أبواق الضلال
كما توقعنا منذ ثلاثة أشهر من خلال جريدتنا الغراء «الدستور» عندما أصدر البرلمان الأوروبى بيانًا تناول فيه حقوق الإنسان فى مصر منتقدًا بعض الأوضاع التى يرى فيها انتهاكًا لتلك الحقوق، وذكرنا أن يد الإخوان الإرهابية ليست بعيدة عن صدور هذا البيان، ونوهنا إلى أن هذا البيان هو بداية لتحرك تلك الجماعة ومعها العديد من دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية لممارسة ضغوط سياسية على مصر لإعادة إنتاج تنظيمات أو أحزاب موالية لهم، وكذلك للإفراج عن العناصر المحكوم عليهم قضائيًا بتهم تمس أمن وسلامة البلاد.
وطالبنا المسئولين كلًا فى موقعه، سواء فى الخارجية أو الإعلام أو مجلس النواب، بأن يستعد لمواجهة تلك الحملة الشرسة التى بدأ الإعداد لها منذ تولى الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن مقاليد الحكم فى الولايات المتحدة الأمريكية- ها نحن اليوم نرى ذلك البيان الصادر عن ٣١ دولة بشأن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر فى محاولة جديدة للتدخل فى شئون مصر الداخلية، فى الوقت الذى تشهد فيه البلاد أفضل فترات الاستقرار والسلام الاجتماعى والأمنى، وأيضًا أعلى مؤشرات تنموية اقتصادية واجتماعية فى منطقتها، وأنجح استراتيجيات دمج إنسانى واجتماعى وتشهد قبولًا ثقافيًا لما لا يقل عن خمسة ملايين لاجئ فى مصر من مختلف الجنسيات، وأيضًا مع أعداد كبيرة من المقيمين بها فى سلام واطمئنان قادمين من شتى بقاع الأرض.
ومن هذا المنطلق كانت ردود الأفعال التى صدرت من جميع مؤسسات الدولة المعنية بملف حقوق الإنسان قد تصدت بكل قوة وثقة، لتعلن رفضها التام ما تضمنه ذلك البيان الساذج الذى جاء بشكل يشبه الموضوعات الإنشائية التى لا تستند إلى أى معلومات موثقة أو حقائق ومعلومات صحيحة عن الأوضاع الداخلية فى مصر الأمر الذى جعل وزارة الخارجية المصرية تشدد على ضرورة المراجعة الدقيقة والتوقف عن توجيه اتهامات تعبر عن مواقف سياسية غير محمودة، متجاهلة الجهود المصرية الشاملة فى مجال حقوق الإنسان بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما تم تحقيقه على هذا الصعيد خلال الأعوام الماضية... وهو الأمر الذى جعل مصر تعلن عن نفسها كقوة ناشئة تسير بثبات نحو حجز مكان لائق ومرموق فى مقدمة الصفوف الدولية.. ولكن هل الدول التى لا تريد لمصر هذا التقدم سوف تتوقف عن مهاجمتها بشتى الوسائل التى يأتى فى مقدمتها ملف حقوق الإنسان؟ لقد أشار الرئيس فى إحدى المناسبات إلى تلك المحاولات عندما قال «كلما سعت مصر للتقدم حاولوا كسر قدميها»، بالرغم من ذلك فقد فشلت جميع محاولات تلك الدول والأجهزة التى تعمل بها وأيضًا الخونة من أبناء الطابور الخامس الذى يتواجد بعضهم خارج البلاد، والبعض الآخر فى السجون من خلال أحكام قضائية نزيهة.
الحقيقة أن ردود الفعل التى جاءت من مصر للرد على هذا البيان الساذج جعلتنى على ثقة أن الشعب المصرى أصبح على قدر كبير من الوعى بالشكل الذى جعله يرفض وينتقد ويفند كل ما جاء فى هذا البيان والبيانات المتوقعة، خلال الفترة المقبلة، التى تدل على أن هناك استهدافًا لعرقلة مسيرة التنمية التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى ومعه مؤسسات الدولة التنفيذية لتغير حياة المواطن المصرى للأفضل وتوفير حياة كريمة له بعدما تحمل العديد من القرارات الاقتصادية الصعبة التى أسهمت إلى حد كبير فى تخطى العديد من الأزمات والصعاب ولعل من أخطرها حاليًا جائحة فيروس كورونا.
حتى فى السجون المصرية فقد حدثت طفرة غير مسبوقة فى كل مجالات الرعاية الصحية والإنسانية والتعليمية وغيرها ناهيك عن تلك المبادرات المستمرة التى تهدف إلى الارتقاء بالمواطن، سواء من حيث الصحة أو السكن أو التعليم وتطوير الريف المصرى ومظلة الحماية الاجتماعية والتعامل الإنسانى لرجال الشرطة فى إطار تعليمات مشددة صادرة لهم فى هذا المجال بحيث أصبح المشهد فى مصر يضاهى معظم الدول المتقدمة التى تتشدق بحقوق الإنسان.
