«أسرار وخبايا».. سيناريو تصوري لجنوح السفينة «إيڤر جيفين» بقناة السويس
قناة السويس، الاسم الذي شغل كل عناوين الأخبار الرئيسية في كافة القنوات والصحف العالمية، يتابعه عن كثب قادة الرأي العام والرؤساء مع خبراء الاقتصاد، تتحرك لحظيًا مؤشرات البورصة تبعًا لما يجرى في هذا المرفق العالمي الواقع على أراض مصرية، بعد جنوح السفينة "إيڤر جيفين" وهي من نوع الحاويات، لتسد الممر المائي الذي يربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وتمر عبره أكثر من 10% من التجارة البحرية العالمية، لذا تجاوزت خسائر العالم حتى الآن 50 مليار دولار وفِي طريقها للزيادة.
البداية يعرفنا القبطان البحري فوزي أبوطالب عن هذا النوع من السفن، موضحا أنه من الفئة الذهبية للحاويات، لذلك فإن جنوحها على أحد جوانب قناة السويس وتسببه في إيقاف حركة التجارة بين أوروبا وآسيا، يعتبر أمرا استثنائيا، والأكثر من ذلك أن طبيعة المساحة والاتساع لقناة السويس لا تسمح بوقوع هذا النوع من الحوادث إلا نادرًا يصل لدرجة المعدوم، فالعام الماضي مر بالقناة أكثر من 18 ألف سفينة على حسب أخر إحصاء للقناة دون أي توقف لحركة الملاحة.
وأكمل، أن التفسير المبدئي الصادر عن شركة "إيفرجرين مارين" المسيرة للسفينة الجانحة، بجريدة الفايننشال تايمز بأن "السفينة واجهت عاصفة مفاجئة من الرياح القوية، ما تسبب في انحراف جسمها عن مسارها وتشغيلها عن طريق الخطأ وجنوحها" هُو سبب منطقي إذا اجتمعت معه عدة أمور آخرى، لأن الطقس في هذا اليوم وهذه الفترة بشكل عام لا يتسبب في ذلك، مضيفًا أن حوادث جنوح السفن العملاقة أمر معتاد ويحدث بشكل متكرر في الممرات المائية الضيقة نسبيا مثل قناة السويس، حيث نسبة جنوح السفن في تلك الممرات يمكن أن يكون 1 إلى 4، ويكون علاجها سهلا، بالحفر في تلك الرمال التي جنحت فيها السفينة وتنتظر قاطرة لتخرجها، وتنتهج أطقم الملاحة والارشاد بالقناة نهجها في علاج الجنوح، فمثلًا ما تعرضت سفينة "أو أو سي إس" اليابانية، وهي سفينة حاويات عملاقة بحجم "إيفر جيفين"، وتعرضت لعطل ميكانيكي في قناة السويس وفقدت التوجيه وجنحت إلى الشاطئ في مارس من العام الماضي 2020، ولكن أعيد تعويمها بعد عدة ساعات فقط، واستمرت في طريقها، ولم تتوقف حركة الملاحة في القناة الأهم عالميا.
الملاحة: الطقس كان أنسب من العام الماضي للإبحار
ما حدث هذه المرة يبدو أنه أكبر من مجرد الانجراف نحو الشاطئ، لأن القسم الذي جنحت فيه المفترض أنه مبطن بالصخور لمنع انجراف السفن تجاه الرمال، لذا استخدمت الدولة عدد كبير من الكراكات لتجريف ونقل الرمال لا سيما بعد ما اخترقت الحواجز الصخرية بزاوية حادة شديدة الانحدار وارتطمت بالرمال الناعمة خلف الصخور.
الجدير بالذكر أن التقرير الصادر عن هيئة الملاحة أوضح أن الجو كان عاصفا على طول قناة السويس، حيث بلغت سرعة الرياح ذروتها فوق 30 ميلا في الساعة، وهو لا يبرر الجنوح لأن سرعة الرياح بلغت تلك النسبة مرتين في عام 2020 بالموقع ذاته في مارس 2020 وفي مايو 2020.
أبو طالب: السفينة كانت محملة بضعف الحمولة وهو ما صعب عودتها للمسار
أبوطالب يرجح أن يكون ما حدث مع سفينة "إيفر جيفين" هُو أنها كانت محملة بصورة أكبر مما هو معتاد بالحاويات، حيث من المعتاد أن تحمل السفن نحو 800 حاوية، لكن تلك السفينة كانت تحمل أكثر من 18 ألف حاوية.
وتابع أنه "كلما زاد عدد الحاويات التي يمكنك تكديسها في سفينة واحدة، كلما قلت التكلفة الهامشية، لكن وفق هندسة السفن، هذا لا يجعل السفن يطول حجمها، بل يزداد وزنها، وتصبح قدرتها على المناورة أضعف أي الميل والتكيف على الاتجاه عند الجنوح"، وهو ما ثبت في مقطع الفيديو الخاص بجنوح السفينة، فقبل الجنوح كانت السفينة تتحرك شمالا، وكانت هناك رياحا غربية قادمة من يسار السفينة، فدفعتها تجاه اليمين.
وتابع بقوله: "إذا كنت تتجه إلى ناحية اليمين، فينبغي أن تسيّر السفينة ناحية اليسار حتى تتمكن من السير في خط مستقيم وتخرج من ذلك الموقف الصعب، لكن هذا لم يحدث من قبل قائد السفينة".
واستمر بقوله: "بعدها بـ4 ثوان غادرت السفينة منطقة الرياح وكان هناك نوع من الهدوء، وهذا يعني أنه تم تعديل مسارها ناحية اليسار، لذلك كان عليه ضبط الدفة، ولكنه في المقابل احتضن الدفة المواجهة للرياح وتخطى الجدار الصخري مرتطما في الرمال، بطريقة محيرة للغاية"، وأعلنت بعدها الهيئة تعليق حركة الملاحة مؤقتا، فيما تواصل ثمانية زوارق، جهود تعويم سفينة حاويات عملاقة، تعرضت للجنوح في الجزء الجنوبي من القناة، قبل يومين.
شركة "غاس": التعويم وأعمال التكريك هُو الحل المناسب وليس تخفيف الحمولة
كشف مصدر في شركة "غاس" للخدمات الملاحية بقناة السويس، أن عملية تخفيف حمولة السفينة الجانحة، صعبة للغاية، مشيرا إلى أنها تبدو مستحيلة، فعرض السفينة يستوعب عرض القناة بالكامل، ومن الصعب دخول معدات وأوناش لرفع الحاويات المحملة بها.
وأعلنت هيئة قناة السويس أنه يتوجب إزالة ما بين 15 إلى 20 ألف متر مكعب من الرمل، في سبيل تعويم سفينة الحاويات العملاقة التي جنحت بالقناة منذ الثلاثاء.
وقالت: "تهدف أعمال التكريك إلى إزالة الرمال المحيطة بمقدمة السفينة بكميات تكريك تتراوح من 15 إلى 20 ألف متر مكعب من الرمال يتم طردها عبر خطوط طرد خارجية خاصة بالكراكة، للوصول للغاطس الملائم لتعويمها والذي يتراوح من 12 إلى 16 مترا".