قبل رحلة الإبداع.. حكاية الحصة الأولى لـ مصطفى محرم مدرس اللغة الإنجليزية
تخرج السيناريست مصطفى محرم الذي رحل عن دنيانا اليوم إثر تعرضه لأزمة صحية في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وبدأ حياته الوظيفية في مدينة الإسماعيلية في المدرسة الثانوية بنين، عندما ذهب "محرم" لتقديم أوراقه في المدرسة لم يصدق السكرتير في أول الأمر أنه مدرس، فذهب محرم لمقابلة الناظر الذي لم يلتفت له في البداية وسأله باستنكار ماذا يريد؟ فأخبره محرم أنه مدرس اللغة الإنجليزية الجديد فنهض الرجل واقفا وصافحه وهو يعتذر مبررا جفاءه بصغر مظهر محرم.
يحكي مصطفى محرم في مذكراته التي كتبها مسلسلة في جريدة القاهرة وتحديدا في 8 يونيو 2002 أنه في أول يوم من أيام الدراسة "في طابور الصباح كان على جميع مدرسي الحصة الأولى أن يتواجدوا في الطابور بحيث يقف كل مدرس أمام طابور فصله، كنت أرتدى بنطلونا ووتر بروف حيث كان هو الموضة في ذلك الوقت وقميصا أسبور بنصف كم وحذاء بنيا فاتحا بلا رباط، سمعت التلاميذ يهمسون من أكون".
البعض كان يظن أن مصطفى محرم مجرد تلميذ منقول من مدرسة أخرى فيما يؤكد أحد التلاميذ أنه مدرس، إذ رآه التلميذ مع سكرتير المدرسة يتسلم الكتب التي سيقوم بتدريسها، حاول محرم أن يخفي ابتسامة خشى أن تتحول إلى ضحك فتقضى على وقاره الذي يحاول التمسك به خصوصا أنه في اليوم الأول له كمدرس، وحدث أن بلى محرم بطلاب القسم العلمي، في فصل أصغر تلامذته في العشرين من عمره.
يصف مصطفى محرم تلاميذ هذا الفصل فيقول "كانت شخصيات مسرحية مدرسة المشاغبين أو الفيلم الأجنبي (لأستاذي مع حبي) الذي قام ببطولته سيدنى بواتييه وفيلم (غابة السبورة السوداء) الذي قام ببطولته جلين فورد هم ملائكة لو قارنتهم بتلاميذ الفصل الذى رزانى به الدهر، فما إن دخلنا الفصل وهم في صمت الحملان وأمسكت بقطعة الطباشير وأدرت لهم ظهري لأكتب على السبورة حتى بدأت أسمع أصوات كل الحيوانات من القط إلى الأسد، وعندما استدرت في استنكار لأرى من يقوم بالأصوات يعود الجميع مرة واحدة إلى صمت الحملان".
ينظر محرم إلى وجوههم لعله يجد في أحد منهم ما يدل على أنه من ارتكب هذه الحماقة فإذا به يجد جميع الوجوه وقد اتسمت بالبراءة والاستكانة فيسيطر على أعصابه ويواصل الكتابة مرة أخرى فإذا به يكتشف من فرط ارتباكه وغيظه أن ما كتبه على السبورة جاء في شكل خط مائل من النوع الذي نطلق عليه بالتعبير الدارج "نازل يشرب م البحر"، فيمسح ما كتبه ويكتب من جديد لكن بلا جدوى، تواصل التلاميذ أصوات الحيوانات فيلتفت إليهم محرم مبتسما هذه المرة ويقول لهم هذا ليس بجديد فقد كان تلميذا سابقا ويفعل مثلهم، بل ويطالبهم بابتكار طريقة جديدة ثم أخذ يحدثهم عن بعض نوادر الدراسة الثانوية مما جعلهم يضحكون وبهذا انتهت الحصة الأولى في حياة مصطفى محرم مدرس اللغة الإنجليزية بمدرسة الإسماعيلية الثانوية.