، خاصة الخسائر فى الأرواح، والآن يمكننا القول إن هذا الهدف قد تحقق. من ناحية أخرى، نفهم أن هذا الوباء كان بمثابة اختبار للتعاون الدولى، وداخليًا، أكدنا دائمًا أنه فى هذه الحالة لن يُنقذ أحد بمفرده ونطبق هذا المبدأ على العلاقات الدولية، ولهذا فإن أحد الجوانب الرئيسية فى هذا الصدد هو الوصول العالمى المتساوى إلى اللقاحات، خاصة بالنسبة للبلدان النامية والأقل نموًا. وهذا العام فى الأرجنتين، نحتفل بذكرى سيزار ميلشتاين، أحد أبرز الكيميائيين لدينا، والحاصل على جائزة نوبل فى الطب عام ١٩٨٤، والذى اعتاد أن يقول: «لن يفى العلم بوعوده إلا عندما يتم تقاسم فوائده بشكل منصف بين فقراء العالم حقًا».
ونتوقع انتعاشًا اقتصاديًا كبيرًا لهذا العام، ويتزامن هذا مع التوقعات التى نشرها صندوق النقد الدولى بنحو ٥.٨٪، وهو أكثر من نصف الانكماش الذى عانى منه العالم فى عام ٢٠٢٠ بسبب الوباء.
■ ما آخر التطورات فى قضية وفاة النجم مارادونا؟
- لسوء الحظ، كان مارادونا رمزًا كبيرًا جدًا بالنسبة لنا بحيث يصعب قبول خسارته، وهذه الخسارة جذبت الكثير من الجدل والاهتمام العالمى بالوفاة وأيضًا فى المجتمع الأرجنتينى.
وعلى الرغم من أننى لست خبيرًا، أعرف أن التحقيقات الرئيسية الآن تدور حول العلاقة بين مارادونا والوفد المرافق له خلال مرضه أكثر مما تدور حول سبب وفاته.
وأعرف أننا سنفتقده إلى الأبد، وكما نحب أن نقول فى الأرجنتين «لن نحكم عليه بما فعله فى حياته، ولكن بما فعله من أجل حياتنا، لقد كان سفيرًا حقيقيًا وممثلًا عالميًا لبلدنا».
لسنوات، تم الاعتراف بالأرجنتين بشكل غير رسمى فى جميع أنحاء العالم بكوننا بلد مارادونا، وفى الوقت الحاضر، الأجيال الجديدة تفعل الشىء نفسه وتصفنا ببلد ميسى.