بعد وفاة مصطفى محرم.. لماذا تعلق الشباب بـ«لن أعيش في جلباب أبي»؟
بجانب أعماله السينمائية، قدم السيناريست مصطفى محرم، والذي توفى اليوم، للتلفزيون عددا من الأعمال الدرامية الخالدة، كان على رأسها مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي"، والذي تناول قصة صعود "عبدالغفور البرعي"، من صبي صغير يعمل لدى "المعلم سردينة" إلى أن أصبح أحد أكبر تجار الخردة.
وعلى الرغم من مرور السنوات على تقديم ذلك العمل الدرامي، إلا أن التفاف الشباب حوله ومشاهدتهم له كلما عرضته إحدى القنوات، وحديثهم الدائم عنه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعلقهم بقصة الحب المصرية الخالصة بين البطل وزوجته "فاطمة كشري" والتي قامت بدورها الفنانة عبلة كامل، أمر ملحوظ واستثنائي لم يحظ به أي عمل درامي آخر. وفي هذا التقرير نرصد سر تعلق الشباب بذلك العمل.
يقول أدهم الضوي، إن مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" يعد درس في العصامية والسعي نحو الهدف، فشخصية "عبدالغفور" ذلك الرجل المكافح لم يصل إلى حلمه إلا بسعيه الدائم وهدفه الذي يعرفه جدا منذ دخوله إلى السوق أول مرة.
وأضاف "الضوي" لـ"الدستور" أن مصطفى محرم برع أيضا في كتابة شخصية "المعلم سردينة" والذي كان بمثابة الأب الروحي والمعلم والموجه، وقدمه عبدالرحمن أبو زهرة بشكل متقن ومقنع جعلنا نتعلق بها ونصدق كل حكمته التي قدمها لعبد الغفور البرعي.
من جانبها ترى إسراء شوقي، أن شخصية "عبدالغفور البرعي" يعد أهم أدوار النجم الراحل نور الشريف التي جسدها على شاشة التلفزيون، مشيرة إلى خصوصية العلاقة التي جمعت بينه وبين زوجته "فاطمة كشري" والتي جسدتها الفنانة عبلة كامل.
وأضافت لـ"الدستور" قائلة "ومن منا لم يقع في غرام فاطمة كشري، التي جسدتها الرائعة عبلة كامل، فتعبيرات وجهها و ردود أفعالها تجاه أبنائها واقعية حتى النخاع، ولم أبالغ إذا قلت إننا نراها في حياتنا بشكل متكرر، المشاهد توحد مع المسلسل وشخوصه".
وتابعت "المسلسل كان قائما على فكرة "الشقي" و"التعب" "العمل والاجتهاد"، ووسط هذه الأفكار غزلت مجموعة من العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تدور جميعها في نفس الإطار".
وأكدت أن "علاقة عبدالغفور البرعي، وفاطمة كشري، ملهمة للكثيرين، هذه الدراما التي بدأت بقصة الحب بين عامل بسيط وبائعة كشري، سرعان ما تحولت إلى زواج وأطفال بالتوازي مع تحول هذا البسيط إلى معلم صغير ثم رجل أعمال كبير لديه ثروة ضخمة، لكن مع التحول الدرامي تجد فاطمة كما هي، الست الحلوة، المحبة، البسيطة، القادرة على احتواء حبيبها مهما بلغ به الغضب وبهما العمر، التي لم يزيدها المال طمعا، الست التي كرثت حياتها لبيتها تستيقظ لتصنع الفطار بيديها رغم قدرتها على جلب خادم، علشان الحاج ما بيستطعمش الاكل إلا من إيديها".
واستطردت: "عبدالغفور هو الآخر، كان زوج مثالي، كان يمتدح كل ما تفعله من أجله، لا يتوقف عن الكلام العذب الذي كان يشعرها بالخجل، كان يراضيها أحيانا".
من جانبه يقول محمود هاشم، إن المسلسل تناول فكرة النجاح بطريقة أكثر واقعية، حيث عبدالغفور البرعي المواطن المكافح، الذي بدأ حياته من تحت الصفر عاملا صغيرا في الوكالة، لينتهي به الحال كأحد أكبر تجارها، رغم ما لاقى من صعوبات في تلك الفترة، من التجار الكبار، وأبرزهم ابن معلمه محمود ابن إبراهيم سردينة، الذين لم يستسيغوا فكرة التعامل معه كتاجر منافس، نظرا لنشأته الفقيرة.
وأضاف لـ"الدستور" أنه "رغم ذلك كان البرعي يستغل كل محنة تواجهه كتحد عليه اجتيازه للوصول إلى هدفه، هذا العمل كان ملهما لكثيرين في للوصول إلى أهدافهم مهما كانت قلة الإمكانيات، ما بات يعرف حاليا بفكرة الـstartup".
أيضا يرى "هاشم" أن قصة الحب بين عبد الغفور البرعي وفاطمة كشري أيضا كانت من العلامات المضيئة في العمل، حيث الفتاة الشابة التي آمنت بحبيبها رغم قلة حيلته، وكانت سندا له حتى أصبح ما أصبح عليه بعدها، ولم تبخل بكل ما تملك رغم قلته في سبيل مساعدته في توسيع حجم تجارته.
واختتم قائلا: "دور فاطمة أيضا في تكريس حياتها في سبيل زوجها وأبنائها، وعلاقة التناغم والإخلاص المتبادل بينها وبين عبدالغفور، وأدائهما التمثيلي الأكثر من رائع، هو ما جعل العمل أحد أهم العلامات المضيئة في تاريخ الدراما المصرية على مدار أجيال حتى الآن، رغم كل ما مر من سنوات على إذاعته".