لن يفوتنى هنا أن أتوجه لتلك الدول التى وقّعت على هذا البيان ببعض التساؤلات، وأتمنى أن تصل إليهم للإجابة عنها: أين أنتم من انتهاكات حقوق الإنسان فى محيط مصر الإقليمى فى فلسطين وليبيا، وعلى حدود إثيوبيا والسودان، وعلى حدود العراق وتركيا، وعلى حدود سوريا وتركيا وفى اليمن؟ هل لكم أن تنحازوا بحق للعدالة والحقوق وتنصروا الضعفاء والمظلومين من جيراننا الذين يعانون بحق من النزاعات والميليشيات المسلحة وتدمير المدن والقرى وانهيار سبل العيش الإنسانى؟
نريد أن نرى حكمة أوروبا الحديثة وإنسانيتها وديمقراطية برلمانها فى الانحياز الحقيقى للضعفاء والمظلومين بحق فى دول غير قادرة على حماية شعوبها من القتل والظلم وكل أشكال المعاناة الإنسانية من الجوع والسبى والسكن بالمخيمات فى أسوأ الظروف المناخية والاتجار بالبشر وسرقة الموارد، والحرمان من التعليم والرعاية الصحية، وفقدان الأمان والطمأنينة والأمل؟
نريد أن نعرف على أى أساس تمت صياغة هذا البيان الذى من المؤكد أنه جاء بناء على الاستماع إلى أكاذيب الخونة والإرهابيين الذين يمارسون أسوأ أنواع العمالة لإجهاض حالة التقدم والازدهار والقوة التى تعيشها مصر حاليًا التى تؤكد أنه لا مكان لهؤلاء الخونة مرة أخرى بها... هؤلاء الذين يريدون إطلاق يد الفوضى والانفلات والإرهاب من جديد لإفساح المجال للإخوان وغيرهم لتدمير مشروع مصر فى التقدم ومحاولة إعادتها إلى نقطة الصفر بعد أن لفظهم وعزلهم الشعب المصرى الواعى.
إن كل ما تتعرض له بلادنا من هجوم عليها من خلال ما يسمى بقضايا حقوق الإنسان يدل دلالة واضحة أننا أصبحنا دولة قوية ومحورية وأصحاب قرارنا... وأننا نجحنا فى دحر الإرهاب نيابة عن العالم... بل أصبحنا ندافع عن حقوق أشقائنا العرب الذين يعانون من التشرذم والانقسام والإرهاب وننادى بضرورة توحيدهم ونتبنى العديد من المبادرات التى تهدف لتحقيق ذلك، وهو الأمر الذى بلا شك لا يستهوى العديد من دول العالم التى لها أطماع سياسية واقتصادية فى المنطقة العربية التى تسعى إلى تقسيمها وتقزيمها للسيطرة على مقدراتها... كل ذلك يدفعنا إلى أن نتكاتف ونستمر فى فضح تلك الأبواق الضالة، وأن نتصدى لتلك الأكاذيب المضللة، وأن يستمر البرلمان المصرى والخارجية وجميع الأجهزة المعنية فى مواجهة تلك الحملات أولًا بأول... بل نستعين بمجموعات من النخب المصرية فى الخارج ونمدهم بالمعلومات والحقائق الصادقة فى ملف حقوق الإنسان والوثائق التى تجسد الواقع ليكونوا سفراء لمصر فى الوصول إلى صناع القرارات والمؤسسات المؤثرة فى دول الغرب وأوروبا لتوضيح الرؤية المصرية والصورة الحقيقية المشرقة التى تعيشها مصر حاليًا، وذلك حتى لا نعطى الفرصة للعناصر المشبوهة وطابور الخونة والعملاء للوصول إلى مراكز صنع القرار فى الخارج بهدف تشويه صورة مصر بالأكاذيب والافتراءات والادعاءات المكذوبة، وليعلم الجميع أن مصر كبيرة ولا تحتاج لمن يوجهها أخلاقيًا وإنسانيًا، وأنها تسعى بقوة وبتأييد شعبى لتحقيق أمنها وسلامها الداخلى والخارجى وتستكمل برامجها التنموية الناجحة وهى فى كل ذلك تراعى حقوق الإنسان، سواء كان مواطنًا مصريًا أو لاجئًا بها أو دارسًا فيها، وياليت من كتب هذا البيان يراجع هؤلاء ليتأكدوا من ذلك إذا كانوا بحق يناصرون حقوق الإنسان فى مصر ويسعون للعدالة والإنسانية.
وتحيا مصر.