100 سنة كورة.. وأكثر
تهل علينا مناسبة تاريخية مهمة في هذا العام، أرجو أن تحظى بالاهتمام القومي وهي مئوية الاتحاد المصري لكرة القدم، وهي صفحة مهمة ليست فقط في تاريخ الكرة المصرية، وإنما في نمو الوعي القومي كما سنرى في المقال، ولكن المهم هو تكاتف الجميع مع اتحاد الكرة في الاحتفال بهذه المناسبة المهمة على المستوى المصري والإفريقي والعربي.
وفي مصر لعبت كرة القدم دورًا مهمًا في نمو الوعي القومي وحركة الاستقلال، ومثل غيرها من بلدان آسيا وإفريقيا دخلت كرة القدم إلى مصر بعد الاحتلال الانجليزي لمصر عام 1882، هذا الاحتلال الذي قمع الحركة الوطنية التي عُرفَت بالثورة العرابية ومع مطلع القرن العشرين عادت الحركة الوطنية من جديد على يد الزعيم "مصطفى كامل"، وترددت عبارته الشهيرة (لو لم أكن مصريًا لودَّدت أن اكون مصريًا)، ومع ذلك النداء كانت الرياضة وخاصةً كرة القدم من أهم ميادين نمو الوعي القومي في مصر آنذاك، وكان تأسيس "النادي الأهلي" الشهير في عام 1907 خير تعبير عن ذلك؛ إذ لم يأتِ الاسم "الأهلي" عفوًا وإنما كان ردًا على نشأة الأندية الأجنبية أو المختلطة في مصر، وكانت الحركة الشبابية وراء إنشاء النادي، إذ كان تعبيرًا عن نادي طلاب المدارس العليا المرتبط بالحزب الوطني- حزب مصطفى كامل- ولم يكن صدفة أن يصبح النادي الأهلي بعد ذلك هو أكبر الأندية المصرية حتى الآن.
ومع ثورة 1919 يعلو تيار الحركة الوطنية المصرية بقوة، وتبدأ مرحلة جديدة من "التمصير"، والمراد بها تأسيس مؤسسات مصرية عصرية تؤكد أحقية مصر المستقلة في العيش بكرامة مثلها مثل بقية الأمم الحرة. وعلى هذا يتم تأسيس الاتحاد المصري لكرة القدم في عام 1921 مصاحبًا لنشأة بنك مصر 1920، وتأسيس المملكة المصرية 1922، وفي نفس الفترة تقريبًا يتمكن نادي الزمالك المصري من هزيمة نادي الجيش البريطاني في مصر لأول مرة حتى وصف البعض هذا الانتصار قائلاً: "إن الانتصار على فرق الجيش البريطاني، وذهاب المصريين للعب في الخارج، والدستور الجديد- دستور 1923- كلها أمور تشير إلى بلدٍ وصلت فيه الحماسة القومية إلى نقطةٍ بالغة".
وهكذا كانت ذروة مجد الكرة المصرية هي في الوقت نفسه فترات قوة الدولة المصرية، والعكس صحيح، ولعل خير دليل على ذلك هو تدهور أحوال الكرة المصرية مع هزيمة يونيو 1967، إذ توقف النشاط الرياضي وفي مقدمته كرة القدم بعد يونيو 1967، ولم تعد الحياة إلى الكرة المصرية من جديد إلا بعد حرب 6 أكتوبر 1973، واستعادة كرامة الأمة.
وكما احتفلنا من قبل بمئوية السينما المصرية، وكان احتفالاً قوميًا شاركت فيه كل الهيئات فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدني، أتمنى أن يصبح هذا العام هو عام الاحتفال القومي بمية سنة كورة وأكتر.